نقاط مضيئة على حروف الحقيقة
حوار ...........الوطني الغيور مع العميل المغرور
في كل زمان ومكان مؤمن وفاسق , وفي كل زمان ومكان وطني ومنافق , وما بين المؤمن والفاسق بون شاسع , وما بين كل ماهو وطني ومنافق سماء شاهق , فالمؤمن صادق والفاسق كاذب , والوطني مجاهد والفاسق بائد , ومصاديق هذه التوصيفات مرهونة بمعطيات عمل كل منهم وعلى الصعد كافة , فالمؤمن إذا قاتل في سبيل الله أو قال كلمة حق أو كتم لغاية فهذه كلها مصاديق لإيمانه , وبعكسه الفاسق فإنه مجبول على فعل الموبقات , والوطنية سلوك يومي تتجلى مؤشراته في إنتاجية هذا الوطني , والمنافق ذلك الذي إختلف حتى مع نفسه في صحة وجوده على هذه البسيطة , المؤمن معياره في الأداء الإستقامة , ومكياله ثابت في تعاطيه لكل شوؤن حياته وفي تأديته الأمانة , والفاسق عكس ذلك تماما مع سبق الإصرار , والوطني يذود عن حمى حدوده وأحيانا يتعدى ذلك ليشمل جيرانه , والمنافق هو الذي يرى كل ماهو سافر وماجن هو من سنن الحياة ......والأحداث مع ضيقها أو سعتها , مع برودتها أو سخونتها , مع أحقيتها أو بطلانها , مع شرعيتها أو عدمها , مع قانونيتها أو خرقها , كل هذا يعتبر هو المحك والمؤشر والميزان لفرز جملة التوصيفات التي اوردناها اعلاه , إن كل قضية أو فعل مجرد من نظم الشرع والقانون والأخلاق هي مرفوضة بالفطرة السليمة من قبل كل مخلوق عاقل , لأنها تتنافى مع ناموس الطبيعة , وحكما فإن كل خرق لأي ناموس من الطبيعة يعد تعد على الإنسان خليفة الله على أرضه . ومن احد هذه النواميس التي جبل عليها الإنسان هو ( الإستقرار والأمن ) وهذا من الخطوط الحمر التي لايمكن لأحد تجاوزه أو الإقتراب منه أو حتى مجرد التفكير بمسه , وكل خرق من قريب أو بعيد وبأي وسيلة كانت وفي أي زمان ومكان لهذه العلة في إستمرار الحياة الحرة يعتبر تهديدا سافرا لخلق الله .
وعند قراءتنا للتأريخ وكي لانذهب بعيدا فإن جميع الحروب والإعتداءات والخروقات والإبتزازات التي حصلت بين الأفراد والجماعات والاقاليم والدول والتحالفات والتي تفتقر الى أي مسوغ أخلاقي أو شرعي أو قانوني هي بحد ذاتها كانت ضد إستقرار وأمن وأمان الإنسان , لأنها أتت عليه بالوبال وسوء الحال . لاشك أن هناك ماقامت به هذه المكونات والمشار إليها أعلاه والآمنة لاريب , من إستحظارات
دفاعية ضد العدو الغازي المعتدي الغاصب فهذا يعتبر حق لامناص منه وفق الشارع والمنطق والعقل .
وهنا أستشهد من الناحية الجغرافية بمنطقتين كانتا ساخنتان في بداية التأريخ المعاصر , وهما جزيرة
العرب وأوروبا , فأما الحروب التي كانت لاتملك أي غطاء شرعي فهي تلك التي دارت رحاها بين القبائل العربية فمنها ماكان عبارة عن كر وفر وهي السائدة والأغلب , ومنها ماكانت عبارة عن معارك حامية الوطيس تحرق الأخضر واليابس , وبطبيعة الحال فإن الغازي والمعتدي لابد له من مقاومة لانظير لها من قبل المعتدى عليه وهذا الدفاع المستميت مرده الى القوانين والأعراف والنظم التي كانت مرعية آنذاك , فهي توجب على كل فرد من الأفراد أن يموت ويضحي من أجل الدفاع عن مضاربها بكل ماتحتوي عليه , وإلا فحكمه إما القتل أو الطرد أو التعزير , وكل هذا يعتبر وصمة عار في جبينه تلازمه مدى حياته فلا توبة له ولا مغفرة من قبل أفراد القبيلة .وهذه هي الفطرة التي فطر الله عليها الإنسان لأجل بقاءه وإستمرار الحياة لأجل يختاره الله وحده .
إذن فإن الدفاع الذي يمتطي صهوته الإنسان هو الناموس والفطرة والغريزة والسنة التي من خلالها تبقى الحياة ومعها الإنسان كي يستمرا , وكل من يخالف هذا فهو ليس بعاقل أو فاسق أو دجال أو خانع أو ذليل أو ديوث , لأن المعتدي عندما يغزو بلدا لم يكن غزوه هذا مقتصرا على الجانب السياسي فحسب , بل كل مافي هذا البلد هو هدف له بدءا من الأرض والعرض والدين والشرف وكل مايحمله شعبه من قيم وأخلاق ومبادئ ومثل فالكل مستباح لديه ومباح له وفق منطق ( القوة والعنجهية والجبروت والإرهاب ) .....
أما حالة الإحتراب والحرب والقتل الأوروبي فهي من نوع شرس وهمجي وهي معارك الأوباش الرعاع , لأن تلك المعارك كانت تحصل لأتفه الأسباب فضلا إنها خالية من أي محتوى , حتى وصل الأمر أن يأكل الإنسان أخاه الإنسان ( آكلة لحوم البشر ) وكل هذا كان يدور لإرضاء نزوات الحكام وهؤلاء كانوا يتحركوا بموجب شهواتهم وشراهتهم في الحصول على المال والجاه فحسب , ورغم هذا كله كانت هناك ثلة من الوطنيين تدافع عن أرضها وعرضها ودينها وما تعتقد به , لذا أقول : ان الدفاع هو غريزة تتحرك لدى الإنسان حين الحاجة إليها . ....
بعد هذه المقدمة المتواضعة أريد أن أعرج على طاولة الحوار المنعقدة حاليا بين الفرقاء اللبنانيين والتي لابد من أن يكون هناك إتفاقا وإلا لاندري ما ستأخذنا إليه الأيام في قابل , الحوارات الندوات عادة ماتكون من ضمن البرنامج الحي المتوهج لكل الأطراف للوصول الى نتائج تؤمن الحد الدني من أي نوع من الإتفتقات التي ستبرم بينهم, إن الحوار اللبناني اليوم هو على مفترق طرق ولابد لوضع البوصلة على الإتجاه الصحيح من اجل الوصول الى حل للأزمة المتواصلة , فلابد من وجود رئيس للدولة , ولابد من جيش قوي يضمن سلامة الوطن وبالإشتراك مع كل الفعاليات الوطنية الأخرى لإيجاد جبهة داخلية قوية لضمان وإستقرار الأمن والسلم الأهلي وغلق كل الأبواب التي من الممكن ان تنفذ من خلالها رياح الفتنة بكل أنواعها .
لابد أيضا من مناقشة كل القضايا العالقة والتي لها علاقة مباشرة بالأزمة , كقانون الإنتخاب مثلا , والدوائر الإنتخابية , والتمثيل النيابي , وبالتالي وعلى الأخص التمثيل الحكومي الذي يضمن الحق للجميع في المشاركة بالقرار السياسي , وتنظيم شوؤن البلد على أسس قوية ومتينة ليس فيها غالب أو مغلوب , المطلوب الآن وعلى وجه السرعة أن يبت بكل ما له علاقة بالقضايا الخلافية الأساسية ولا يجوز التهرب من بعضها , لأن اي تهاون بأي جزء منها سيؤدي الى خلل في ماهية الإتفاق ورصانته وبالتالي بقاءه وإستمراره , لذا ومن الضرورة بمكان أن لايترك أي من الأمور معلق ولأي سبب كان .
وهنا لابد من الإشارة الى الفتوى جملة المواثيق والأعراف الثابتة و التي أقرتها وضمنتها كافة الجهات الدولية والتي تنص على حق كل شعب يتعرض وطنه الى أي تهديد دائم او مؤقت ومن اي جهة , حينئذ يحق له الدفاع عن وطنه وبكل الوسائل المشروعة والمتوفرة أو المتاحة ,وكذلك كل الأديان السماوية أكدت هذا النوع من الدفاع بل أحيان تقول بالهجوم الإجهاضي أو الإزاحي لقوى المعتدي وإبعاده عن كي لاتكون قراه وبلداته تحت نيرانه , وهذا يرجع أيضا لميزان القوى على تنوعها .
وعلى طاولة الحوار لابد للبنانيين أن يتذكروا هذا الأمر الذي لامندوحة لنا عنه طالما هناك عدوا على الحدود يهدد أرضنا وأهلنا في كل لحظة ولن ننخدع بما يصرح به ألبته لأن التجارب الماضية أثبتتانه لامصداقية عنده إتجاه العهود والمواثيق , وهو الذي يتحين الفرصة للإنقضاض علينا غير آبه لتصريحاته التي يطلقها كل حين من أجل طمأنتنا , لكن هيهات له ذلك فنحن له بالمرصاد في لحظة ولحظة , . هنا لابد لي أن أشير بهذه المناسبة الى المبادرة الحسنة والذكية التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حفظه الله وهي من ثمرات الحس الوطني الذي طالما تحلى به وهي قبوله بالجلوس على طاولة الحوار بالرغم من كل ماحدث , وهذا دليل آخر على إبداء حسن النوايا والذي هو السمة الملازمة لهذا القائد الفذ , نتمنى على الجميع إستثمار هذه المبادرة الطيبة والتي تتماشى مع الحاجة لوضع نهاية مشرفة للازمة وتحفظ ماء كل الوجوه ليتسنى للكل المشاركة في صنع القرار الذي يلبي حاجات وطموحات المواطن اللبناني في الداخل والخارج على حد سواء .
إن التصريحات المصحوبة بالنوايا الحسنة التي أبداها أقطاب المعارضة حتى في لحظات المغادرة الى قطر التي تبرعت برعاية هذا الحوار كلها كانت إيجابية تصب في الصالح العام للبنانيين دون إستثناء , بعكس ماسمعنا من أؤلائك السائرين في الركب الأمريكي الإسرائيلي من تهكمات لاتنم عن أي وعي سياسي أو حنكة كان ينبغي لهم أن يتحلوا بها لكي يضفوا على طاولة الحوار شئ من الطمأنينة , لكن كل إناء بالذي فيه ينضح , ومع كل هذا تحلت المعارضة بالصبر ورباطة الجأش لألا تعطي مسوغ أو ذريعة للعملاء من يبطلوا مشروع الحوار والذي أصبحوا منه قاب قوسين أو أدنى الى عقد المصالحة الوطنية وذلك لتفويت الفرصة على الغاصب الأمريكي من أن يقوم بمغامرة أخرى غير محسوبة مما يعرض البلد الى حال أسؤ مما هو عليه , ونحن تمر علينا أقسى النكبات ذهبت من جراءها اقدس الأقداس فلسطين السليبة , فهل نحن بحاجة الى أخرى ياترى ؟!.
إن الطامة الكبرى والتي مع شديد الأسف إن حصلت ولم تلق هذه المبادرة صداها ويخرج الأطراف المعنية بنتائج إيجابية , هذا يعني الذهاب الى المجهول مع تأزيم الوضع من جديد وحينها سوف لن تنفع لا المبادرات ولا غيرها ومن المحتمل سيكون الإحتكام الى ما لا يرغب به الجميع , نطلب من اصحاب المشاريع الخارجية بأن لايستمروا في غيهم وطغيانهم , وخصوصا جنبلاط الأرعن وجعجع المجرم القاتل وهم على مرمى حجر مما حصل قبل أيام , نقول لهم لن ينفعكم أي شئ ولا كل الجرعات التي تأتيكم من هنا او هناك , ليس لكم أي مخرج من هذا المأزق إلا الخيار المقاوم والذي إختاره كل اللبنانيين , ولابد لكم أن تنسوا أكاذيبكم ,و خزعبلاتك بشأن الأكثرية , فهي لاأكثرية ولا هم يحزنون وانت تعرفون هذا الوضع وما هو عليه ر .
مرة أخرى نحن نعرف, أن الحوار الجاري الآن ماهو الا حوارا بين وطني غيور وعميل مغرور , ونعرف أيضا أن مايفكرون به لن يكون لهم , ولن نسمح بعد الآن أن نتعامل مع من هم مطايا لحمل أثقال لاغير, ومع من هم أدوات منفذة لمخططات مجرمة , تريد أن تستبيح البلد وتجعله خطا متقدما للذهاب الى حلقة أخرى من مسلسل إجرامهم الذي لاينتهي , لاترجعوا إلا والحل معكم , الحل المشرف الذي يضمن الحقوق المشروعة لكل اللبنانيين الشركاء في هذا الوطن ......
علي المطيري
17 5 2008
التعليقات (0)