أُعطي لجثتي الخضراء المزهرة وردةَ النسور
محبرةُ المساء الأشقر تزفني إلى أزقة المدينة القتيلة
وردتان في القلب جرحان في مزهرية واحدة
أتلفظ بحروف الغار على قارعة الطريق الدموية
يا أمسنا الذي سيأتي
كن قريباً مني ساعة احتضار البجع
فالخوف برواز شعبي على الحيطان المفتتة
نعود إلى حيث تموت الشواطئ العارية
إلا من رغبة الحياة
مُدِّي إلي حبل مشنقتي
كي أتزلج عليه وصولاً إلى بلدتي المسروقة
بلادي ، إنكِ العشبة البِكر في دواخلي
بيرقاً للنوارس المهاجرة
كلُّ ما فِيَّ ينادي كلَّ ما فِيَّ
سأعيد البوح المتشظي إلى اليانسون البارد
لم يحضر ضيوف الحلم إلى كوخ الحمامة
لم يدخل الليلُ بيتنا الجبلي
منذ احتضارات النهر اليومية
الآن ، أتسلق ماعزَ الرصاص
أنادي عليكَ يا وطني الذي يأتي
من فوهة الإجاص
أنادي على الفقمة التي ماتت
والرصاصةُ في جيبها
أتقلد وسامَ العشب الأبيض
كم مرةً ذُبحتُ على الرصيف
أمام العشاق الخارجين من صالة السينما ؟!
مسدسٌ من الخشب كان يدافع عن أسمائنا الناهضة
مثل غزلان في الشفق الطازج
يا إلهي
نقِّني من دمي الملوَّث
لأحلى وردة في المقبرة يغنِّي اليمام
لم ينتظرني الشتاء حتى أعد مرثية
لجارتنا الأسيرة في معتقلات البحر
لوردةٍ قيَّدها الشك برمال الأنهار
وسلاسلِ الجرح سأغنِّي
فهل يمنعني اسم الغيمة
من البكاء على رئة الزمرد ؟
خذيني عاصفةً تدل الطيورَ المبحرة في شراييني
على عنوان مجزرتي
ما أسرع الدم المتدفق في غيمات الذكرى !
انثري ضوءاً للبندقية على العجين
والضوءِ المعجون بالأشلاء
نزفي العريس الذي لم يعطه المخبِرون فرصةً للفرح
وداعاً أيتها الحشائش الذبيحة
في موسم تزاوج الروابي
إنني أتذكر ملامح الحبل المنتقل
من قلب إلى آخر
أتذكر أعشاشَ الغسق
في وديان البنكرياس الممددة
على حواف المغسلة في دارنا المحطمة
جراء قصف السنونو بالكلاب المسعورة
جارتنا المتحركة على كرسيها المتحرك
أين وجوهكن يا بنات العشبة المرتجفة ؟
إلى شمال الرغبة مضت قوافل الأفخاذ المقطعة
إلى جنوب الرغبة مضى تصدع سنبلة الأحلام
والنهرُ ما زال يبحث عن أبيه بين الضحايا
يتذكر الليلكُ أقواسَ النصر على بوابات دمعي
لأن الوشق يدفن البرقوقَ في قاع المحيط
فامشِ أيها الغيم إلى أغصاني قرب زوايا المعتقَل
النصفُ الأعلى من جسد البئر
على كتفي ينام البرتقال
ورئتي تباع خلف زجاج المحلات التجارية
أفكك تعاليمَ التفاح إلى أبجديات ثائرة
الأسلاكُ المكهربة أوبئة حيطان العفن
تركض نباتاتُ الزينة إلى سحنة القمر
أيها القلب الذي يصير شعباً
من الكلمات والأضرحة والذكريات
لوِّحْ للمسافرين بميناء العشق
أتداخل مع مياه الأكسجين مسافراً منفياً
حاملاً جمجمتي الأنيقة في حقيبتي غير الأنيقة
أمهليني يا أحصنةَ المغارة حتى أجهِّز وصيتي
مناديلُ البحيرات على منضدة الثورة
أنقِذْني من شكل بندقيتي
وأكوامِ البندق في حارات الارتعاش
كنْ معي يوم يتركني وجهي
ويرحل من بساتين الخوف
من فرط ما مر في جسدي
من براميل الكلمات الصاعقة
أضحت أناشيدي اسماً خفياً للبحر
لكني لستُ البحر ولا أنسخه على مُحيَّاي
حَضَرتُ أعراسَ البط
تزوج الإسفلتُ فرحَ صياد السمك
أغنِّي في غرفة التحقيق وحيداً
خالياً إلا من نمور الرفض
سيغوص ما بقي مني في أشرعتي
هل تفهمين كلامَ البرق
عندما تحفر الأبجديةُ أجنحتها على معصمي ؟
لا المسافة ابنتي
ولا الرصيف عائلة البطيخ المنفي
ولم يكد الغروب يفتح بابَ نزيفي
حتى انهمرتْ عليَّ قواربُ الغضب
اغضبْ أيها الجدار الكرسي الكهربائي
ألواحُ الزنك قرميد الملاجئ نهر الغثيان أدمع النفط
كلما أردتُ لملمة أشلاء النورس
نظرتُ في المرآة
عرسُ الغريب أسماء المطلوبين أحياءً وأمواتاً
صيادو المكافآت بلاط المخفر
يتكاثر البوليس السياسي في حشرجات صدري
ابنةَ عمي
أرجوكِ امشي في جنازتي
لتتزوج الفراشات في أدغال قلم الرصاص
نحن العابرين في خيوط الفجر الأولى
واقفون تحت رذاذ الصنوبر
لم أميز بين طعم المطر ولون ثوب أمي
إن الجرح غابات من القصدير العنيف
فلتسمعني سكاكين تتكسر
على مدخنة حلم البلوط العجوز
هذا الخنجر ياسمينة أضاعت بطاقتها الشخصية
في تابوت الأغنية
وزرقةُ الدمعة مصابة بدوار البحر
ما زال البطريق يعد جروحي ويخطئ
أعشابي قميص الحصار كتبُ فن الطبخ
ومسائي آخر أيام المشنوقين
عما قليل سنفترق ترنيمةً للشجر الميت
في كل الفصول
سيتذكرنا إسطبل الغصون المثقلة برؤوس القتلى
وسنعود يا وطني _ كما بدأنا_
وردتين على السكين وعروشِ اللصوص
قولي إن المساء سيقبرني في يديه
حينما تمتد المراثي عبر صحارينا ينبوعاً
أسطوانةً لمنشد مجهول جاء وذهب
لعل وجنتيه تسجلان وصايا اللازورد
على وديان الكلمة
أطفالُ العصف يفتشون عن جماجم أمهاتهم
في أكوام القمامة التي تمتصهم
للخريف شتاء ينكر الليمونَ
ويقتله ويمشي في جنازة كل الوديان
من سيتذكر حديقةَ منزلنا على ظهر القمر ؟
للفجر الصادق هؤلاء الأسرى
ورَّثني أبي شكلَ قبره واحتضارَ السجون
والشلالُ يجلس خلف مكتبه
فلتستثمر الشجراتُ في دماء الصباح
وجاءت مركباتُ الخريف ليلاً من النزيف
واليورانيومِ المخصب
وفي خزانة جرحي فراشةٌ تحمل على جناحها الأيسر
برميلَ نفط فارغاً
وتطير باتجاه كتاب الجنون
هل تسمع في عظامي قرقعةَ نعال البيداء ؟ .
التعليقات (0)