نعتذر عن الأخطاء الخارجة عن إرادتنا

 منذ صغر سني وأنا أسمع هذه الجملة دون أن أفهم معناها أو المقصود بها، الشيء الوحيد الذي كنت أعرفه هو أنها جملة يستعملها الكبار لتعقيد الصغار.
فهذه الجملة كنت غالبا ما أسمعها على شاشة التلفاز عندما يقدم المديع نشرته الإخبارية ثم ينقطع عنه الكهرباء، كما سمعتها في أول مرة أذهب فيها إلى المسجد من طرف الإمام حيث انقطع عنه الكهرباء هو أيضا. من هنا ترسخت عندي فكرة أن جملة - نعتذر عن الأخطاء الخارجة عن إرادتنا- مرتبطة فقط بانقطاع التيار الكهربائي.

ففي يوم من الأيام كان أبي يتفرج على شاشة التلفاز، وقطعت عنه الكهرباء ممازحا كي أقول له تلك الجملة، لكن أبي أشبعني ضربا بدعوى أنني أتعلم ‘’تاحرايميت’’.

منذ ذلك اليوم الذي أشبعت فيه ضربا، فقدت حبي لتلك الجملة اللعينة وكنت أحسب أن كل من ارتكب خطأ واعتذر عنه سيأخذ نصيبه من العصا. لكنه في يوم من الأيام ضربني المعلم فوق رأسي حتى سال دما ثم قال لي تلك الجملة التي فقدت حبي لها .لم أعد أفهم لماذا اعتذر لي المعلم وهو يقصد ضربي، تذكرت أنني أنا أيضا كنت أقصد قطع الكهرباء عن أبي لما فعلت ذلك، لأفهم أخيرا أن كل من يعتذر عن الأخطاء الخارجة عن إرادته يقصد فعل ذلك، أي أنه يقصد فعل الخطأ وبعد ذلك يطلب المغفرة بالاعتذار.

فهذه المرة على الأقل اعترفوا بأخطائكم وقولوا للناس - نقصد ذلك لكننا نعتذر - كما تجدون بجنب الطريق – الأشغال.. نعتذر عن الإزعاج- فعلى الأقل هؤلاء يعترفون بالخطأ.