مواضيع اليوم

نفط العرب للـ ؟؟؟

نزار يوسف

2009-04-30 18:58:16

0

منذ الصغر و أنا أسمع مقولة لطالما ترددت أمامي و قرأتها في الكتب و التلفاز و النشرات الدورية و الخطب و ما إلى ذلك . و لشد ما آمنت بها و اعتنقتها تماماً كما يعتنق المرء عقيدته الدينية . هذه المقولة هي مقولة " نفط العرب للعرب " و التي كانت الشعار الأساس المطروح لقضية النفط العربي منذ بداية اكتشافه في أوائل القرن الماضي في الجزيرة العربية و إلى الآن .

 

و الواقع أنه و بعد أن كبرت في السن و وعيت الأحداث و الوقائع التي حصلت و تحصل في منطقة الشرق الأوسط تحديداً ، و عاينت كمواطن عربي يهتم بعروبته ، الوضع العربي بمجمل أوضاعه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأهم من هذا و ذاك .. العلمية و التطبيقية ذات التقانة على وجه الصحة و القبول ، تكونت لدي القناعة أن مقولـة " نفط العرب للعرب " هو شعار وهمي و كلام مجانب للواقع و الموضوعية ، و لا أساس له من الصحة ، أو في أحسن حالاته كلام غير سليم ، و غير قابل للتطبيق . و من دون طول سيرة و كلام ، سوف ندخل في لب الموضوع فوراً . و حتى نفعل ذلك ، سنطرح القضية من وجهين اثنين .. الوجه الأول هو تفرّد العرب مجتمعين بالنفط الموجود تحت أراضيهم و اتخاذهم قراراً بعدم استخراجه و بيعه . الوجه الثاني معاكس للأول تماماً ، وهو أن تفعل ذلك الدول الكبرى و تتخلى عن النفط للعرب . فما الذي سيحصل ؟؟ .

 

لنفرض يا سادة يا كرام أن العرب اجتمعوا في قمة من القمم المعهودة إياها ، كلهم بلا استثناء ، حتى جزر القمر و أثيوبيا ، و قرروا قطع النفط عن الدول العظمى .. الولايات المتحدة الأمريكية و دول الغرب الأوروبية و اليابان الشرق أقصوية . فما الذي سيحصل يا ترى ؟؟ الذي سيحصل هو أن مجلس الأمن سيجتمع خلال أربع و عشرون ساعة ( انتبه .. أربع و عشرون ساعة فقط لا غير و لا أكثر ) و سيتخذ قراراً باحتلال منابع النفط عسكرياً ، و هذه المرة ليس بحجة ديمقراطية أو أسلحة دمار شامل كما فعلوا بالعراق . لا لا ، هذه المرة ستكون على عينك يا تاجر و سيكون من ضمن حيثيات القرار و بنوده ، أن النفط هو ثروة طبيعية لا يحق لأحد امتلاكها دون الآخر أو هو ملك لمن يكتشفه و يستخرجه . هذا الباشتان الأول .

 

الباشتان الثاني هو أنه ، لنفرض يا سادة يا كرام أن الولايات المتحدة الأمريكية و دول الغرب الأوربية و اليابان الشرق أقصوية و ... روسيا الاتحادية ..... ( روح لا تزعل ) و معها جمهورية الصين الشعبية .. هم الذين اجتمعوا هذه المرة وقرروا أنهم ليسوا بحاجة إلى النفط العربي و قالوا للعرب : ( يا جماعة .. هذا النفط الذي نستخرجه من عندكم ، هو حلال عليكم زلال لكم ، و الله يسمحلكم فيه دنيا و آخرة .. و دخيلكم .. أمانة برقبتكم لا تؤاخذونا .. و استروا ما شفتوا منا .. أودعناكم ) . فماذا سيفعل العرب بالنفط المتروك لهم ؟؟؟؟ و كيف سيتعاملون معه ؟؟ .

 

ـ أولاً : العرب ليس لديهم الآلات و الأجهزة التي تقوم باستخراج النفط و غير قادرين على تصنيعها ، لا بل حتى تصنيع ما هو أدنى منها بشوط بعيد . و بالتالي سيضطرون لشرائها من شلة حسب الله إياها .. المذكورة أعلاه .. التي تركت لهم النفط . و بما أنهم لا يمتلكون المال اللازم لذلك فسيبيعونهم النفط لشراء هذه الآلات و المعدات المعقدة تكنولوجياً و تقنياً .

 

ـ ثانياً : بعد أن تأتي الآلات و تصبح متوفرة لدى العرب ، فكيف سيستخرجون النفط ؟؟ من المعروف أن الأدوات وحدها غير كافية لاستخراج النفط ، و أن تقنية اكتشافه و التنقيب عنه أصعب من تقنية صناعة أدواته أو على الأقل تضاهيها من حيث الصعوبة . إذن سنضطر للاستعانة بالخبرات الأجنبية أي الشركات الأجنبية نفسها التي تنقب الآن عندنا .

 

ـ ثالثاً : لنفرض أن الغرب إياه المذكور آنفا قد تبرع لوجه الله و أعطانا الآلات زائد الخبرات للتنقيب عن النفط و استخراجه ، و ذلك صدقة عن روح المرحومة أمه . وتم استخراج النفط ، فماذا سنفعل به ؟؟ و أين المصانع التي أنتجناها ، ستستهلكه ؟ و كم عددها و ما هي السيارات و الطائرات التي صنعناها كي يكون هذا النفط وقوداً لنار غرف محركاتها و توربيناتها .. بكل بساطة و بلا طول كلام .. سنستخدمه للتدفئة فقط . أو نجعل منه بحيرات اصطناعية نستجم حولها .. و بما أننا غير قادرين على إنتاج أية سلعة سوى الفخاريات و السيوف و العقالات و اللبنة و القريشة ، و بما أننا بحاجة إلى الأدوات الكهربائية و الصناعية و المنتجات الغذائية و .. و .. إلى ما لا نهاية من الأشياء الغير قادرين على إنتاجها . فسنضطر إلى بيع النفط إلى الدول المذكورة و شراء المنتجات المذكورة أعلاه و نقول لهم : داخلون على الله و عليكم .. داخلون على حريمكم .. مشان الله تعالوا و اشتروا النفط منا .

 

يبقى افتراض أو باشتان ثالث ، و هو أن الغرب لو لم يكتشف النفط في المنطقة العربية ، أو اكتشفه و لم يستخرجه لسبب من الأسباب أو وجد له بديل يغنيه عن استخراجه ، فما كان حال العرب اليوم ؟؟ و ما هي الدول أو الخارطة السياسية اليوم برأيكم التي كانت مرشحة آنذاك للتشكل و الظهور إلى يومنا هذا ؟؟؟؟؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ . سوآل برسم الإجابة .

بناء عليه و عليه بناء ، و على ما تقدم نقول .. إن أفضل حل و تصرف حيال النفط هو الحل الذي تقوم به الدول العربية النفطية الآن من إنتاج النفط و بيعه للدول الغربية و القيام بترفيه مجتمعاتها و شعوبها وتامين كل مستلزمات الحضارة الغربية و غير الغربية لهم . أما عدم الاستفادة من أموال النفط في مجالات علمية أخرى و اجتماعية كما تفعل دولة إيران الآن ، فلهذا الكلام شأن و مكان آخرين .

من سياق كل ما سبق و تقدم ، فإنني لا أفهم مقولة " نفط العرب للعرب " إلا أن يقوم العرب باختراع الآلات و المعدات اللازمة لاكتشاف المكامن النفطية القابعة في أعماق أرضهم و التنقيب عنها و استخراجها و تكريرها و تصريف مشتقاتها في مصانعهم التي اخترعوها و أنتجوها بأنفسهم و كذلك سياراتهم و طائراتهم و معداتهم الثقيلة و غيرها و غيرها . فلنقم بتطبيق تلك المعادلة البسيطة شأننا شأن كل دول العالم الصناعية و بعدها نعلق يافطة " نفط العرب للعرب " على منابر السياسة العالمية كافة ، بالخط العريض و بالفليكس . و غير هيك ، ما بفهم .. عمي .

نزار يوسف .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !