نُذر الخراب المصري
(حلقة 6)
سيناريو مسرحية إنتخاب أحمد شفيق
يبدو أن مشكلة مصر أن الجيل القديم الذي صاحب حسني مبارك وسانده خلال فترة حكمه لايستطيع أن يفهم درس ثورة 25 يناير. وحجم التغيير الذي أحدثته في شعب مصر وقيمه وأفكاره ورغبته في مجابهة جلاديه وسارقيه ولصوصه وثعالبة . ورغبته وقدرته وإرادته في أن يقول لهؤلاء لا ... وهاهي ماكينة تزوير الإنتخاب المصرية على عهد حسني مبارك تعيد إنتاج نفسها .. وهاهم ترزية تفصيل القوانين والتشريعات يخرجون كالصراصير من شقوقهم التي "إستخبوا" فيها طوال عام ونصف .....
جميع هؤلاء يظنون أن مصر قبل 25 يناير هي نفسها بعد ثورة 25 يناير ... وأن شباب مصر بعد ثورة 25 يناير هم أنفسهم أولئك الذين لايتحدثون في السياسة ويخافون من " ظـــل " الفرعون على أرض الفراعين. مكتفين بإدمان ممارسة العادة السرية لإطلاق شحنات الغضب والكبت المفروض عليهم.
الآن أصبح المسرح جاهزا لتصعيد الذنب أحمد شفيق مكان الرأس ... ففي مصر من المضحكات المبكيات الكثير ... وحيث يقال في كل أنحاء العالم :- "أقطع الرأس يسقط الذنب" .. ولكن يبدو أن الفلول في مصر وثعالبها لهم رأي آخر وعلى قناعة بأنه إذا سقط الراس صعد الذنب ....
الآن أصبح المسرح جاهزا بعد تهيئته على النحو الآتي:
1) منح وزير العدل المصري (صنيعة المجلس العسكري) قوات الشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية سلطة القبض والسجن والحبس .. إلخ في مواجهة المدنيين.
2) حكمت المحكمة الدستورية (على غير المتوقع) بعدم دستورية قانون العزل . وبالتالي منحت أحمد شفيق حق الإستمرار في الترشح لرئاسة الجمهورية.
3) حكمت المحكمة الدستورية بأن مجلس الشعب المصري (ذو الأغلبية الإسلامية) غير شرعي . واعتبرته غير قائم ، وجرى النشر (على جناح السرعة) في الجريدة الرسمية ليصبح نافذا من تاريخه.
4) كان لمردود هذا القرار أن منحت المحكمة للمجلس العسكري الحاكم سلطة التشريع .. أو بما معناه إعادة العمل بقانون الطواريء بطريق غير مباشر ... والأهم من ذلك تعيين من يشاؤون في الجمعية التأسيسية لوضع دستور لن يعترف به أحد سواهم. وهو ما سيضع مصر أمام محنة دستورية حقيقية.
من واقع هذا السيناريو التي جرى تجهيزه يتضح أن الخطوة إنما قصد منها ترتيب المسرح لفوز أحمد شفيق - عن طريق التزوير طبعا - وإعادة إنتاج النظام .. نظام الحزب الوطني بكل اضابيره بعد تغيير الراس وإحلال الذيل مكانه. ... هكذا بكل بساطة وتبسيط وتسطيح يثير الضحك إلى درجة يتشقق فيها الفشفاش ؛ وتنقلب معها المعدة والمصارين والقولون ويتسع بعدها المستقيم.
وبالطبع سيكون الرئيس أحمد شفيق مجرد واجهة "أنيقة" . وتبقى السلطة الفعلية في يد المجلس العسكري الحاكم الذي يخشى أعضاؤه إحالتهم للمعاش في حال فوز محمد مرسي.
إن السؤال الذي يطرح نفسه بعد الفرجة على هذه المسرحية الهزلية هو:-
هل سيسكت ثوار 25 يناير على هذا الأمر؟
من الصعب تخيل ذلك ....
ويبدو أن لا حل أمام قوى 25 يناير الثورية هذه المرة سوى اللجوء إلى خيار العمل الثوري بكل حذافيره ؛ بحيث يكون التغيير ثوريا ، ومحاكمة رموز واركان النظام أمام محاكم ثورية يستتبعها عقاب ثوري .. إلخ على الشاكلة والطريقة والمفاهيم والمراحل التي شهدتها الثورة الفرنسية.
المجلس العسكري الحاكم والفلول يتلاعبون إذن بإرادة الشعب وحاضر مصر ومستقبلها.
لايصدق هؤلاء أن العصر بعد 25 يناير لم يعد ذلك العصر قبل 25 يناير .
لايصدق هؤلاء أن عبادة الفرد وقناعات الفراعين المسطحة البسيطة السهلة لم تعد تصلح لحكم شباب اليوم المصري.
لايصدق هؤلاء أن تزوير الإنتخابات لن ينطلي على العقول ولن يصبر عليه أحد أو يترك هكذا ليمر مرور الكرام . ولا يدرك هؤلاء العواجيز والمحنطين أنه سيصيب مصر بالشلل التام.
لايصدق هؤلاء أن القمع والتصفيات الجسدية والملاحقات التي يدبرونها كحلول نمطية ستستمر هكذا إلى مادون نهاية ، أو دون أن تدفع نهاية المطاف إلى تذمر وتمرد قطاعات واسعة من أصحاب الرتب الصغيرة والضباط الأحرار في الجيش المصري.
يهدد أحمد شفيق بقطع الرقاب ودك عشش الصفيح والخرابات والآيلة والحواري والمدافن فوق رؤوس ساكنيها من ثوار 25 يناير ، على ظن منه أن التخويف سيعيد "الحرافيش" و"شوية العيال" بعيدا عن التدخل في السياسة كما كان الحال ايام زمان . .. ويبدو أنه لم يفهم واقع هؤلاء والذي استجد على افكارهم وقناعاتهم وقيمهم. وأن هناك رموز وقادة جدد وممثلي مجتمع مدني قد افرزتهم ثورة 25 يناير وأصبحت لهم الكلمة المؤثرة في الشارع.
الأيام بيننا وسنرى حجم الخراب الذي سيحدثه هذا السيناريو في مجال الإستثمار الأجنبي ومداخيل السياحة .
ويبدو أن أحمد شفيق والمجلس العسكري قد بهرهم وخدعهم سكوت العالم على بشار الأسد في سوريا . فذهبوا يراهنون على الحل العسكري والقمعي في مصر دون أن يعوا أن الجيش المصري ليس طائفيا . وأنه لاتوجد بمصر مشاكل طائفية . وهي بعيدة عن طوق المد الشيعي الذي ترغب القوى الغربية فرضه كسياج وهلال مميت على رأس منابع تنظيم القاعدة ذات المذهب السني ، ومنابع البترول والطاقة الخليجية؛ ليتم من خلاله تهديد دول هذه المنابع وإبتزازها به بديلا عن إبتزازها سابقا بصدام حسين.
التعليقات (0)