أنتهى يوم الأحد الدامي كما انتهى قبله يوم الأربعاء الدامي"ويبدو ان صفة الدامي ستصبح ملازمة لكل أيام الأسبوع" بحصيلة مئوية من الشهداء والجرحى بين صفوف المدنيين الأبرياء . واذا كان معظم العراقيين يتفقون على ان للبعثيين والتكفيريين ودول الجوار من العرب والعجم والأحتلال يدا في كل ما يحدث في العراق , ألا ان السؤال المحير واللذي لازلنا لم نجد له أجابة الى الآن هو . "كيف يستطيع هؤلاء الحركة والوصول بشاحنات ممنوعة الحركة داخل بغداد الى وزارات موجودة في المنطقة الاكثر تحصينا في العراق"؟.
أما الأمر الأكثر اثارة للتساؤل والحيرة هو سبب التخبط الحكومي والبرلماني في معالجة موضوع التدهور الأمني ومسألة المطالبة بمحكمة دولية لتقصي الحقائق حول هذه التفجيرات الارهابية .
كلنا نذكر بيان مجلس الرئاسة العراقي، اللذي وصف موقف رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اتهم سوريا بإيواء المسؤولين عن التفجيرات السابقة "بغير القانوني."
أما ما قاله الرئيس العراقي لصحيفة الحياة بعد ان شارك في الاجتماع الأممي الأخير فكان اعجب.
ولمن لا يتذكر , فقد قال السيد الرئيس " إن بلاده لم تطلب تشكيل محكمة دولية بل ارسال مندوب دولي لتقصي الحقائق، مشدداً على عدم اتهام أي دولة مجاورة بالتورط في أحداث «الأربعاء الدامي» التي أوقعت أكثر من مئة قتيل."
وحين سألته الصحفيه اللتي قامت باللقاء " أنت شخصياً كنت ضد التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب إنشاء محكمة لكن الآن ألقيت خطاباً أمام الجمعية العامة وتحدثت فيه عن خطوات باتجاه محكمة. كيف تفسر ذلك؟".
أجاب السيد الرئيس " لا. أنا لم أكن ضد ولا مع. كان رأيي أن العراق عندما يتوجه إلى الأمم المتحدة يقوم بما يأتي: إرسال مندوب لتقصي الحقائق دون توجيه تهمة إلى دولة، ودون تجاهل المحاولات الدبلوماسية المتواصلة مع سورية وتركيا وإيران وغيرها. وأنا لم أقل إننا ضد أو مع المحكمة لأن العراق لم يطلبها."
فتسائلت الصحفية " ألم يطلب العراق محكمة دولية في رسالة رسمية من رئيس الوزراء"؟
فأجاب السيد الرئيس "على حد علمي، طلب العراق تحقيقاً دولياً " .
فقالت الصحفية لسيادته " لكنه طلب تحقيقاً دولياً، وطلب محكمة، في رسالة لرئيس الوزراء".
فأجاب السيد الرئيس " لم أر هذه الرسالة، لأكون صريحاً معك .
الصحفية " هل تتحفظ على ذلك الطلب؟ "
السيد الرئيس " أعتقد بأن الموقف الصحيح للعراق هو الطلب الذي قدمته في خطابي. وأرجو أن تعرفي بأنني عرضت مسودة خطابي الذي ألقيته على نائبي رئيس الجمهورية وعلى رئيس الوزراء وعلى (رئيس اقليم كردستان) مسعود بارزاني. وقال رئيس الوزراء لي: أنا موافق على كل حرف وكل كلمة مكتوبة في هذا الخطاب".
الصحفية " هل طلبت لجنة تحقيق دولية؟"
الرئيس " لا. طلبت موظف تحقيق دولياً. هناك فرق. طلبت من الأمم المتحدة إرسال موظف رفيع المستوى للتحقيق في الأوضاع، ولتقصي الحقائق دون توجيه تهمة إلى دولة ما. فإذا وجه هذا الموظف غداً تهمة إلى سورية أو الأردن أو تركيا أو إيران، فسنتبنى هذا الموقف".
الصحفية " لكن موقف الحكومة العراقية هو طلب لجنة تحقيق دولية ولجنة ثنائية مستقلة".
السيد الرئيس " أنا في خطابي الذي ألقيته عرضته على دولة رئيس الوزراء، ودولة رئيس الوزراء خابرني هاتفياً وقال: «أؤيد كل حرف وكل كلمة واردة في خطابك». لذلك أعتقد بأن هذه هي سياسة الدولة العراقية، بمفهوم مجلس الوزراء ومجلس الرئاسة والبرلمان. أما إذا وجدت تصريحات مختلفة فتعود الى صاحبها."
الصحفية "لكن التهمة الموجهة لسورية هي ضرب الاستقرار في العراق، كيف تفسر ذلك؟"
الرئيس "أنا لا أوجه تهمة إلى سورية. أنت تريدين أن تجريني إلى شيء لا اريده. إسألي السيد المالكي".
الصحفية "هل هو خلاف شخصي "
الرئيس "أنا أتكلم بالعربي، ليس بالتركي. إسألي الاستاذ المالكي عما قاله، واسأليني أنا عما أقوله" .
أما نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي " ابو البنوك " فلقد قال : إن طلب الحكومة العراقية الذي يقضي بتأسيس محكمة دولية للتحقيق في تفجيرات الاربعاء الدامي "يجب ان لا يكون ضد سوريا، بل لمواجهة الارهاب. اي ان نتعامل مع ملف الارهاب كجرائم ضد الانسانية… ورأى الدكتور عبد المهدي ان من المهم "ادامة العلاقات الجيدة الجادة والصريحة مع سوريا والتي بها نستطيع حل المشاكل العالقة"، فضلا عن أهمية "فصل الملفات وعدم خلطها، فجريمة يوم الاربعاء الدامي قامت بها عصابات القاعدة وتلقت دعماً من بعض العناصر الصدامية لكنها عمل من اعمال القاعدة بامتياز" .
