مواضيع اليوم

نظيف السياسى.. موظف بدرجة رئيس وزراء

حسن الزوام

2009-10-28 13:13:19

0

 

يلعب منتدى اليورومنى الاقتصادى دور حلقة الوصل بين الاقتصاد المصرى والعالم .. خلاله يتواصل الطرفان .. كل يقدم ما لديه .. فبين الخطط والطموحات والمخاوف والمعوقات والأفكار.. يدور الحوار.. لكن يبقى العنصر الحاكم لجاذبية القرار الاستثمارى فى أى دولة .. هو مدى الاستقرار السياسى .. وسيادة الديمقراطية وسلاسة تداول السلطة .. ليس حبا فى الديمقراطية فقط .. ولكن قبل أى شىء الحفاظ على الاستثمارات وانسياب الأموال.
وعلى مدى 10 سنوات من أصل 15 دورة للمؤتمر .. دأب الدكتور أحمد نظيف على حضور المنتدى متنقلا بمناصبه الرسمية بين وزارة الاتصالات التى تولاها عام 1999 وكانت بوابته للمنصب الأكبر، ورئاسة الحكومة التى تولاها عام 2004.. لكن حضوره وفقا للتعريف الأخير فى الجلسة الختامية لمؤتمر اليورومنى يحمله بأدوار تميل بشكل أكبر الى السياسة .. فهو صاحب المنصب السياسى التنفيذى الرفيع .. ويفترض فيه أن يقدم الاجابات المقنعة والشافية لكل ما يقترب من نقطة تماس الدائرة السياسية والاقتصادية.
فى مؤتمر اليورومنى وما يوازيه، يرتدى الدكتور نظيف العباءة السياسية .. نازعا عنه عباءة الاقتصاد التى يرتديها طوال السنة اللهم فيما ندر .. فرئيس الوزراء القادم من صفوف التكنوقراط الى رحاب السياسة .. لم يكن يوما خطيبا مفوها ولا سياسيا متمكنا متحزبا جاء من خلف الجماهير .. ولكنه قادم من وراء المكاتب .. حيث المهام والتكليفات والخطط والدراسات والأرقام .. وبالتالى حين يطلب منه لعب الدور السياسى فإنه يتعرض لاختبار صعب.. يخوضه كل مرة متسلحا بالعفوية والتبسيط والسير على الحبال لتجنب الأخطاء والنظرة الفوقية أحيانا.. وهى الاسلحة الخطأ فى ميدان السياسة.
الدكتور نظيف ركز فى كلمته على جهود مصر الناجحة للخروج من الأزمة المالية العالمية، والتوجه المستقبلى للحكومة فى برنامج الاصلاح الاقتصادى، وتأكيد سيادته عزم مصر على الاستمرار فى سياسات الاصلاح، وتشجيع الاستثمارات لاستخدام عوائد الاصلاح الاقتصادى فى تطوير البنية الاساسية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتمويل الجوانب الاجتماعية للطبقات الأولى بالرعاية ومحدودى الدخل، موضحا أن الحكومة قامت بزيادة فاتورة الضمان الاجتماعى وتم رفع مرتبات العاملين بالدولة من 35 مليار جنيه الى 87 مليارا لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وان هناك نظرة مستمرة لموضوع الدعم لكى يصل الى مستحقيه بالفعل، وهو ما أثار تساؤلات عدم تأثير تلك الزيادة المهولة التى تزيد على الضعف على دخول المواطنين، وتطرح تساؤلات حول عدالة توزيع هذه الزيادة على كل الفئات، بالإضافة إلى وجود فئات معينة تلتهم أجوراً خرافية، وهم الخبراء ومستشارو الوزراء والمسئولون الذين تضاف رواتبهم للميزانية كل عام وتحسب فى الحساب الختامى للأجور، الى جانب عدم تعبير زيادة معدلات الأجور عن تحسن المعيشة، فى وجود ارتفاع مستمر فى الأسعار وزيادة نسب التضخم.
واكتفى الدكتور نظيف بالاستشهاد بتوصيل الغاز الطبيعى الى الصعيد على أنه دليل على ظهور نتائج النمو الاقتصادى على الطبقات الأقل قدرة، فى حين قدم اجابات غير مقنعة عن الاسئلة التى وجهت له، ومنها سؤال عن تطوير التعليم تعلل فيه ببطء عملية التطوير نتيجة دخول مليونى طالب التعليم سنويا، وكأنه يطالب بوقف التعليم لحين الانتهاء من التطوير.
وهو الرد الذى لم يقنع الحضور، كما لم يقنعهم اجابته عن العلاقات المصرية الأمريكية التى قال إنها كانت دائما جيدة وتقوم على تبادل المصالح، وهو ما لا يتفق مع موقف القيادة السياسية الذى أقر بتوتر العلاقات مع واشنطن خلال السنوات الأربع الاخيرة من ولاية الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن وبدأ تحسنها مع قدوم الرئيس باراك أوباما الذى فتح بابا جديدا من العلاقات مع الشرق الأوسط فى خطابه التاريخى من القاهرة.
وكان الدكتور أحمد نظيف أعلن أن الحكومة تهدف إلى رفع مستوى معيشة الأفراد كجزء أساسى من إستراتيجيتها للمرحلة المقبلة، وذلك من خلال تحسين الخدمات وخفض معدل البطالة وزيادة الاستثمارات، وأن هناك مؤشرات إيجابية تحققت حتى الآن، حيث ارتفع إجمالى الأجور فى الموازنة من 35 مليار جنيه عام 2004 إلى 86 مليارا فى موازنة العام المالى 2008/2009، كما تحقق مستوى معيشة أفضل للمصريين الآن مقارنة بما قبل 2004 _ عام تكليفه بتشكيل الحكومة- مضيفا أن الإصلاح الاقتصادى المصرى جنب مصر الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية، حيث استطاع الاقتصاد مواجهة تلك الأزمة المالية العالمية بثبات وتمكن من جذب 8 مليارات دولار خلال فترة الأزمة.
