نشاط إسرائيلي متجدد
على ما يبدو استغلت إسرائيل حالة الاحتقان الشديد التي أحدثها قرار بعض دول حوض النيل المطالبة بإعادة توزيع أنصبة مياه نهر النيل , وراحت تسعى من جديد للعبث في أمن مصر القومي الجنوبي , إذ كشفت مصادر إعلامية إثيوبية وثيقة الاطلاع عن مشروع إثيوبي – إسرائيلي بمساعدة ألمانية يهدف لتنمية الزراعة في إثيوبيا , وكشف موقع Walt info الإثيوبي عن أن تكلفة المشروع تصل لنحو 1.5 مليون يورو والهدف منه تطوير نشاطات تنمية الري الصغيرة في أنحاء إثيوبيا , ونقل الموقع ذاته عن وزير الدولة بوزارة الزراعة والتنمية الريفية الإثيوبية بشير عبد الله إن هذه المشروعات ستمكن من تحسين عملية إدارة المصادر المائية والإنتاج الزراعي بالاستفادة من الري وكذلك الاستفادة من المصادر المائية غير المستعملة لأغراض الشرب , وقال إن هذه المشروعات تستهدف حوالي 1,000 مزارع وستساعد في تحقيق برنامج الحكومة الهادف إلى تحقيق الأمن الغذائي , فيما نقل الموقع عن السفير الإسرائيلي لدي إثيوبيا , عوديد بين هايم قوله «إن حكومته ترغب في العمل مع إثيوبيا في مجال تحقيق الأمن الغذائي ومكافحة التغير البيئي» , مؤكداً أنه يؤمن بأن الشراكة بين البلدين ستحقق أهدافها نظرا إلى أن إسرائيل تملك التكنولوجيا الزراعية وأن ألمانيا تستطيع تقديم دورات تدريبية ملائمة في هذا المجال.ويمكن القول إن إسرائيل نجحت بحق في استغلال وضع إثيوبيا دولياً وإقليمياً فيما تصبو إليه من دفع حكومة أديس أبابا لفعل ما تشاء تل أبيب , ويمكن هنا أن نعترف بأن عدم تمكن مصر من توطيد علاقاتها مع إثيوبيا على الرغم من وجود عدة أوراق لديها يمكن اللعب بها ومنها ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي بهدف جذب إثيوبيا إلى أرضية جديدة للتعاون والتخلص من الموقف المتشدد الذي تتبناه والذي بات واضحاً انه يمكن أن يؤدى إلى مشاكل هائلة في علاقاتها بمصر وبآفاق التعاون مع دول حوض النيل , بل يمكن القول إن إسرائيل نجحت وبامتياز في ملء الفراغ الذي تركته مصر مستغلة الحالة الإثيوبية , فعلى سبيل المثال عهد لإسرائيل العمل على تحسين صورة إثيوبيا لدى دول العالم , ومنذ نهاية عام 2008 تم تكليف خبراء إعلام وديبلوماسيين من إسرائيل بإعادة رسم صورة إثيوبيا والترويج لها خاصة لدى الإسرائيليين أنفسهم , وهو الأمر الذي كان له بالغ الأثر في دفع المسئولين الإثيوبيين للعمل على تلبية رغبات إسرائيل والموافقة على كل ما يطلب منهم.وبالعودة للحديث عن مشروعات إسرائيل المائية في إثيوبيا , يجب التأكيد على أن تل أبيب اتخذت قرارا منذ عقود يقضي بعدم السماح لمصر لتحسين علاقاتها أبداً بإثيوبيا , إذ يستشعر الإسرائيليون تأثير الدور المصري في حال نجاح مصر في دعم علاقاتها مع أديس أبابا ويرون في هذا الدور عاملاً قوياً يهدد مصالح تل أبيب ويعيق استقرارها و هو ما يعني حاجة تل أبيب على العمل دوماً بهدف زعزعة أي محاولات للتقارب بين القاهرة وأديس أبابا , وهنا مكمن الخطر لأن إثيوبيا يأتي منها نحو 85 % من المياه التي تأتى الى مصر , ويمكن هنا الاستدلال بما كتبه الصحافي الإسرائيلي شلومو نكديمون الذي عمل مستشارًا إعلاميًا لرئيسي وزراء إسرائيل السابقين مناحيم بيجن، وإسحاق شامير؛ حيث قال «إن الحكومات الإسرائيلية أدركت أنه بواسطة العلاقة مع اثيوبيا وإريتريا يمكن تهديد مصالح مصر والسودان الإستراتيجية في منابع نهر النيل».ويكفى الإشارة إلى أن المشروعات الإسرائيلية مع إثيوبيا في مجال السدود لا يتوقف الحديث عنها , إذ أثير اخيراً مسألة السدود الأربعة التي تنوى أديس أبابا تشيدها بالتعاون مع إسرائيل وبتنفيذ شركة صينية وهو الأمر الذي له بالغ الأثر على مصر ويهدد أمنها القومي مستقبلاً , وقبل ذلك كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية وثيقة الاطلاع عن عروض تقدمت بها شركات استثمارية إسرائيلية يملكها جنرالات متقاعدون في الموساد للحكومة الاثيوبية لبحث إمكانية المساهمة في بناء سدود على منابع نهر النيل في الأراضي الاثيوبية؛ للاستفادة من المياه المهدرة التي تتدفق من هضبة الحبشة، وذلك في محاولة جديدة للإضرار بالأمن المائي المصري والسوداني، والتأثير على حصتهما في مياه نهر النيل , وكشف موقع عروتس شيفع الإسرائيلي وثيق الصلة بدوائر إسرائيلية مطلعة عن قيام شركات متخصصة في مجال الاستشارات الهندسية والإنشاءات في إسرائيل بتقديم عرض للحكومة الاثيوبية يتضمن مقترحات للمساهمة في القيام بمشاريع استثمارية على النيل , وذلك بتشجيع من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية.
خطة إسرائيلية تنتظر إشارة التنفيذ
يشار إلى أن اهتمام إسرائيل بمياه نهر النيل التي تعتبر عصب الحياة لدى المصريين تتعدى مسألة الدخول في مشاريع مشتركة ظاهرها فيه الرحمة لبلدان حوض النيل وفي باطنها العذاب لمصر , وعلى الرغم من أن المخططات الإسرائيلية في هذا الشأن فرض عليها طوق من السرية والكتمان لكي لا يؤثر الحديث عنها على العلاقات المصرية – الإسرائيلية , إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية من حين لأخر وكلما أرادت الحكومة الإسرائيلية جس نبض القاهرة تقوم بنشر ما يمكن اعتباره تسريبات تتعلق بمخططات إسرائيل بشأن مياه نهر النيل , والتي كان أخطرها ما كشف النقاب عنه الخبير الإسرائيلي يوفال نيئمان أحد أهم علماء الفيزياء النووية في إسرائيل وأحد أكبر علماء إسرائيل في مجال الاكتشافات التي يمولها الجيش الإسرائيلي , ففي مقابلة له مع صحيفة يديعوت أحرونوت نشرت بتاريخ 18 -3-2005 أكد أن علماء وزارة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية وتحت اشراف منه خلال توليه مسؤولية تلك الوزارة عملوا على تطوير نبات خاص لديه القدرة على تجفيف مياه نهر النيل إذا ما جرى نشره بكثافة في منطقة بحيرة أسوان , ثم عاد وكرر كلامه وقال «لقد عملنا على تطوير هذا النبات الذي لديه القدرة على تجفيف مياه نهر النيل» وهو ما يعني أن هناك في الأدراج خططا ودراسات جاهزة التنفيذ يمكن تطبيقها فوراً إذا ما توترت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب وهو الأمر الذي يثير معه علامات الدهشة والاستغراب , خاصة أن كلام المسؤول الإسرائيلي منشور علناً ولم يقابله أي تعليق مصري منذ ذاك الوقت.
التعليقات (0)