وفي تصريح لأمين عام مجلس الوزراء حول الموضوع قال "بعض الدول، ومنها أعضاء في مجلس الأمن الدولي، تحاول الوقوف أمام جهود الحكومة في مطالبها بإحالة ملف التفجيرات الإرهابية إلى محكمة دولية لأسباب سياسية"
اذا تجاهلنا التصريحات السابقة حول مسؤولية سوريا , وآلاف التصريحات الأخرى للساسة والبرلمانيين واعضاء احزاب المعارضة والحكومة الآخرين وقادة الأجهزة الأمنية والوزراء حول الموضوع , فسيكون ذلك سذاجة شديدة .
من خلال تصريحات السيد رئيس الجمهورية ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي نفهم بأن هناك شكا وأمتعاضا من أتهام سوريا بموضوع الأرهاب عند الكثير من الأحزاب الكبرى في الحكومة وخارجها , والسؤال هنا هو " لماذا " ؟؟؟ .
ومن تصريحات الأمين العام لمجلس الوزراء و وتصريحات الجنرال ريموند اوديرنو القائد العسكري الامريكي الاعلى في العراق اللذي اتهم ايران بالاستمرار في دعم وتدريب المسلحين الذين ينفذون الهجمات في البلاد قبل ايام قليلة , نفهم بأن قادة جيش الأحتلال والمسؤولين في الحكومه الأمريكية غير مقتنعين بأن سوريا مسؤولة عن تفجيرات "أيام الأسبوع" الدامية , وأنهم يحاولون الربط بين الأرهاب وجهات اخرى على رأسها ايران .
ومن خلال الكيفية اللتي يتحرك بها المفجرون والمفخخون والقتلة بسياراتهم وشاحناتهم الكبيرة المفخخة , واختراقهم لكل الاجرائات الأمنية والتحصينات الدفاعية في قلب العاصمة بغداد سنستنتج بأن استبعاد تواطوء بعض القوى السياسية الفاعلة على الساحة السياسية واللتي لها عناصر متغلغلة في الأجهزة الأمنية سيكون أيضا سذاجة شديدة .
نعم , لقد قام البعثيون وقتلة القاعدة اللذين تؤويهم سوريا وترسلهم عبر الحدود بالتفجيرات الدامية . ولكن من اللذي يقدم لهم هذا الدعم اللوجستي اللذي لا يتوفر الا بتنسيق وتضافر جهود عدة جهات قادرة على تحريك هؤلاء بسهولة وحرية .
لا يمكننا استبعاد تآمر الكتل السياسية المنافسة للمالكي في الأنتخابات النيابية القادمة ولا مشاركتها بصيغة أو بأخرى في محاولة تجريده من الورقة الوحيدة اللتي نجح في اللعب بها , وأعني بها "ورقة التحسن الأمني" . وكذلك يجب أن لا ننسى بأن الأحزاب الكردية ترى في المالكي حجر عثرة لتحقيق مطلبها بالفيدرالية اللتي ستكرس الأنفصال التام عن الحكومة المركزية في شمال العراق .
وهذا سيقودنا الى أستنتاج آخر مفاده أن المالكي والحكومة بأجهزهتها الأمنية أضعف بكثير مما كنا نتصور . ولأن المالكي اللذي تفاخر وهلل كثيرا لأنجازاته الأمنية لا يستطيع الأعتراف بضعفه وعدم قدرته على التصدي لميليشيا بدر والبيشمركة والصحوات , أضافة الى البعثيين والقاعدة جميعا وفي وقت واحد . لذا فقد آثر الهروب من المسؤولية بحركة بارعة والقاء التبعات على الحكومة السورية وحدها والمطالبة بالمحكمة الدولية , لتشتيت تركيز الناخب العراقي عن هذه الحقيقة . وبذلك ضرب المالكي عصفورين بحجر . فهو تجنب المواجهة المباشرة مع الأحزاب المنافسة واللتي تمتلك قوات وقدرات عسكرية واضحة للعيان وأن كان بعضها متخفي هنا او هناك , حيث لا تستطيع حكومة المالكي مواجهتها . وكذلك كسب تعاطف الناخب العراقي بعد ان صور نفسه قادرا على السيطرة على الموقف وتوجيه الدفة للنيل من سوريا المسؤولة عن كل الشرور اللتي تحدث في العراق . وهذا بالظبط ما اثار حفيظة الأحزاب المنافسة للمالكي واللتي فهمت مغزى المطالبة بالمحكمة الدولية اللذي جردها من الفوائد الأنتخابية اللتي كانت ستحصدها من الفشل الأمني الحكومي .
لنستمر بالمطالبة بالمحكمة الدولية مع اننا نشك في جدواها بايقاف نزيف الدم العراقي , ألا أننا يجب أن نضع كل ما قلناه في الأعتبار ونحن ننتخب في الأنتخابات القادمة . بهذا فقط ربما سنستطيع أيقاف القتلة عن قتلنا . ومحاسبة المقصرين والفاسدين على تقصيرهم وفسادهم .
http://www.daralhayat.com/internationalarticle/60546
http://www.kurdsat.tv/A_DirejeMqalat.aspx?CoriWene=6&Cor=Menshurat&Jimare=1155
http://www.burathanews.com/news_article_74802.html
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=89684
http://www.aljarida.com/AlJarida/Article.aspx?id=132708
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2009/06/090630_als_odierno_iraq_iran_tc2.shtml
التعليقات (0)