قدم الدكتور أحمد نظيف بعض المتناقضات فى كلماته مثل تكراره القول إن مصر من الدول الجاذبة للمستثمرين وذلك لموقعها المتميز الإستراتيجى والاتفاقيات التى وقعتها مع دول عديدة، ثم فاجأ الجميع بقوله إن 70% من الاستثمارات يقوم بها المستثمرون المصريون يعد مؤشراً إيجابياً، بينما هو على الجانب الآخر دليل على تراجع الاستثمارات الأجنبية التى تمثل ضرورة لسد الفجوة بين معدلات الاستثمار المحلى ومعدلات النمو، رغم كل الامتيازات التى تضعها الحكومة للاستثمار الأجنبى، وان حفظت قيمتها فقط كمؤشر محفز للاستثمار ومعبر عن الاستقرار الاقتصادى للدولة.
ثم عاد وتحدث عن أن من العوامل الإيجابية التى تحققت خلال الأزمة المالية العالمية الاستثمار فى البنية التحتية من أجل جذب مزيد من المستثمرين والاستثمار الأجنبى، وأن قطاع النقل ما زال فى مراحل النمو ولديه القدرة على جذب المزيد من المستثمرين، وهناك مشروعات كثيرة سواء فى النقل البحرى أو النهرى أو البرى تستطيع أن تجذب عدداً كبيراً من المستثمرين سواء المحليين أو العالميين.
وعلى خطى اجابته – مشوشة الملامح - العام الماضى عن تساؤلات حول توريث الحكم فى مصر، التى طمأن فيها المستثمرين حول صحة الرئيس مبارك، ووجود سيناريو منظم لانتقال السلطة حيث قال إنها تتم "عادة" بطريقة سلسة، وقوله إن مصر شهدت أربعة رؤساء خلال خمسين عاماً فقط، واعتبر ذلك أحد أسباب عدم قلق المستثمرين، وجاءت اجابته حول عدم وجود نائب للرئيس هذا العام - أكثر تشويشا – بقوله إن الرئيس لم يعين نائبا على مدار 30 عاما، ولا يتوقع أن يعين نائبا له فى الفترة القادمة، دون توضيح اسباب عدم وجود النائب للمستثمرين الأجانب الذين لا يفهمون الواقع المصرى والخلفيات السياسية، ولم يفهم أحد منهم رد الدكتور نظيف بخصوص الاحزاب السياسية ودورها الضعيف المهمش واقتصاره على النقد دون منح الحكومة الحلول المتاحة، ولماذا استقر الواقع فى النهاية على وجود قوتين إحداهما الحزب الوطنى وحكومته والأخرى "الجماعة المحظورة" جماعة الاخوان المسلمين، وهو ما لم يعط اشارات ايجابية فى قضية الاستقرار السياسى، بقدر ما زاد من علامات الاستفهام.
حاول الدكتور نظيف أن يغوص فى بحور السياسة التى لا تناسبه، حتى إنه نسى أن منصبه سياسيى فى الاساس، عندما سئل عن الدور الذى يحب أن يلعبه لو لم يكن رئيسا للحكومة، وإجابته بأنه توعية الناس بأهمية الديمقراطية والحوار والتطور، وهى أمور من صميم التأثير السياسى لشخصه بحكم المنصب وليس بحكم آليات الحكم التى تحول رئيس الوزراء من سياسى الى موظف.
وبعيدا عن الجانب السياسى فى كلمة نظيف .. أكد رئيس الوزراء أن قطاع الاتصالات أسرع القطاعات نمواً الآن، إلا أنه لا يزال لدينا طموح بشأنه ولم نصل بعد إلى أهدافنا لتطوير هذا القطاع، وعن البورصة المصرية، قال إن المؤشرات فى البورصة ما زالت تحت مستوى حد التشبع ولديها فرصة كبيرة للنمو وتعتبر البورصة المصرية من العوامل الجاذبة للمستثمرين.
وقال إن مصر فى وضع أفضل الآن مقارنة بعدد كبير من الدول، مشيراً إلى أن الأزمة لم تنتهِ بعد وهناك تحديات كبيرة ما زالت الحكومة تحاول تحقيقها تتمثل فى رفع معدلات نمو وكسب المزيد من ثقة المستهلك، بالإضافة إلى قدرة الاقتصاد المصرى على الاندماج فى الاقتصاد العالمى.
وأكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء أن عملية الاصلاح البنكى والمصرفى كانت ناجحة وجنبت مصر تداعيات الأزمة المالية العالمية، بالاضافة إلى أن مصر كانت تستفيد من الخبرات العالمية والدولية للدول المتقدمة إلا أنها كانت تعمل على اتباع النموذج الخاص بها والذى يتوافق مع واقعها الاقتصادى وظروفها، وهو ما جنبها تداعيات الأزمة المالية العالمية ، كما عملت على تعديل النماذج الغربية بعد دراستها لتتناسب مع متطلبات الاقتصاد والمجتمع المصرى.
وفى تصريحات صحفية عقب الجلسة أعلن رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تتبنى سياسة الاستثمار من أجل التشغيل وان هناك مشروعات وبرامج تقوم بها الحكومة لمواجهة البطالة .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !