مواضيع اليوم

نظرية الثورة 6- البروسترويكا

انور محمد

2011-03-15 23:57:08

0

 نظرية الثورة

6- البروسترويكا

---------

     إن مصر تشهد اليوم مخاضا جديدا ، يتمثل فى إعادة بناء الدولة الحديثة على أساس ديموقراطى سليم ، ولابد أن يتم البناء الجديد بعد استئصال بقايا الأطلال والدمن القديمة ؛ إذ لا ينفع البناء على الأنقاض البالية التى أثمرت كل هذه المهالك والموبقات ، وكي يتم هذا الاستئصال يجب أن تتم عملية أخرى ، وهى الجلازنوست .

 

    البروسترويكا هى إعادة البناء ، والجلازنوست هى المكاشفة والمصارحة ، إذ يجب أن تتم المكاشفة بين الهيئات والأحزاب والجماعات ، ليعرف الجميع نواحى الخطأ ، فبداية العهد الجديد يجب أن تتسم بالمسامحة مع المصارحة ، فلا يبنى مجد على أحقاد  أو أضغان ، والذين يملأ قلوبهم الغل لا يستطيعون رفع قواعد البيت عاليا ، إننا يجب أن نقيم بناء سليما صالحا للأجيال القادمة ، أساسه العدل والمكاشفة ، فليجلس كل طرف مع الطرف الآخر ، ويعلن مخاوفه ومطامعه أيضا طالما كانت مشروعة ، فالمطامع السياسية حق مكفول للجميع ، لكن أن نبدأ بناء دولتنا الحديثة بنفس الأسلوب القديم من التلاعب والتحايل والخداع ، فهذا مالا ولن ينجح وستكون عوقبه وخيمة ؛ إذ لم نتصد له جميعا .

 

     سرنى ماسمعت من خبر حل جهاز مباحث أمن الدولة ؛ إذ اعتبرته خطوة على طريق المكاشفة أو الجلازنوست ، ويبقى – فى رأيى – حل الحزب الوطنى وجماعة الإخوان ، فهاتان الخطوتان إذا ما قدر لهما النجاح وهذا ما أرجوه ، فأستطيع بملأ الفم أن أقول أن عملية البناء الصحيحة تمت ، وسيجنى الجيل القادم ثمرتها ، وستنهض مصر كأكبر دولة لا فى الشرق وحده ، بل فى العلم بأسره ، لكن أخوف ما أخافه أن تفشل هاتان الخطوتان ، وعندها إما أن  نعود إلى المربع الأول ، أو تتأخر عملية البناء زمنا غير قليل ، إذا لم تتراجع .

 

     ظهرت ملامح الخطورة من الإخوان فى أولى معارك الاستفتاءات ، وهى الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، حيث امتلأت الشوارع فى مختلف المدن باللافتات التى تحرض الناس على الموافقة على التعديل ، إنه نفس الأسلوب القديم البالى الذى قتل روح الحرية والاختيار ، إذ لازال هناك من يفرضون وصايتهم على الشعب ، محاولين توجيه الناس هنا وهناك ، مستغلين جهل بعضهم ، وسطحية الآخر ، ناهيك عن استغلال الدين وهى لعبة برع فيها الإخوان ، فثمة لافتة معلقة تعلن لك أن الموافقة واجب شرعى ، إلى هذا الحد من استغلال الدين والعبث بعقول البسطاء ، إذ جعلوا من يقول لا للاستفتاء خارج عن الشرع قولا واحدا ، لا أعتقد أن هذا بالحدث البسيط الذى يمر مرور الكرام ، فلابد أن الانتخابات القادمة ستشهد مهزلة من هذا النوع الذى لا يحده ضمير أو وازع وطنى ، إن هذا الأمر يحتاج خطوة حاسمة من المجتمع بأسره ، حتى لا تتفك تلك العروة الوثقى التى تلم شعثنا ، وحتى لا تنقطع الشعرة التى تربطنا ؛ بسبب هذا العبث السياسي والدينى .

 

    إننى أهيب بالعقلاء من الجماعة أن يعلنوا رفضهم هذا العبث ، وأن تكون هناك حياة جديدة نبتعد فيها عن كل السلبيات القديمة التى ذبحت الحرية وقتلت روح الاختيار ، ولنرضى جميعا بمن يختاره الشعب ، ونسعى جميعا لمصلحة هذا البلد ، لا أن نعود للتنافس على مقاعد أو مناصب . كما أهيب بالعقلاء من الإعلامين الذين يتحملون الجانب الأكبر فى الفساد ؛ سواء فى العهد الماضى أو لا قدر الله إذا وقع مستقبلا ، إن الإعلام لا زال هو أيضا يستخدم الأسلوب الساذج فى الإثارة والتلفيقات الكاذبة ، والإشاعات ، بالإضافة إلى السطحية وعدم التعمق فى التحليلات السياسية ، وذاك ناتج بالدرجة الأولى عن تواضع المستوى الثقافى والفكرى لمعدى ومقدمى البرامج الحوارية التى تملأ الساحة الإعلامية ، وما يقابلها  على صفحات الصحف والمجلات .

    

       إن العهد الجديد الذى نحن واردون عليه يحتاج لفكر مستنير وطبقة مثقفة قادرة على الحوار واستخلاص الفكر ، لا مجرد الثرثرة وترديد الكلمات دون فهم أو وعى ، إننى أقول لهؤلاء إنكم تظلمون أنفسكم مرة ، وتظلمون شعبكم مرات ، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .

                         والله من وراء القصد

                                   أنور محمد أنور      




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !