مواضيع اليوم

نقد الانبياء والاديان

حسن بن علي الجزيري

2009-08-17 21:49:15

0


نقد الانبياء والاديان


 

قبل ايام كنت ابحث عن موضوع ما عبر محركات البحث في الانترنت ، خرجت لي عدة عناوين لها علاقة بموضوع البحث ، وقد شدني عنوان لاحد الكتاب من المغرب العربي . دخلت على ذلك العنوان ، وقد كان ذلك المقال جيد بدرجة كبيرة ، فقد كان جامع وشامل لمفاهيم ذلك العلم موضع البحث , كما انه سلط الضوء بصورة سريعة على تاريخ وتطورات هذا العلم . وقد اثارني حسن المقال وشموليته الى ان اطلع على هذا الموقع الذي حوى ذلك البحث ، فوجدته موقع لمجموعة علمانية يسارية في احد الدول العربية .

اخذت اتجول في ذلك الموقع فوجدت فيه استبيانات تحمل الفكر العلماني اليساري ولفت انتباهي احدها وكان يحمل السؤال : (هل تؤيد سياسة الحوار التمدن بالسماح بنقد الآلهة والانبياء والاديان وما يسمى بالمقدسات) .

شاركت برأيي في تلك الاستبيانات وبالذات ذلك الذي يحمل السؤال المذكور. وبعد ان خرجت لي النتائج اول ماكنت ابحث عنه كم هي نسبة المؤيدين والرافضين لنقد الانبياء والاديان والمقدسات . فكانت نسبة المؤيدين تصل الى 62% من اجمالي الاصوات وبمجموع 1160 صوت من اجمالي الاصوات التي قامت بالتصويت البالغة 1866 في حين ان الرافضين والغير مؤيدين بلغت نسبتهم 38% بمجموع 655 صوت فقط ، والبقية بين متردد او لا يدري . لم اتفاجأ من تلك النسب بالرغم مما شعرت به من غضب شديد منها ، فمن تجرأ وطرح فكر انتقاد الانبياء والاديان والمقدسات لم يكن يتوقع ان يخرج منهم غير ذلك .

ولكن ما اثار غضبي هو طرح ذلك الاستبيان امام عامة الجمهور بهذا الشكل ، حيث يوجد الكثير من الناس الذين لم يدر في اذهانهم مثل هذا السؤال من قبل ، ولم يكن ليوجد لديهم الاجوبة الشافية لمثل تلك الاسئلة . الامر الذي قد يزلزل عقيدة البعض منهم ، ويشككهم بايمانهم ويجعلهم عرضة لمغريات هوى النفس ( ان النفس لاماره بالسوء الا ما رحم ربي ) وصيدا سهلا لمن يتربص شرا بالناس من اتباع الاهواء الشيطانية .

 

وكنت قبلها قد قرأت عن تلك الجائزة المصرية التي منحت لاثنين من الكتاب الذين عرفوا بإساءتهم للإسلام ، وكأن الساحة قد خلت من اؤلئك الكتاب المنصفين لانفسهم قبل غيرهم ، ولا اقول اؤلئك الكتاب الاسلاميين الذين يكتبون في مجال الاسلامي اكثر من اي مجال آخر ، بل اؤلئك الكتاب الذين يكتبون في شتى المجالات الادب والثقافة العامة . ولكنهم في نفس الوقت لا يتعرضون للإسلام والأديان الأخرى أو الأنبياء والمقدسات أو الرموز الدينية باي شكل من الاشكال بالاساءة والانتقاص او الاستهزاء .

هذه الاحداث والتفنن في الاساءة الى الاسلام بشكل او باخر ، بدأت تظهر هذه الايام من داخل البيت الاسلامي نفسه ، وفي ايام هي من افضل ايام السنة ، فها هو شهر رجب قد انصرم من منذ اسابيع قليلة ، وهو الشهر الذي لا يقربه اي شهر من الشهور حرمة وفضل عند الله ، وفيه ذكرى المبعث النبوي الشريف ، وبداية انارة طرق النور والحق للبشرية ، للخروج من غي الجهل والظلم . وها نحن نعيش ايام شهر شعبان وماله من الفضل فهو شهر النبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم ، الذي كان يكثر من صيامه وقيامه فيه . كما اننا مقبلين على شهر الرحمة والغفران شهر الصيام شهر رمضان المبارك ، الشهر الذي انزل فيه القرآن ، وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر . في هذه الايام كان يجب ان يكون المسلمون فيها أكثر تمسكا بدينهم .

 

فبعد أن كانت تأتي الإساءة للإسلام في سائر أيام السنة من اناس اقل من ان يكونوا اعداء له ، فهم يجهلون الاسلام تماما ، ولا يعلمون عنه الا ما يصور لهم عن طريق وسائل الاعلام ، التي هي بدورها تنفذ ما يصل اليها من اوامر من جهات اخرى من اجل تحقيق مصالحهم الدنيوية الدنيئة . اصبحنا الان نرى الإساءة للإسلام تأتيه من اناس كان الاجدر بهم ان يكونوا لبنة من لبنات بناءه ، وجندا من جنوده ، واذا بهم ينكصون على اعقابهم ليصبحوا من اقسى واشد المسيئين له .

وعند الكلام عن الاسلام نراهم من جملة المتكلمين عنه ، ويصفون انفسهم بانهم مسلمين ومن معتنقي الدين الاسلامي ، وانهم احرص الناس عليه ، وانهم اكثر تدينا من غيرهم ، بالرغم مما نال الاسلام ما ناله منهم من اساءة له كدين ، غافلين عن ان من ينتقد دين من الاديان او نهجا معين ، فهو لا يخرج عن احد امرين :

1- اما انه لا يراى ذلك الدين او النهج صحيحا ، و أنه ينقصه الكثير ليكتمل ، و به عدة اخطاء ويلزمه إصلاحات حتى يمكن ان يتخذه المرء دينا يتعبد به او نهجا يسير عليه .

2- او انه لا يعي ما يدور حوله في الحياة ، وانه يسير على حسب الموجات التي يسير الناس عليها ، فعندما ينتقد الناس امرا ما ، فانه يقوم بانتقاده دون ان تكون له ادنى فكره او فهم لهذا الامر ولما انتقده المنتقدون .

 

وفي كلا الامرين فهم تائهون لا يعلمون اين المخرج من هذا التوهان ، ولكنهم يكابرون ويصرون على ماهم عليه . فهم اشبه ما يكونوا بالتائه في وسط صحراء قاحلة مترامية الاطراف في وسط ظلام ليل غائم ، فلا نور يبصر به ، ولا نجم يسترشد به ، ويكابر على توهانه هذا بعد استعانته بالادلاء الذي يمرون به . ويحاول الخروج من تلك الصحراء باتباعه لعدة سبل غير تلك التي سار عليها الادلاء للخروج ، فتذهب محاولاته سدى ويضل سعيه دون جدوى قال تعالى : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)) الكهف .

فالاسلام هو طريق النور الذي من خلاله يمكن للمرء الخروج من تلك الظلمة وذلك التوهان ، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو النجم المرشد على ذلك الطريق . ولكن ما مصير من لا يرى طريق النور هو الطريق المنجي ؟ وما مصير من لا يرى النجم الهادي دليل يسترشد به للوصول الى ذلك الطريق ؟

 

 

 

 





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !