تصاعد الجدل حول جولة التراخيص الاولى، بعد اعلان اسماء الشركات الفائزة، والاستعداد للجولة الثانية، بما تخلله من تداخل بين القراءة السياسية والقراءة التقنية، لا يزال قائماً. «الأسبوعية» استطلعت رأي خبيرين هما وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي، وكبير مستشاري رئيس الحكومة انور المالكي وزير النفط الاسبق تامر الغضبان، آراءهما في هذا الملف.
يرى وزير النفط العراقي الاسبق عصام الجلبي أن قيام وزارة النفط بعرض 27 حقلاً ضمن جولتي التراخيص الاولى والثانية وباحتياطيات تمثل اكثر من 90% من الاحتياطي العراقي الثابت امر غير مسبوق، لافتاً الى ان ذلك يتطلب وجود ملاكات فنية وقانونية وادارية ومالية متمرسة، محذراً من اعتماد الوزارة الكلي على مستشارين اجانب للقيام بهذه المهمات نيابة عن المؤسسة الوطنية.
ويقترح الجلبي جملة من الاجراءات لتطوير القطاع النفطي يؤكد على ضرورة تنفيذها بصورة كاملة، ويحدد اولويات تلك المقترحات بإعادة تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية بإدارة مستقلة بعيدة عن التحزب والانتماءات السياسية او المذهبية او العرقية، وبشكل منفصل عن وزارة النفط، مبيناً ان على الشركة ان تتولى مسؤولية ادارة وتشغيل وتطوير كل الحقول قيد الانتاج، كلاً او جزءًا، على ان تستعين بشركات اجنبية لتقديم الخدمات النفطية في شتى الانشطة.
ويؤكد الجلبي على ضرورة أن تخول الشركة صلاحيات مالية وادارية واضحة بعيدة عن التعليمات والضوابط التي تعمل بها وزارات الدولة الاخرى وبواقع 5% من حجم الواردات النفطية. في الوقت نفسه هو يدعو الى تجميد العمل بجولتي التراخيص الاولى والثانية (عدا الحقلين الغازيين) على ان يعاد تقويم الصيغ والخطط بإعتماد معايير فنية واقتصادية سليمة، مشيراً الى ضرورة ايقاف العمل باتفاق المبادئ مع شركة «شل» وتطوير منشآت غاز الجنوب وفق الصلاحيات المعتمدة عند تنفيذ المشروع اصلاً.
ويشير الجلبي الى اهمية تطوير الحقول الانتاجية العاملة حالياً من قبل الشركة سعياً الى ايقاف الهدر , وزيادة الانتاج من المكامن والحقول بما في ذلك اعداد نماذج تعاقدية لاستقدام شركات خدمات عدة متخصصة وتوزيع العمل عليها حسب قدراتها. ويطالب في الوقت نفسه بإعتماد الخطط الانتاجية السابقة الموضوعة في العام 1990 والمعدلة في العام 1995 كأساس في العمل، والسعي الى تنفيذها بصيغ معجلة، وتحديثها سنوياً تمهيداً لوضع خطط خمسية وعشرية.
ويقترح الجلبي ان تتولى الوزارة في هذه المرحلة وضع خطة عاجلة لفحص وصيانة المنشآت النفطية التابعة لها وفق برامج فورية وبصلاحيات مالية وادارية بعيدة عن الروتين الحكومي، فضلاً عن العمل على استكمال نصب العدادات على موانئ التصدير والمستودعات وانابيب التجهيز وضمان تعييرها دورياً. في الوقت نفسه هو يشدد على اهمية الاستعانة بالملاكات النفطية العراقية الموجودة خارج العراق وبما لا يتعارض وانتماءاتهم الوظيفية الحالية مع جهات اخرى، وتسهيل عملها، سواء بالعودة الى العراق او العمل من مكاتب تنشأ خارج العراق كمرحلة اولى. وفيما ويؤكد على ضرورة وضع انظمة خاصة لرواتب واجور منتسبي القطاع النفطي مع انظمة للحوافز واعادة انشطة شركة المشاريع النفطية في مجال التشييد وتحفيز المؤسسات التشغيلية للقيام بقسط من الاعمال بشكل مباشر، هو يقترح ان يصار الى استدعاء الشركات المنفذة لاجراء مشاريع مصفاة الشمال ومصفاة صلاح الدين 1-2 وغاز الجنوب بأجزائه المتعددة وغاز الشمال ومصافي الدهون ومستودعات المشتقات النفطية والاتفاق معها على المباشرة في العمل سريعاً.
ويلفت الجلبي الى أهمية الاسراع ببناء مصافٍ جديدة وبشكل خاص مصفاة الناصرية ومصفاة الوسط (كربلاء) التي تم اقرارها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وفق دراسات فنية واقتصادية، مع اجراء دراسة اخرى لتحديد مواقع المصافي الاخرى وتوابعها من مستودعات ووحدات تصفية، والتركيز على وحدات التكسير وتحسين نوعية المشتقات النفطية، مؤكداً في الوقت ذاته على وضع خطة متكاملة لاعادة تسليم محطات التعبئة الى القطاع الخاص بما يجعله يضطلع بدور اداري وفني متصاعد في شتى الانشطة النفطية.
50 مليار دولار
من جهته وضع الخبير النفطي وكبير مستشاري رئيس الوزراء العراقي ثامر غضبان مقترحات لتعجيل خطط رفع انتاج وتصدير النفط الخام عن طريق استغلال المخزون النفطي والغازي بطريقة كفوءة وزيادة الانتاج والتصدير, والاسراع في اقرار قانون النفط والغاز.
ويعد غضبان هذا التوجه مطلبا دستوريا فضلاً عن كونه حاجة اجتماعية ملحة لاسباب يجملها بأن العراق يملك ثالث اكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم يقدر بـ115 مليار برميل، اضافة الى 220 ملياراً من الاحتياطي غير المثبت، فيما يبلغ احتياطي الغاز حوالي 3200 مليار متر مكعب، وهو يشكل 3 الى 4 % من مجموع احتياطي «اوبك» وحوالي 1.8 % من مجموع احتياطي العالم. ويلفت غضبان الى ان العراق لديه اكثر من 500 موقع تنقيب نفطي و71 حقلا مكتشفا تمتاز بكونها كبيرة نسبياً ومتعددة المكامن وقريبة من بعضها البعض وذات انتاجية كبيرة وكلفة حفر متدنية وبأنواع متعددة من النفوط وبكثافات مختلفة.
ويوضح مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي لشؤون الطاقة أنه ليس هناك قيود خارجية على انتاج وتصدير النفط الخام في الوقت الذي يشهد هذا القطاع انفتاحاً عالمياً كبيراً.
يضيف: ان حاجة العراق الى تطوير قطاع الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة تقدر بـ50 مليار دولار تتوزع على بناء المصافي الجديدة وتشييد منظومة التصدير الجنوبية بكلفة اجمالية تصل الى 6 مليارات دولار، وتشييد خط استراتيجي ثالث بين البصرة وسوريا لاضافة طاقة تصدير تقدر بـ1.5 مليون برميل يومياً وبكلفة اجمالية بحدود 2 مليار دولار. في الوقت نفسه يوضح ان الضرورة تتجه ايضاً الى بناء محطات تحلية مياه البحر لاغراض توفير المياه الصالحة المطلوبة لحقن المكامن النفطية في جنوب العراق بهدف ادامة الضغط والحفاظ على معدلات الانتاج.
تجدر الاشارة الى ان ندوة موسعة عقدت في بغداد في اواخر شباط (فبراير) الفائت كرست لمراجعة السياسة النفطية في حضور كوادر وخبراء ومعنيين بقطاع الطاقة، طالبت بتعظيم انتاج وتصدير النفط والغاز في العراق الى اقصى المعدلات في أسرع فترة زمنية , وتحسين كفاءة الاداء في القطاع النفطي، فضلاً عن الاستعانة بمصادر التمويل والخبرات والتقنيات والادارة الكفوءة للشركات النفطية العالمية الكبرى.
وفي ما يتصل بهذه المطالبات يرى الغضبان ان يصار الى الاسراع في تشكيل مجلس اتحادي للنفط والغاز يتولى ادارة شؤون الاستخراج وتخويله الصلاحيات الكافية، واعادة تشكيل شركة النفط الوطنية العراقية، واعادة هيكلية وزارة النفط والاستمرار بجولات التراخيص من قبل الوزارة، مؤكداً ضرورة الاسراع باقرار قانون النفط والغاز من قبل مجلس النواب، وحل الخلافات العالقة بين المركز واقليم كردستان، وحل مسألة قانونية العقود النفطية المبرمة من قبل الاقليم.
وفي ما يتعلق بمجال العمل التنفيذي يقترح الغضبان تطوير الحقول النفطية المكتشفة غير المطورة كلياً، من خلال الاستعانة بالخبرات الداخلية والخارجية، ومن خلال دورات التراخيص المقررة من قبل وزارة النفط وبأسلوب عقود الخدمة وتطوير الحقول الاخرى خارج دورات التراخيص من خلال التعاقد على تطوير حقل واحد او مجموعة حقول تقع ضمن منطقة جغرافية واحدة من خلال التحالفات الستراتيجية الثنائية مع شركات النفط الوطنية العريقة من الدول الصديقة ذات الاستهلاك النفطي العالمي، او مع الشركات النفطية العالمية الكبيرة، ومحاولة الوصول الى اتفاقات اخرى معها تضم تطوير قطاعات الطاقة الاخرى المطلوبة في العراق على ان يتم التسديد بالنفط الخام الاضافي المنتج.
ويؤكد الغضبان على اهمية التعاقد بأسلوب EPC مع الشركات العالمية التي تقبل التعامل مع هذا الاسلوب على ان تقدم هذه الشركات التمويل المطلوب للمشاريع، ويتم التسديد من النفط الخام الاضافي المنتج فضلاً عن فتح اعمال الاستكشافات النفطية (بهدف التعويض عن الاحتياطي الناضب وزيادته بالاضافة الى تعزيز الانتاج النفطي مستقبلاً) في الصحراء الغربية من خلال التعامل الثنائي مع الدول او الشركات التي تم التعاقد معها سابقاً وصولاً الى صيغة تعاقد جديدة مقبولة. ويطالب أخيراً بالاسراع في تطوير الحقول النفطية والتراكيب الحدودية مع دول الجوار كلما كان ذلك ممكناً وسريعاً.
التعليقات (0)