مواضيع اليوم

نقد خطاب دعاة العمل المسلح في الساحة الأهوازية

كاظم مجدم

2016-01-12 10:01:46

0

 نقدخطاب دعاةالعمل المسلح في الساحة الأهوازية


تفرض التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الأهوازية على أنصار الحراك المدني السلمي اتخاذ مواقف واضحة وشفافة وصريحة منها، خاصة على ضوء ما تشهده الساحة السياسية والاعلامية عن عودة للشعارات المنادية بـ"العمل المسلح"، والتي تطلق غالبا من قبل مجموعات معارضة في "الخارج" وتدعو الشباب الأهوازي المخلص والمتحمس في الداخل الأهوازي إلى اشعال "ثورة مسلحة" أو تنفيذ "اعمال مسلحة" ضد النظام الايراني.

لا شك ان قمع النظام الإيراني للاحتجاجات والمطالبات السلمية وحظر الاحزاب السياسية الاهوازية والتضييق على الحراك المدني الأهوازي، دفع ببعض الشباب المتحمس الى التفكير بالمواجهة وبالتالي القيام بأعمال مسلحة غير محسوبة أعطت نتائج عكسية أضرت بالحراك السياسي العربي في الاهواز.

أدت هذه الاعمال المسلحة غير المحسوبة بنتائج سلبية على مجمل الحراك السياسي والمدني السلمي للشعب العربي الأهوازي في الداخل والذي بدأ مع الحركة الاصلاحية في إيران التي لم تجري فيها اعمال مسلحة، واستمر حوالي 8 سنوات أي من 1997 حتى 2005، مما أتاح للحراك السياسي الأهوازي التحرك بوضوح وحرية نسبية أدت الى تكوين منظمات سياسية علنية ومؤسسات مدنية.

تغيرت مجريات الأمور عقب انتفاضة 15 نيسان/أبريل 2005 بعد حوالي شهرين من انطلاقتها واثبات حضورها القوي في الشارع من خلال المظاهرات والاحتجاجات السلمية المتواصلة والتي أدت إلى ايصال صوت الشعب الأهوازي الى العالم بشكل غير مسبوق وذلك بالتضحيات التي قدمها خيرة أبناء الشعب العربي الأهوازي من شهداء وجرحى ومعتقلين ومشردينويتامى وأرامل.

قمع الانتفاضة السلمية التي شاركت فيها كافة الأجهزة الأمنية الإيرانية وأدى الى اصابة العشرات واعتقال المئات، اعطى الفرصة المناسبة لبعض المجموعات المتسرعة بالقيام بأعمال مسلحة وهو الأمر الذي زاد من ضغط النظام على الحراك السلمي والحد من نشاطيه.

وكما هو معروف، تلتزم حركات التحرر الوطني التي ترفع خطاب "الكفاح المسلح" بالمبادئ الانسانية والاخلاقية في الصراع وتفرق بين الاهداف العسكرية والامنية للنظام المعادي وبين المدنيين مهما كان دينهم او طائفتهم او عرقهم او انتماءهم السياسي والاجتماعي وخلفياتهم الثقافية. لكن المجموعات المسلحة الاهوازية التي دفعت الامور نحو مزيد من التأزم من خلال قيامها بعمليات غير محسوبة النتائج مما ساعدت السلطة ان تحرف المطالب وتجد المبررات والذرائع الكافية لاستمرار القمع وعدم الاستجابة لمطالب الشعب، خاصة بعد ما قامت بعض تلك المجموعات باستهداف المؤسسات وسقوط المدنيين قتلى وجرحى عن طريق تفجير بعض الدوائر الحكومية ومنها بنك سامان حيث قامت بها مجموعة "حركة النضال عامي 2005 و2006 (1) أو التفجير الذي حدث في شارع نادري والتي قامت به مجموعة "حركة الجهاد والتوحيد" في شهر رمضان عام 2005. كذلك الأعمال المسلحة الأخرى وآخرها كانت عملية صفي آباد في دسبول في 16 أكتوبر 2015.

إن تأثير عسكرة الساحة انعكس سلبا على الشعب الأهوازي بشكل مباشر سواء من خلال زيادة الممارسات العدوانية للسلطات الايرانية او خسارة الشعب لخيرة ابناءه الناشطين من خلال اعتقالات واعدامات.

وبناء على ما تقدم، رأينا لزاما أن نعيد شرح موقفنا الرافض للأعمال العشوائية المسلحة، التي تؤدي الى ادخال شعبنا في صراع غير متكافئ مع نظام قمعي ديكتاتوري يضرب بقوة عادة لا تفرق بين الناشطين المسلحين والسلميين مما أدى الى افراغ الساحة من الناشطين الأهوازيين الداعين الى تحقيق مصالح الشعب الأهوازي الحقيقية.

ولا شك أن المقاومة حق مشروع لأي شعب يدافع عن حقوقه المسلوبة. وإن المقاومة السلمية في وضعنا الأهوازي أثبتت نجاعتها خلال العقود القليلة الماضية، كما أثبتت التجارب ان الاعمال المسلحة لم تكن لها أية نتائج ايجابية في سبيل تقدم القضية الاهوازية وان الانجازات التي تحققت خلال العقود الاخيرة كانت بفضل تبني خطاب النضال السلمي واعتماد العمل السياسي والثقافي لتوعية ابناء الشعب العربي الأهوازي.

وخلال السنوات الماضية، عادت مرة أخرى مسألة الترويج لظاهرة "الاعمال المسلحة" في الأهواز من قبل مجموعات سياسية اهوازية في المنفى، لواجهة الاحداث، وعلى نفس النهج التقليدي للعمل المسلح الأهوازي الذي غالبا ما اتسم بـ "العشوائية " و"العبثية" و"المصلحية. ونقول عشوائية لأنها استهدفت مواطنين أبرياء (بقصد أو دون قصد)، كما تعتبر اعمال عبثية لأنها دون اهداف محددة، وكونها موجة الى اثبات وجود المجموعات في إطار التنافس على تصدر الساحة السياسية الاهوازية وليس بهدف خدمة الشعب تصنف بالمصلحية.

إن دعاة العمل المسلح من المجموعات السياسية في الخارج استغلت وتستغل حماس الشباب المندفعين، بدل من أن تقدم لهم مشاريع سياسية،تدفع بهؤلاء الشباب وتحرضهم نحو الاستمرار بالأعمال العشوائية المسلحة وذلك لاستثمار هذه الاعمال والظهور بمظهر القيادة وادعاء تمثيل الأهوازيين سياسيا في الخارج من خلال عقد ندوات ومهرجانات خطابية حماسية، وتوظيف وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لتكريس فكرة "العمل المسلح" كحل وحيد للقضية الاهوازية، دون ان تتضرر هذه المجموعات السياسية في الخارج بشكل مباشر. لكن النتائج الكارثية وقعت وتقع على الشباب في الداخل.  


العمل المسلح والمجتمع الدولي

وكانت هذه الاعمال العشوائية المسلحة تشوش دوما على النضال السلمي لأبناء الشعب العربي الأهوازي سواء على   مستوىالحراك السياسي والمدني في الداخل او الحراك الحقوقي الأهوازي في المحافل الدولية، حيث يقوم النظام الايراني وبادعاءات زائفة، بتصوير حراك شعبنا على انه "عمل تخريبي يزعزع الامن والاستقرار" مستغلا ما يقوم به بعض الشباب المتحمس من حركات غير محسوبة.

وإذا كنا ندين التصرفات الهمجية والقمع والعنف والارهاب الحكومي المنظم الذي يمارسه النظام الايراني ضد الشعب العربي الأهوازي وسائر الشعوب والاقليات في إيران، بما يتنافى مع حقوق الانسان والقوانين الدولية، فيجب علينا نحن أيضا، أن نلتزم ونلزم النظام بالقوانين الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان كأرضية مشتركة يمكن الاحتكام اليها بين شعب مضطهد ونظام ديكتاتوري قمعي ظالم.

فإذا كان لنا أن نقر بحقيقة أننا نعيش في عالم واحد وأن التأثيرات التي يمكن أن نحدثها لا تمس مجتمعنا وكل ما يحيط بنا فحسب، بل تمس العالم بأسره، فلا بد لنا من الاعتراف أيضا اننا لن نكون فاعلين مالم نتقيد بالقوانين الدولية المعمول بها وخصوصا الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

من جهة أخرى، أثبتت التجربة الاهوازية كما غالبية حركات التحرر الوطنية في العالم أن مقاومة سياسات العنصرية والاضطهاد القومي والتفريس عبر الوسائل السلمية كالاحتجاجات والمظاهرات ووصولا الى العصيان المدني والتي تجعل ايدي النظام مكبلة لا يستطيع رفضها او مواجهتها، هي أنجع وأفضل الطرق لاستمرار حيوية الحركة الوطنية و جذبها لكل شرائح المجتمع الأهوازي، وكسب تعاطف الرأي العام الداخلي والخارجي وطرح القضية الاهوازية في المحافل الدولية على اعتبارها قضية حقوقية لشعب ينبذ العنف والارهاب ويرزح تحت نير التمييز والعنصرية والاضطهاد القومي التي يمارسها عليه النظام الايراني.


بعض الأمثلة الكارثية على فشل الاعمال المسلحة

عملية صفي آباد ـ (مجموعة جند الفاروق)

هذه العملية هي الأولى من نوعها حيث طابعها "الديني" حيث أنه لأول مرة تحدث عملية مسلحة تستهدف موكب عزاء شيعي وتقتل شخصين وتجرح شخصين آخرين من المواطنين الابرياء. وذكر مسؤولي النظام والمدعي العام والمحقق الخاص حول هذه القضية أنها نفذت من قبل مجموعة "سلفية". مما يدل على أن النظام يحاول من خلال هذه الحادثة حرف النضال من " صراع سياسي الى صراع طائفي". والمفارقة اندعاة العمل المسلح صفقوا وطلبوا وطبلوا للعملية وأثنوا على منفذيها وصنفوها ضمن إطار "العمليات المسلحة ضد العدو الفارسي" رغم طابعها الديني (غير السياسي) ونسبوها الى جهة مجهولة يطلقون عليها مسمى "كتائب سنة الأحواز" دون تحديد هويتها.

انظر الرابط:http://goo.gl/JRcNMQ

ومن ثم أعلنت السلطات الايرانية اعتقال 15 شابا أهوازيا على خلفية هذه الحادثة. واتهمت مجموعة تطلق على نفسها "كتيبة جند الفاروق" بالوقوف وراء العملية. وقال محقق القضية لوسائل الاعلام الايرانية ان عددا من هؤلاء الشباب متهمون بـ "محاربة الله والرسول".  بمعنى انه من المحتمل ان تصدر المحكمة حكم الاعدام ضدهم.

وهذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا ـ في مقالات سابقة ـ وقلنا ان السياسيين الأهوازيين الذين يرفعون خطابا متطرفا، سواء عبر مواقعهم الالكترونية او من على منابر بعض القنوات الفضائية ـ غير مكترثين بتأثير هذا الخطاب على الشارع الأهوازي وخاصة على فئة الشباب المتحمس ـ هؤلاء يتحملون القسط الاكبر في هذا الانحراف لمسار القضية الاهوازية ومسيرة النضال الأهوازي.

ويحاول النظام الايراني جاهدا دفع "حركة الاصلاح الديني الاهوازية" نحو التطرف، كما فعل سابقا مع الحركة السياسية المطالبة بحقوق الشعب العربي الأهوازي، كي يبرر القمع.

ولكن للمفارقة، يحاول السياسيون من دعاة "العمل المسلح" أيضا دفع "الحراك الديني الأهوازي" نحو التسييس والتطرف، وذلك بركوب موجة الصحوة الدينية خدمة لأهدافهم.

وقد حاولت "حركة الاصلاح الديني الاهوازية" خلال عقدين الوقوف أمام الخرافات باسم الدين للسيطرة على شعبنا واغراقه في الجهل ولكن هذا لا يعني أبدا الترويج لأجندة صراعات طائفية أو تغيير نضال شعبنا من نضال سياسي وطني في سبيل الحرية والعدالة الى صراع سني – شيعي مع النظام الايراني.


كتائب محيي الدين آل ناصر

تفيد الوثائق التي تسربت من المحكمة ونشرها أحد المواقع الاهوازية (موقع المحمرة التابع لصباح الموسوي) عام 2006 أنه بعد العمليات التي قامت بها "كتائب محيي الدين آل ناصر" (هذه الكتائب تابعة لمجموعة "حركة النضال" ومتهمة بتنفيذ سلسلة تفجيرات عامي 2005 و2006 في المؤسسات الحكومية كمبنى القائم مقامية ودائرة الموارد الطبيعية وبنك سامان ودوائر أخرى)(2)  قامت اجهزت الاستخبارات بمراقبة كافة الاتصالات الهاتفية الداخلية والخارجية للنشطاء السياسيين ومن خلال هذه المراقبة الدقيقة تمكنت من القاء القبض على السيد "جليل مقدم".  كانت مهمة جليل مقدم نقل مبلغ من المال قدره 50 مليون ريال من "سعيد حميدان" الى "على مطيري". بعد هروب حبيب نبكان ودعير نيسي (أبو ناهض) الى الامارات العربية المتحدة أوكلت مهمة نقل هذا المال الى "جليل مقدم". وكان السيد حبيب نبگان على تواصل مع جليل مقدم عبر هاتف النقال من الامارات المتحدة العربية ... وهكذا تمكنت الاستخبارات الإيرانية بسهولة اعتقال جليل مقدم الذي كان يتواصل عبر الهاتف ولم يستخدم وسائل اتصال أكثر امنا مثل الانترنت التي كانت متوفرة آنذاك ... وبعد اعتقال جليل مقدم استطاعت الاستخبارات تنتزع المعلومات التي أدت الى اعتقال "على مطيري" المسؤول الميداني للكتائب وبعد ذلك كل أعضاء التسعة للكتائب في يوم واحد! (3)

وتكررت مثل هذه الأخطاء في السنوات اللاحقة التي تلت هذه الكارثة وأدت الى اعتقال واعدام المزيد من الشباب المتحمس الذي انخدع بشعارات هذه المجموعة الطوباوية، مما يدل على خلل بنيوي في التنظيم لا يريد القادة الذين هربوا للخارج مع عوائلهم البوح به والكشف عنه لتفادي تكرار الأخطاء.


عملية الشعيبية (كتيبة آل عمران)

وكمثال آخر على الاعمال المسلحة نأخذ مثالا "عملية منطقة الشعيبية"، التي قامت بها "كتيبة آل عمران" (التابعة لمجموعة حركة النضال) عام 2008. حيث كانت العملية التي خطط لها لمدة 6 أشهر، على ان تقوم المجموعة بمهاجمة مخفر للشرطة. ولكن قبل حوالي ليلتين من تنفيذ العملية جاءت الاوامر من قيادة الحركة في أوروبا بتغيير الخطة. واعطيت الاوامر للمجموعة بمهاجمة مؤسسة "تحلية وتصفية المياه القبائل والارياف" في الشعيبية. وفي تاريخ 25 مارس 2008 قامت المجموعة بمهاجمة بناية تابعة للمؤسسة وقام المهاجمين باقتحام المبنى حيث واجهوا اول حارس مدني غير مسلح عند المدخل، وكان عربيا من قبيلة بني كعب من اهالي المنطقة يدعى "عبد السادة كعب ابن عبد الحسين" ورفع يديه وناشدهم بأن لا يقتلوه لأنه مجرد حارس. ولكن سرعان ما أطلق النار عليه أحد اعضاء المجموعة وهو "محمد الكعبي ابن فالح" وأرداه قتيلا. ولكنه بنفس اللحظة تلقى طلقة قتلته في المكان من قبل حراس المفرزة الأمنية الذين بادروا بإطلاق النار فور سماعهم إطلاق النار على حارس البوابة.

ومن ثم اضطرت المجموعة للانسحاب تحت كثافة وابل النيران. ساحبين جثمان رفيقهم وهاربين بعيدا عن طريق احدى الغابات في منطقة الشعبيبة. وبعد أيام حاولت المجموعة الفرار الى العراق بعد ما سلموا جثمان "محمد فالح" الى اهله. لكنهم واجهوا مشاكل مادية ولجأوا الى محاولة بيع ذهب "نبية سليماني (عمة محمد فالح وزوجة خليل قاطع الكعبي) وفي طريقهم الى عبادان تم القاء القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية في 9 أبريل 2009.

يذكر أن رصدهم من قبل الاستخبارات الإيرانية تم عن طريق مراقبة الهواتف ورصد اتصالاتهم مع أحد اعضاء مجموعة "حركة النضال" وهو "زمن سليماني" (طارق الكعبي) في اوروبا. الاتصالات كانت هاتفية وقد كان بالإمكان استعمال بريد الكتروني آمن أو أية وسيلة اتصال أمنة أخرى لمثل هكذا أمور، ولكن عدم خبرة المنفذين والاهمال واللامبالاة من قبل قادة مجموعة "حركة النضال" وعدم الاكتراث لأرواح البشر قادت الى هذه الكارثة.

 والغريب في الأمر ان مجموعة حركة النضال، لجأت مرات أخرى لنفس الأسلوب في استعمل الهواتف النقالة في اتصالاتهم ولم تأخذ العبرة من كشف وتحطيم كل خلاياها في سنة 2005 اذ كانوا يستخدمون نفس الأسلوب المكشوف للتواصل!!

ولايزال أعضاء ومنتسبي الحركة لا يتقنون الحاسوب جيدا، ولم يزودوا اجهزتهم برامج حماية ضد القرصنة والتنصت!! يصرفون الأموال للفنادق والندوات والمظاهرات والرحلات المكوكية والكماليات والحاجات الشخصية للقيادات المنصبة... ولم ينفقوا درهما للتعلم أو ارسال اعضائهم الى دورات تعلم الحاسوب أو تقنيات الاختراق والتجسس وطرق الحماية منها.

تعاني المجموعات الأهوازية في الخارج صعاب كثيرة، لكن من أكثر المشاكل خطورة، هو عدم الاهتمام بالجوانب الأمنية ووضعها اولوية قصوى بين أعضاء المجموعات. ويرى المتابع جليا سهولة تغلغل أجهزة الاستخبارات في هذه المجموعات. والامثلة كثيرة من أشخاص التحقوا بهذه المجموعات ثم عند رجعوهم الى الاهواز، اعتقلوا أو سلموا أنفسهم للسلطة الإيرانية وكشفوا كل أسرار هذه المجموعات الى أجهزة الاستخبارات الايرانية.

ومن هنا نستنتج بأن تبعات هذا التغيير في مخطط العملية المسلحة والتحكم بها من الخارج كانت كارثية على المجموعة حيث قتل "محمد فالح" وأعدم "خليل قاطع الكعبي" و"سعيد السعدي"، وايضا صدر حكم على "عيسى كاظم الكعبي" ـ عضو المجموعة الوحيد الذي بقي على قيد الحياة ـ بالسجن 30 عاما. وكان "عيسى كاظم كرم الله جعب"، 20 عاما،يقضي خدمته العسكريةآنذاك، وقد ذهب بعد العملية الى بوشهر لإكمال خدمته العسكرية وكان يظن ان اعضاء المجموعة الاخرين سيتمكنون من الهرب الى العراق. وكان عيسى قد حكم عليه بالسجن 30 سنة بالإضافة للإبعاد من الاهوازالي مدينة مشهد، ولكن تعرضت رجله للكسر في السجن وخرج في اجازه علاجيه مضمونة بـ 20 ألف دولار واستطاع بعد ذلك الهروب الي تركيا.

الملاحظات المستخلصة من تحليل هذه العملية

-         توريط شباب في مهمات وعمليات عسكرية غير مؤهلين على تنفيذها (دون تدريب وخبرة كافية)

-         تركت قيادة الحركة هؤلاء الشباب لمصيرهم مما أدى الى اضطرارهم لبيع ذهب نساءهم حتى ينقذوا أنفسهم من الاعتقال.

-         عدم تلقي اي دعم مادي او معنوي، حيث كان اعضاء المجموعة يشترون الذخيرة والسلاح من رواتبهم ومواردهم الذاتية.

-         استخدام اتصالات مكشوفة عبر الهاتف وكان يتم رصدهم وكشفهم بسهولة.

-         القيام بالعملية دون التفكير لكيفية الهروب ودون وجود خطط لانسحاب آمن، ولم يكن لدى "حركة النضال" بشكل خاص أي خطة لهروب اعضاء المجموعة بعد تنفيذ عملياتهم إذا ما تم كشفهم وهذا يعني ان الحركة تورط هؤلاء الشباب ومن ثم تتركهم لمصيرهم. المثال هروب "عيسى كاظم الكعبي" الذي هرب الى اوروبا بجهوده الذاتية، بصعوبات فائقة، وبمساعدة الخيرين من الأهوازيين.

-         انعكاس هذه العملية على الرأي العام المحلي الذي استنكر هذه العملية التي مست حياة أناس أبرياء غالبيتهم عرب.

-         تحفيز الأجهزة الأمنية على زيادة رصدها للناشطين وتضيق الخناق عليهم بشتى السيل.


التستر على الأخطاء وعدم تدوين التجارب

لم تشرح حركة النضال ليومنا لأهالي الشهداء ولا للرأي العام الأهوازي، كيف تم اعتقال مجموعات "كتائب محي الدين" عام 2006 وكيفية هروب قادة الحركة النضال الى الخارج مع عوائلهم، بينما تم اعتقال كافة أعضاء المجموعات التي نفذت عمليات 2005 و2006.

المعلومات المتوفرة تفيد بان كتائب محي الدين كانت تتألف من ثلاث مجموعات. كل مجموعة لا ترتبط بالمجموعة الأخرى، حيث ان أحد افراد المجموعة لم يكن يعلم ان ابن خالته يعمل في المجموعة الثانية. التجمعات تكون سرية والافراد ملثمين ولكل شخص كنيته. إذا كيف تم اعتقالهم جميعا في بيوتهم وفي يوم واحد؟ ما هي الاخطاء القاتلة التي سمحت للاستخبارات من القضاء التام على كتائب محيي الدين في فترة قصيرة؟ من دل الاستخبارات على مخبأ "على مطيري" الشخصية الرئيسية لارتباط المجموعات بعضها ببعض، رغم انه كان يسكن في مكان لا يعرفه أحد وله هوية مزورة؟ لماذا مجموعة "حركة النضال" هربت اعضاء غير مهمين وتركت عضو الكتائب الاهم والشخصية الرئيسية في مجموعتها "على مطيرى" يقع بقبضة الاستخبارات؟ لماذا تتستر الحركة وتتكتم على الاخطاء القاتلة التي ارتكبت على رغم ان المعلومات كلها بحوزة الاستخبارات؟



أسباب رفضنا المبدئي للأعمال المسلحة

                                                           

إن الموقف من الكفاح المسلح و رفضه والاصرار على النضال السلمي في الحقيقة تجاوز كونه قضية رفاهية و اختلافا في الرؤية حول آليات النضال ضد النظام الايراني و الاستراتيجية التي يجب اعتمادها في الحالة الاهوازية الى ضرورة واقعية ملحة لا تترك أي خيار آخر سوى التمسك بالمقاومة السلمية لأسباب كثيرة أهمها عدم التكافؤ في ميزان القوى و نية النظام المبيتة في تصفية الحراك الأهوازي و تفريس الإقليم،  فهذا النظام الذي يرسل جيوشه الى سوريا و العراق و اليمن و لبنان و ينشط في زرع الخلايا الارهابية لن يتوانى عن قصف الاهواز بالطائرات و الصواريخ اذا ما وجد الفرصة المناسبة لذلك.

وبالعموم يمكن لنا ايجاز اسباب رفض النضال المسلح بما يلي:


أولا: عرقلة مسيرة النضال السلمي

تسببت الاعمال المسلحة العشوائية بعرقلة مسيرة النضال السلمي التي نشأت خلال العقدين الماضيين بجهود وتضحيات شباب مخلصين دفعوا خلالها اثمانا باهظة لإبقاء جذوة المقاومة مستمرة في سبيل احقاق حقوق الشعب العربي الأهوازي.

والمتابع للأعلام الايراني يلاحظ بان السلطة تركز فقط على نشر اخبار التفجيرات ولا تسمح بنشر اخبار الانتفاضة السلمية ولا مطالب الناس ولا حتى الضحايا المدنيين الذين يسقطون على يد قوات الأمن.وهنا يجب ان نسأل قبل الانتماء الى هذه المجموعات المسلحة، لمصلحة من تصب هذه العمليات المسلحة العشوائية؟


ثانيا: عدم وجود حاضنة

 أثبتت التجارب خلال العقود السابقة أنه ليست هناك "حاضنة" للعمل المسلح في المجتمع الأهوازي وهذا ما يعترف به حتى دعاة العمل المسلح أنفسهم وذلك في تصريحات عديدة، والدلائل على ذلك كثيرة أهمها:

-         عدم وجود طبيعة جغرافية ملائمة للعمل المسلح كالجبال في كردستان او الصحاري في بلوشستان للاحتماء بها وتشكيل قواعد عسكرية للانطلاق وتنفيذ العمليات

-         عدم وجود عمق استراتيجي كبلد مجاور يمكن اللجوء اليه في الحالات الطارئة كما يلجا أكراد إيران لكردستان العراق وبلوش إيران لبوشستان باكستان.

-         عدم تعاطف الشعب الأهوازي وتفهمه وتقبله للأعمال المسلحة 

-         عدم وجود أحزاب او تنظيمات سياسية على الأرض تحمل خطاب الكفاح المسلح وتمارسه على أرض الواقع وهذه المجموعات قليلة العدة والعدد التي ترفع خطاب الكفاح المسلح يتواجد قياداتها في الخارج ويقتصر نشاطهم على اصدار البيانات.

-         صعوبة الظروف السياسية والأمنية بسبب وجود نظام أمني بوليسي يفرض قبضة حديدية مما يجعل الأرضية غير مهيأة لممارسة أسلوب الكفاح المسلح.

-         إن الغالبية العظمى من منفذي الاعمال المسلح ليسوا مدربين وليس لديهم خبرة كافية لمثل هكذا مهمات وبسبب عدم تعاطف الشعب مع هذا النوع من الاعمال لا يجدون مكانا للاختباء او حتى من يساعدهم في الهرب وغالبا يفتقرون الى التمويل ويتركون يواجهون مصيرهم وحتى من أقرب الناس لهم او باقي الناشطين السياسيين.

-         إن الخطاب الطوباوي المشجع للمقاومة المسلحة في هذه الظروف يورط شبابا في مقتبل العمر في مغامرات لا قبل لهم بها. في حين يفلت مناضلي الفيس بوك وشبكات التواصل الاجتماعي وأصحاب غرف البالتوك والسياسيين الذين يروجون للكفاح المسلح عبر الفضائيات من مخاطر هذه الممارسات والنتائج الكارثية، لأنهم بكل بساطة يعيشون في الغرب ببلدان آمنة.



ثالثا: تشويه النضال السلمي امام الرأي العام الدولي

الاعمال المسلحة العشوائية هنا وهناك التي يسقط خلالها مدنيين في الكثير من الاحيان اعطت الذرائع للنظام كي يشوه النضال السلمي، ويدعي في الداخل وفي المحافل الاقليمية والدولية بأنه ليست هناك حركات سياسية ومدنية بل إن البلد ضحية العنف والارهاب من قبل مجموعات مسلحة وأن يقول انه ينفذ الاعدامات وحملات الاعتقال للحفاظ على أمن المواطنين ويبرر القمع ويحاول إسكات الرأي العام العالمي والعربي والإيراني بتلك الحجج ايضا.  وتعمل وسائل اعلام النظام وعلى راسها قناة برس تى في الناطقة بالإنجليزية على ترديد هذه الرواية وتشويه نضال الشعب الأهوازي وتصويره على انه نشاط تخريبي للتغطية على قمعه للحراك السياسي للشعب العربي الأهوازي وكذلك بقية الشعوب في إيران.

وللعلم فإن جميع من اعتقلوا بعد التفجيرات أطلق على ملفاتهم عنوان " ملفات التفجيرات" واغلبهم لا علاقة لهم بالتفجيرات أو الاعمال المسلحة انما كانوا مجرد نشطاء سلميين خرجوا بمظاهرات او كانوا ضمن حزب الوفاق او المؤسسات الثقافية التابعة له.



رابعا: العمل المسلح والمتغيرات الدولية

إن المتغيرات التي حدثت في السياسة الدولية بعد احداث 11 سبتمبر خلال السنوات الماضية وأحداث الربيع العربي وظهور تنظيمات متطرفة كداعش وغيرها، جعلت من قضية مكافحة الارهاب أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي ولأغلبية حكومات ودول العالم، وأصبحت الكثير من الحركات المسلحة تحت المجهر، مما أدى الى خلط مفهوم المقاومة المسلحة والارهاب، الأمر الذي حدا بالكثير من حركات التحرر الوطني ان تغير استراتيجيتها باتجاه تبني النضال السلمي. وقد أصبح درج غالبية الحركات المسلحة في خانة الارهاب أمرا سهلا ورائجا، مما أدى الى أن العديد من الحركات الوطنية بتغيير عن هذا النهج واتخاذ النهج السلمي كإسلوب واستراتيجية لتحقيق الاهداف الوطنية.

وأمامنا أمثلة الربيع العربي في العراق وسوريا وبلدان عربية أخرى، حيث تم تشويه نضال الشعب من خلال دخول أو ادخال العناصر المتطرفة على الكفاح المسلح في سوريا مثلا مسببا لتشويه قضية الشعب السوري وثورته. بينما في المقابل قدمت جائزة نوبل لسلام في هذا العام الى أربعة مؤسسات مدنية لكفاحها السلمي في تونس.


خامسا: لم نستنفد طرق النضال السلمي

يزعم دعاة العمل المسلح بان الكفاح السلمي لم يحقق اهدافه مع العلم ان الحركة الاهوازية لم تأخذ فرصتها بما يكفي كي تمارس النضال السلمي، وحتى في فترة وجود حركة الوفاق كحركة مدنية سلمية التي تعد الفترة الوحيدة التي مارس الاهوازيون خلالها العمل السلمي، حدثت في تلك الفترة بعض الاعمال المسلحة (مثلما قامت به حركة الجهاد والتوحيد). غير أنالحكومة الاصلاحية فرقت بين الحراك المدني والاعمال العشوائية المسلحة في تلك الفترة وقامت باعتقال منفذي بعض العمليات المسلحة التي حدثت في عام 1999ولم تقم بحظر حزب الوفاق في تلك الفترة، كما فعلت حكومة احمدي نجاد المتشددة لاحقا.

اذن الكفاح السلمي لم يأخذ فرصته بشكل كافي وكما يجب أن يكون، ولم يستنفذ الاهوازيون كل الطرق والوسائل السلمية كي يلجؤوا للأعمال المسلحة كما يبرر دعاة العمل المسلح.

من جهة أخرى، وفي ادعاء جديد، يزعم دعاة العمل المسلح بان الساحة الاهوازية تستوعب الكفاحين السلمي والمسلح، وانهما يكملان بعضهما البعض ويرفعون شعار "القلم بيد والبندقية بيد أخرى"، لكن هذا المنطق يتناقض مع الواقع السياسي والامني والاجتماعي الذي يعيشه المجتمع الأهوازي. حيث ان النظام الايراني يقمع كل الحراك السلمي والمسلح إذا حدثت هناك اعمالا مسلحة ولو بسيطة، ويحظر كل عمل سلمي تحت ذريعة ان الاحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية والمدنية مخترقة، وأصبحت مضلة لتجنيد العناصر للمجموعات المسلحة. كانت هذه الحجة أحد الاسباب الرئيسية لحظر حزب الوفاق وكذلك اغلاق مكتبة اشراق وجريدة "همسايها" لأن بعض منسبي الحزب او العاملين بهذه المؤسسات الثقافية كانوا اعضاء بمجموعات مسلحة. ولا يزال النظام يمنع تشكيل اي حزب عربي في الاقليم تحت هذه الذريعة بناء على تجربة حزب الوفاق بالتحديد.

من جهة أخرى، إن التكاليف التي تدفعها السلطة لقمع حركة سلمية أكثر مئات المرات من تصديها لمقاومة مسلحة. فإن القضاء على الحركة السلمية صعب جدا والمناضلين يكونون بمنأى ـ إلى حد ما ـ عن بطش النظام بسبب طبيعة المناهج والأساليب المتخذة من قبل المقاومين السلميين. هذه السباب وغيرها تجعلنا نفكر ونعمل جاهدين ونبذل كل ما بوسعنا من أجل خلق مقاومة حقيقية على أرض الواقع ولكن من النوع السلمي، المقاومة المواكبة للخطاب الدولي الرافض لكل أشكال العنف، المقاومة التي تستطيع كسب احترام وتقدير ودعم الرأي العام الإيراني والعربي والعالمي. المقاومة التي تكسب تعاطف لا ان تخلق مزيد من الأعداء وتبرئ منها حتى أهلها!!  


سادسا: مقولة مواجهة النظام بلغة الرصاص

نحن نرى بان هذا المنطق يصب في مصلحة النظام لأنه يعني اننا انجررنا للميدان الذي هو بالأساس ملعب النظام أي "العنف" حيث نرى بأنه الاقوى وأكثر خبرة في هذا المجال ويمارس القمع المفرط والوحشي ضد اي عمل مسلحة كما يقوم بإعدامات جماعية وسريعة لأعضاء اي مجموعة مسلحة عند كشفها. كما غنه يساعد بقمع حتى حركات الشعوب الاخرى في العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية بمساعدة الحكومات القمعية ضد شعوبها او تسليح ميليشيات ضد الحكومات الشرعية وخلق بلبلة وصراعات داخلية مسلحة في مختلف البلدان.


عدم وجود مشروع سياسي وأهداف محددة

يفتقد دعاة العمل المسلح الى مشروع سياسي بل يطرحون الشعارات بدلا عن طرح المشروع السياسي، كرفعهم شعار "التحرير" او "الكفاح حتى النصر" مثلا دون برنامج عملية حول كيفية تحقيق هذه الشعارات. وليس لدى هؤلاء اهدافا سياسية محددة. كما أنهم فشلوا حتى في تحقيق الشعارات التي يطرحونها مثل مبدأ "خلق توازن قوى أو توازن رعب" مع النظام الايراني القمعي.

إن دعوة رفع السلاح من قبل شباب متحمسين ينتمون لشعب قليل العدة والعدد ومنقسم على نفسه، ضد نظام قمعي عسكري أمني، هي زج بهم في المحرقة أو الى الجحيم من أجل تحقيق أحلام أشخاص يعيشون خارج البلد بحرية وأمان.

أما بالنسبة لقولهم بأنهم ينفذون عمليات مسلحة من اجل لفت الراي العام الدولي، ووسائل الاعلام العالمية نحو القضية الاهوازية وتوجيه انظار العالم إلى مأساتنا، فما حدث هو العكس حيث استطاع النظام بآلته الاعلامية الضخمة التي يمتلكها ان يصور نضالنا مجرد اعمال تخريبية تستهدف الامن والاستقرار والمنشآت الحيوية. كان الاجدر بهؤلاء، دعاة العنف، أن يتجهوا نحو الاساليب السلمية وطرق أخرى أكثر فاعلية وملائمة للأوضاع الدولية الحالية، ومراعاة ظروفنا الذاتية والموضوعية وإمكانياتنا المتواضعة لإيصال صوت معاناة الشعب العربي الأهوازي الى العالم.

وبسبب عدم وجود مشروع سياسي واضح وحقيقي، تتبني غالبية هذه المجموعات خطاب المنظمات والاحزاب والمجموعات المدرجة اسماءها على قائمة الارهاب كحزب البعث، القاعدة وغيره أو اصدار بيانات مناشدة ومبايعة لرموزها الفارين كمبايعة عزة الدوري، ومدح الطغاة كصدام حسين وغيره، او تبني خطاب الاحزاب والمنظمات المعادية للديمقراطية، او تقليد اساليب المنظمات الاجرامية او ادلاء بتصريحات خاطئة او غير مدروسة تؤيد بعض الحركات المتطرفة. (على سبيل المثال كانوا في بداية ظهور داعش للعراق يقولون بان هذه مقاومة عراقية ضد الحكومة). وصفحاتهم على الفيس بوك وسائر مواقع التواصل الاجتماعي تزخر بمدح الطغاة كهيتلر وصدام حسين والقذافي وبن لادن وغيرهم.

ويجب الاشارة إلى نقطة هامة وهي أنه من المستحيل تقييم عمل المجموعات المسلحة لأنها تفتقر الى أية استراتيجية أو أهداف مرحلية او بعيدة المدى.


نتائج عسكرة الحراك السلمي

لقد حذرنا مرارا وتكرارا من عسكرة الحراك السلمي حيث أن تبعات عسكرة انتفاضة 2005 السلمية مازالت ماثلة امام اعيننا وكانت نتائجها السلبية كثيرة ويمكن تلخيصها بما يلي:

1-   ازدياد سياسة التفريس. كانت من اهم نتائج عسكرة الانتفاضة حيث بدأ النظام بتشديد وتيرة التهجير وعمليات التفريس. جلب عشرات الالاف من العوائل من عشائر اللور والبختيارية الرحل واساكنهم ومنحهم اراضي ووظائف وسكن وامتيازات في المناطق العربية.

2-   اغلاق عشرات المؤسسات الثقافية مثل اغلاق جرائد "صوت الشعب"، "الحديث" و"همسايها" واغلاق مكتبة اشراق العربية الوحيدة في مدينة الاهواز واسكات جميع الاصوات الناشطة.

3-   منح المناصب للعرب انخفضت بعد عسكرة الانتفاضة حيث اعطت التفجيرات العشوائية الذرائع للوبيات غير العربية (اللور والدسابلة والشوشتريين) ليستحوذوا على تلك المناصب ووضع صورة عن العرب، على انهم يزعزعون الامن والاستقرار. وأن هناك مجموعات تقتل الابرياء وان العرب غير جديرين بالثقة، عند صناع القرار في طهران. بذلك تم حرمان العرب من مسؤوليات ومناصب ادارية وهذا الامر مستمر من خلال ارسال التقارير التي تبالغ بحجم الاعمال المسلحة التي تقوم بها بعض المجموعات من اجل المزيد من القمع وتهميش العرب وازالتهم عن الساحة.

وبصريح العبارة، تسببت قضية عسكرة الحراك السلمي بفسح المجال للأقليات المحلية في الاهواز من الدسابلة والشوشتريين واللور وغيرهم أن يستغلوا الفرصة وان يطرحوا أنفسهم كبديل للسلطة لاستلام المناصب الحساسة والادارات وكل مفاصل السلطة في المحافظة.

4-   خوف الناس الأثرياء ذو الإمكانيات الاقتصادية الجيدة من تمويل أو الاستثمار في أي نشاط ثقافي او مدني وما شابه (مكتبة اشراق مثالا).


ركوب موجة التسنن

لقد نشأت حركات دينية منذ التسعينات في الساحة الأهوازية في الداخل وذلك ردا على فشل نموذج الدولية الدينية الشيعية لنظام ولاية الفقيه في إيران. وأهم هذه الحركات ما أطلق عليها "حركة الاصلاح الديني" التي ولدت ضمن الإطار الشيعي ومن بعدها " حركة التسنن" أي "التحول من المذهب الشيعي الى مذهب اهل السنة والجماعة" وهي حركات ولدت من بطن المعاناة والاضطهاد اليومي الممارس من قبل النظام الايراني ضد عرب الاهواز، ولذا يمكن القول بانها ظواهر أهوازية بامتياز نظرا لأسباب نشوئها وتطورها وانتشارها التي غالبا ما نجدها نتيجة لما يتعرض له هذا الشعب من سياسات اضطهاد وتجهيل وبث الخرافة وقمع الحريات باسم المذهب والدين. ولهذه الحركات بيئة جاهزة ومجتمع يتعرض لشتى صنوف الحرمان والاضطهاد من قبل نظام يحكم باسم المذهب ويمارس قمعا واضطهادا عنصريا ضد ابناء هذا الشعب بسب قوميتهم فقط.

إن شعبنا العربي الأهوازي أول من عانى ويعاني من تسييس الدين واستخدام المذهب لأغراض سياسية، حيث خدع في بداية الثورة بالشعارات الدينية البراقة التي رفعها نظام الجمهورية الإسلامية كالعدالة والمساواة والتي لم يحصدوا منها سوى التمييز والاضطهاد والقمع.

وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت المجموعات السياسية في الخارج تركب موجة التسنن من اجل مصالح حزبية وفئوية وبهدف كسب الدعم من قبل بعض الجهات الدينية. وقد تغير خطاب ونهج المجموعات المسلحة من اهداف وطنية وقومية إلى ركوب موجة التسنن وتجنيد الشباب الذين يغيرون مذهبهم من الشيعة الى السنة. ويحاول دعاة الاعمال المسلحة الذين لا يؤدي غالبيتهم العظمى الشعائر الدينية، اضفاء الطابع الديني والطائفي للأعمال المسلحة وحتى السياسي. بهدف كسب الدعم من الجهات الاخوانية والسلفية وغيرها في العالم العربي من المتعاطفين مع القضية الاهوازية حيث يعتقدون بان القضية الاهوازية قضية دينية بالدرجة الأولى.

إن التطور الحاصل بتأثير بعض الاشخاص والمجموعات التي تروج لإعطاء الطابع الديني للأعمال المسلحة، أدى إلى وقوع حادثة كتلك التي وقعت في بلدة صفي آباد في دسبول، حيث هاجمت مجموعة مسلحة موكب عزاء وقتلت مواطنين أبرياء لا علاقة لهم بأي صراع سياسي أو عسكري أو ما شابه. وهذا يدرج في خانة العنف غير المبرر وقتل النفس البريئة التي حرمها الله. هذا بالضبط ما يتمناه النظام وتعتبر خدمة مجانية تقدم له على طبق من ذهب لأنها تسهل مهمته في المجتمع الدولي لإقناعهم بقمع الشعب العربي الأهوازي بحجة الارهاب ونفوذ داعش.

الجدير بالذكر أن كلا من دعاة الاصلاح الديني والحركة السنية في الأهواز يرفضون العنف والأعمال المسلحة، ويدعون الى نشاط ديني سلمي دعوي بحت بعيدا عن الصراعات السياسية.


دعاة الاعمال المسلحة ينشطون في الخارج سلميا

ينشط دعاة الكفاح المسلح في الخارج بشكل سلمي ويرفعون شعارات سياسية ولا يتطرقون بالمحافل الدولية والاقليمية التي يحضرونها الى "قضية الكفاح المسلح" وذلك لعلمهم أن هذا الخطاب ليس مقبولا دوليا لا من قبل الحكومات ولا من قبل منظمات المجتمع المدني او الهيئات والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة او الاتحاد الأوروبي.

ويقتصر خطاب "الكفاح المسلح" لدى هذه المجموعات على انصارهم في الساحة الاهوازية. وكذلك ربما لإرضاء بعض الجهات الاقليمية الداعمة لهم والتي تريد الحاق الضرر بالنظام الايراني الذي يتدخل بالدول العربية وينشر الفوضى والارهاب من خلال دعم مجاميع طائفية مرتبطة به.

كما أن هذه المجموعات الاهوازية المشار اليها ترفع خطاب "الكفاح المسلح" فقط لا ثبات الوجود والتفاخر أمام المنافس الأهوازي. فالعدوّ الأول في نظر هذه المجموعات هو الأهوازي الاخر، أي شريكه في النضال، وليس النظام الإيراني كما يدّعون!

تلجأ هذه المجموعات لمختلف الحيل والأساليب، لتخفي توجهاتها غير السلمية، حتى لو تناقضت مع مبدأ الكفاح المسلح كتواجدهم في مؤتمرات تنظمها حركات النضال السلمي او حتى نشاطهم ضمن بعض منظمات حقوق الانسان! على سبيل المثال حضرت مجموعة "حركة النضال" التي تؤمن بالعمل المسلح في مؤتمرات نظمها الحزب الراديكالي اللاعنفي في البرلمان الأوروبي وبعض مؤتمرات الامم المتحدة للأقليات دون التطرق لقضية الكفاح المسلح، حتى المؤتمرات والندوات التي يقيمونها بأنفسهم لا يتطرقون فيها لمسالة الكفاح المسلح! 

والهدف الآخر من دعوتهم شباب الداخل للعمل المسلح وبالمقابل عدم ترويجهم للأعمال المسلحة علنا يعود الى حماية أنفسهم وعوائلهم ومجموعاتهم في أوروبا وجل نشاطهم يختصر على العمل الاعلامي الصرف وبعض الاشارات البسيطة كحق "المقاومة بكافة الوسائل ومنها الكفاح المسلح".  دون كتابة أي دراسة علمية أو استدلالات منطقية حول جدوى هذه الاعمال المسلحة. كما أنهم يطلقون شعارات الكفاح المسلح بطريقة بحيث لا يمسهم أي مكروه ومن خلال توريط بعض الشباب المتحمس بعمل المسلح، يقطفون الثمار ويتبنون الاعمال بشكل غير مباشر ومن ثم يستفيدون من النتائج على الصعيد الشخصي والمادي.

والنقطة الأهم هي أن جميع دعاة الكفاح المسلح تخلوا نهائيا عن ذكر اعمالهم المسلح في ملفات لجوءهم سواء في مكاتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مختلف البلدان أو في دوائر الهجرة في الدول الاوروبية لم يتطرقوا لا من بعيد ولا من قريب في ملفات لجوءهم على ذكر أي شيء يتعلق بالعنف أو الكفاح المسلح ولا حتى شعاراتهم كـ "التحرير" و"الكفاح حتى النصر" بل معظم من خرج عام 2006 و2007 وما بعدها ادعوا بأنهم من أعضاء أو أنصار حزب الوفاق العربي الإصلاحي!!


الازدواجية في الخطاب

يعلم الجميع بأننا أمام نضال قد يطول أمده ولابد من التعامل مع الأمر الواقع بموضوعية ومصداقية والابتعاد عن الكذب والتزوير ولابد من تحقيق الانجازات الحقيقة التي تنتشل قضيتنا من واقعها المأساوي في كل الميادين وليس بالغش والخداع وبيع الشعارات والاكاذيب الى الشارع الأهوازي والعالم.

وما نلاحظه اليوم من خطاب دعاة الاعمال المسلح في الخارج بأنه يتسم بكم هائل من الكذب والتزوير والنفاق بدءا من تبني اعمال مسلحة كاذبة لم تحدث اطلاقا، وصولا الى تبنى الحرائق والاحداث الطبيعية في منشآت النفط والمصانع وتبنيها كأعمال مسلحة مرورا بالمبالغة في تصوير الاصابات في صفوف العدو! في أحاديثهم الداخلية يقولون بانه ليس هناك حاضنة شعبية للعمل المسلح ولكنهم يكذبون على داعميهم والمتعاطفين معهم من الجهات العربية ويقولون لهم بان معظم الشعب جاهز للثورة المسلحة!

وتدعي بعض التنظيمات بأنهم متحالفين مع جيش العدل البلوشي وحزب بيجاك الكردي، ولكن بكل بساطة نرى بان قادة واعضاء جيش العدل وبيجاك معظمهم في الداخل ويرابطون على الارض، بينما دعاة الكفاح المسلح الأهوازي كلهم يقيمون مع عوائلهم واقاربهم في اوروبا وجل نضالهم عقد مؤتمرات وادارة مواقع الكترونية! ونعلم انهم يقيمون مثل هذه المؤتمرات مهما كلفت من اموال طائلة فقط لكي يقولوا للإنسان البسيط من ابناء شعبنا انظر الينا الى أي مكانة وصلنا وذلك لإغرائهم بالانتماء الى مجموعاتهم. انهم يهربون الى الامام بعد ما اجمع الجميع على مساءلتهم لما قاموا به من عسكرة انتفاضة نيسان 2005 وهروبهم الى الخارج وتوريط الشباب لصالح شعاراتهم الوهمية. يعتقد اصحاب هذه الاساليب بان ابناء شعبنا المناضلين يمكن شراءهم بالمال لذلك يصب أكبر اهتمامهم على هذا الجانب واظهار أنفسهم بأنهم يملكون اموال كثيرة.

كما تقوم هذه المجموعات بتزوير الاخبار والاحداث والحقائق وتنشر كماً هائلا من الاكاذيب وتصور اعتقال تجار السلاح والسراق على انهم "مناضلين"، وذلك فقط لان السلطات الايرانية قامت باعتقالهم. ولهذه التصرفات البعيدة عن اي عمل سياسي او مبدا اخلاقي أو مهني، تبعات كثيرة بسبب ان الشعب لا يتعاطف مع سراق وتجار سلاح ومخدرات! وهناك من يصور هؤلاء كمناضلين! مع ذكر ان هؤلاء ايضا هم ضحايا النظام والاضطهاد والتمييز ما دفعهم لارتكاب هذه الاعمال ... ولا بد الدفاع عنهم لإيجاد محاكم عادلة لهم وحقهم في لدفاع عن أنفسهم واعطاءهم فرصة للحياة. ولكن تصوير هؤلاء على انهم مناضلين يضر بالحركة السياسية ومصداقيتها لدى الناس.

المبالغة والكذب وتزوير الحقائق وتصوير الساحة وكأن الاهواز اصبحت قاب قوسين او أدني من التحرير وان الشعب كله ثائر وبحاجة لدعم عسكري واعلامي فقط! في حين الواقع المعاش يحكي غير ذلك وان النظام استطاع ان يكسب تعاطف فئات كثيرة من العرب ويجند شباب العرب ويرسلهم في صفوف الحرس الثوري الى سوريا والعراق ليحاربوا اشقاءهم العرب بدلا عنهم.

مقارنة العمل العشوائي بالعمل المنظم


يتسم العمل النضالي الأهوازي بالطابع الفردي مما يؤدي الى سقوط ضحايا دون الحصول على أية مكاسب، بينما العمل المسلح المنظم لدى حركات الشعوب الأخرى يعتمد على استراتيجية المكاسب السياسية وكسب اعتراف الخصم وجلبه الى طاولة المفاوضات وكذلك لفت الرأي العام الداخلي والخارجي حول القضية.


ولكن العمل الأهوازي المسلح لا يحقق اهدافا او اعترافا او يساهم في لفت الراي العام وقد وصفها أحد الناشطين الأهوازيين بانها عبارة عن " خراميش بزازين" أي "خرمشة القطط" ويقصد بها مجرد ردود افعال بسيطة وطائشة ولا ترتقي لمستوى العمل المنظم والمدروس.

من جهة أخرى، رأينا نتائج عقود من تجارب الكفاح الأهوازي المسلح منذ السبعينات والثمانيات (الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز والجبهة العربية لتحرير الاحواز أي جناحها العسكري جيش التحرير) والذي كان يتسم بنوع من التنظيم والدعم العسكري واللوجستي ولكنه لم يحقق اهدافه أيضا (أنظر مقال طالب المذخور حول عدم استقلالية الحركات الاهوازية المسلحة في العراق).

ويتفق معظم الناشطين الأهوازيين في الوقت الحاضر بان أهداف الاعمال المسلحة المزعومة أو (خراميش البزازين) في الوقت الحاضر بانها تقتصر على: الاعلام الداخلي لإسكات الناقدين لهذه الاعمال المسلحة وارباك المنافس الأهوازي وتجميع الاموال والتبرعات تحت يافطة دعم العمل المسلح وتجنيد الشباب المتحمس بهدف ضمه للتنظيم السياسي.

التبعية والاستقلالية

تمتع النضال السلمي الأهوازي باستقلالية القرار والتحرك وفق المصالح الوطنية وعدم الانجرار وراء أجندة خارجية بينما غالبا ما انجر الكفاح المسلح نحو التبعية بسبب الحاجة الى التمويل والتسليح والتدريب وغيرها من الحاجات اللوجستية.

وتدلنا التجارب الاهوازية للكفاح المسلح خاصة في حقبتي السبعينات والثمانينات لدى كل من "جبهة تحرير عربستان"، الجبهة الشعبية لتجرير الاحواز والجبهة العربية لتحرير الاحواز أن التنظيمات الاهوازية كانت تتبع للقرار السياسي العراقي وذلك باعتراف قادة وأعضاء تلك الجبهتين في عدة مقالات وتصريحات.

أنظر لرابط  http://www.ahwazstudies.org/Article.aspx?aid=904

العمل المسلح موجه لمن؟

يدرك المتتبع للأعمال العسكرية للمجاميع الاهوازية، حقيقة البيانات العسكرية حول تبني عمليات مسلحة عبر مواقع الانترنت او الفضائيات التي تدعم المجموعات المسلحة، بأن خطاب الكفاح المسلح لدى هؤلاء الدعاة موجه بالدرجة الأولى للآخر الأهوازي من التنظيمات أخرى، وليس الى النظام الايراني او الشعب الأهوازي او الرأي العام الايراني او العربي او العالمي.

وأهم هدف بالنسبة لهذه المجموعات هو" اثبات الوجود"، وليس تحقيق "هدف سياسي" او "مطالب مرحلية" وإن تفكير هذه المجموعات لا يتجاوز الساحة الخارجية الاهوازية.

أما ذكر النظام الايراني وسياساته في خطاب هذه المجاميع لا يحتوي أي تحليل أو دراسة او معرفة ببنية النظام واساليبه وسياساته بل يتم إطلاق الكم الهائل من الشعارات الرنانة والاكتفاء بكيل الشتائم ضد النظام وتهديده بالثأر والوعيد. كما تستخدم كل الاساليب القذرة والتخوين والتكفير لإسكات كل ناقد وكل الاصوات المعارضة.

 والخلافات بين هذه المجموعات لا تكون على "نهج سياسي" او "خطاب معين" بل على مصالح فئوية ومحاولة الغاء أو تهميش الآخر ومحاولة حذفه من الساحة بشتى الطرق والاساليب.

من المستفيد من الكفاح المسلح؟

لابد من التأكيد هنا على أن الاعمال المسلحة العشوائية التي تحدث يستفيد منها كثيرون، وأول المستفيدين هو النظام الايراني الذي يصعد من عمليات القمع بحجة محاربة العنف والعمل على استباب الأمن.

وثاني المستفيدين هم اللوبيات غير العربية (خاصة اللور والدسابلة والشوشتريين) المتنفذين في السلطة والمستحوذين على مؤسسات صنع القرار في الاقليم والذين يطرحون أنفسهم كجهات موثوقة تعمل لصالح النظام والدولة المركزية ضد عرب الاهواز.

والمستفيدون الآخرون هم الفئات الانتهازية من ابناء الشعب الأهوازي نفسه، اولئك الذين يبحثون عن مناصب أو مكاسب مادية او مكانة وحظوة ويحاولون التقرب للسلطة من خلال طرح أنفسهم كبديل يمثل الشعب العربي الأهوازي لدى الحكومة واغلبهم يمثلون مصالح أنفسهم ينفذون اجندة النظام مقابل ذلك ولا يخطون خطوة الى الامام من اجل مصالح الشعب ومطالبه، (مثلا سيد احمد موسوي).

وقد تستفيد بعض الجهات الاقليمية من قضية الاعمال المسلحة، خاصة تلك الجهات التي تحاول استخدام القضية الاهوازية كورقة ضغط في صراعها مع النظام الايراني الذي يتدخل في دول المنطقة، وذلك على حساب التضحية بخيرة أبناء الشعب العربي الأهوازي وذلك بعد مرور تسعة عقود من ويلات وحرمان واضطهاد هذا الشعب.

وعلى الرغم من أن الأهوازيين يرحبون بأي دعم عربي للقضية، او اي خطوة في اتجاه الاعتراف بقضية الاهواز وحقوق الشعب العربي الأهوازي، إلّا أنهم يرون بأن هذه الدعم والاعتراف يجب ألا يقتصر في إطار الصراع الإيراني ـ العربي، ولا يمس استقلالية القرار الأهوازي.

إن قضية الأهواز قضية وطنية وقومية مشروعة والمفروض ان يتعامل الأشقاء العرب معها من هذا المنطلق وان يقومون بطرحها في المؤسسات العربية والدولية ويتم تبنيها رسميا وشعبيا.

انظر الرابط التالي: http://elaph.com/Web/news/2011/6/659722.html

ويعلم الجميع بأن النظام لديه مصلحة في عدم الاعلان عن نضال الشعوب، لكن عندما يتعلق الامر بالأعمال المسلحة، فإنه يبادر مسرعا بالإعلان عنها!وبالطبع لأنه هو المستفيد الاول لإظهار نضال شعبنا وبقية الشعوب المضطهدة بانها اعمال " ارهابية" و"تخريبية" وربط هذه الاعمال بأجندة خارجية وصراعات اقليمية ويتهم دول عربية هي اصلا ضحية الارهاب الايراني وارهاب الجماعات المتطرفة. ثم يقوم النظام بتصنيف جميع التيارات السياسية في نفس التصنيف (الارهاب) ليتخلص من الحركات السلمية المؤثرة قبل كل شيء.

تقديس العمل المسلح

من المعروف ان اساليب الكفاح هي وسيلة لوصول الشعوب لأهدافها وكل وسيلة قابلة للنقد اذا كانت تؤدي الى اخطاء قاتلة ولكن دعاة العمل المسلح في الساحة الاهوازية يقدسون الاعمال المسلحة كغاية في حد ذاتها، ولا يقتصر على ذلك بل انهم يقومون بتخوين كل من ينتقد العمل العشوائي المسلح والاخطاء القاتلة التي يذهب ضحيتها خيرة الشباب الأهوازي، ويكيلون التهم والشتائم ضد كل من يقدم نقدا لشعارات المنادية بالعمل المسلح ويتهمونه بالعمالة والخيانة وما شابهها من تهم وذلك باستغلال اسماء الضحايا الذين سقطوا نتيجة اخطاء قادة المجموعات الذين يعيشون في امن ونعيم البلدان الأوروبية وقد تركوا رفاقهم لحبال المشانق!


خلاصة

أدت الاعمال العشوائية ومازالت تؤدي في كل مرة إلى فرض الاجواء الأمنية والبوليسية من قبل السلطات الإيرانية، الى محاصرة أي نشاط سياسي او ثقافي في الساحة الداخلية. كما إن هذه الاعمال تنافي القوانين الدولية والشرعة العالمية لحقوق الانسان مما يفقد قضيتنا التعاطف الدولي ومناصرة قوى العالم الحر الرافضة للعنف.

وأثبتت التجارب الاهوازية أن مقاومة سياسات العنصرية والاضطهاد القومي والتفريس، عبر الوسائل السلمية كالاحتجاجات والمظاهرات ووصولا الى العصيان المدني، هي أنجع وأفضل الطرق لاستمرار حيوية الحركة الوطنية، واشراك الشعب عن طريق المطالبة بحقوقه، وكسب تعاطف الرأي العام الداخلي والخارجي. وتجبر النظام على مراجعة سياساته العدوانية تجاه القضية العربية الاهوازية وقضايا الشعوب الأخرى.

 ويعتبر الكفاح السلمي، بالنسبة لنا كشعب يرزح تحت نير الاضطهاد القومي ولا يمتلك كثير من الإمكانيات، أفضل الاساليب لسحب الذرائع والحجج من السلطة الإيرانية، التي ما برحت تنسب كل عمل مسلح بـ " الارهاب" زورا وبهتانا لتبرير القمع والاعدامات والتنكيل بأبناء شعبنا.

وفي المقابل، كان العمل المسلح يقف دوما كعائق أساسي أمام النشاط السلمي ويقدم خدمة بالمجان للنظام الايراني، لأن (النظام) يأخذ أبسط الاعمال المسلحة ليثيرها ويهولها عبر الوسائل الاعلامية وعبر المؤسسات الدولية، من اجل استغلالها لصالحه والظهور بمظهر الضحية. كل ما تقدمت القضية الاهوازية خطوة الى الامام، تقوم بعض المجموعات المسلحة بارتكاب اعمال عشوائية هنا وهناك، وتعطي الذريعة للسلطات لتصفية كل الحراك السلمي في الداخل بحجة الحفاظ على الامن والقضاء على الحركات المسلحة لحرف مطالب الشعب وحقوقه وتشويه صورة القضية الاهوازية وتحويلها الى مجرد مواجهات بين مجاميع مسلحة والسلطات، مما يؤدي الى افراغ القضية من محتواها ومطالبها السياسية وادخالها في أجندة صراعات إقليمية.

وأثبتت شعارات ونهج وخطاب الحراك السلمي نجاحاتها لغالبية حركات التحرر التابعة للشعوب الرازحة تحت نير الاضطهاد والتمييز وتبنى قضاياها في المحافل الدولية ويمكن ان نورد مثال القضية الكردية والقضية الفلسطينية حيث غيروا نهجهم السابق كليا. وأصبحت غالبية حركاتهم تنادي بسلمية النضال والابتعاد عن العنف وإدانة كافة اشكال الارهاب.

وأكدت التجارب أن النضال السلمي المستمر لأبناء شعبنا العربي الأهوازي في الداخل وبموازاة ذلك نشاط أبناءهم على الصعيد الاعلامي والحقوقي والسياسي في الخارج وفي المحافل الدولية، أدى الى حدوث نقلة نوعية على صعيد نشر القضية الاهوازية على الساحتين الإقليمية والدولية باعتبارها قضية شعب يعاني من التمييز والعنصرية والاضطهاد القومي.

من هنا، وبناء على كل ما تقدم، نرى بأن النضال الأهوازي يجب أن يستمر بشكل سلمي وعلى ثلاث مستويات: سياسيا واعلاميا وحقوقيا.

ويتطلب العمل السياسي بناء احزاب وتجمعات سياسية وفق الاساليب التنظيمية الحديثة ومعايير العمل الحزبي حيث تكون الاحزاب ذات المصداقية والفاعلية ممثلة للحركة الوطنية والمطالب المشروعة للشعب العربي الأهوازي، من اجل ايجاد حل عادل يصب في اتجاه حق تقرير المصير لهذا الشعب.

وعلى المستوى الاعلامي يجب تكثيف الجهود والاستفادة من التعاطف المتزايد مع القضية الاهوازية خاصة من قبل الاعلام العربي وايجاد مؤسسات اعلامية ذات مهنية وكفاءة ومصداقية تنقل معاناة الشعب العربي الأهوازي وتوصل قضيته للعالم.

وعلى المستوى الحقوقي، حقق النشاط الأهوازي في الخارج تقدما هائلا أوصل القضية الاهوازية وصوت الشعب العربي المضطهد الى منابر الامم المتحدة والمنظمات الدولية، ويجب ان يتم تصعيد هذه الجهود بغية الاعتراف الدولي بقضية الاهواز وتكرسيها في أجندة مؤسسات الامم المتحدة خاصة في مجال انتهاكات حقوق الانسان. وانهاء الاضطهاد والتهميش وسياسات التطهير العرقي ضد الشعب العربي الأهوازي.


11ـ1ـ2016

كاظم مجدم

https://www.youtube.com/watch?v=Ap6Kpe1_fB4 1-

https://www.youtube.com/watch?v=bDbVZ6JwsU0 2-

3-http://www.roozonline.com/persian/news/newsitem/article/-a6f7f436f3.html





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !