مواضيع اليوم

نظرة في معالجة إعلام حماس لتقرير الغارديان

فلسطين أولاً

2009-12-21 14:24:12

0

نظرة في معالجة إعلام حماس لتقرير الغارديان

اسم الكاتب : طلال محمود

إزاء الزوبعة التي تثيرها ماكنة إعلام حماس في أعقاب نشر الغارديان لتقرير إيان كوبين حول التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية، وخاصة أن الجانب الخاص بممارسة التعذيب كان قد تم تغطيته من مؤسسات حقوقية مشهود لها بالمهنية، والرصانة العلمية من قبيل مؤسسة الحق العاملة بالأساس في الضفة الغربية، قفز إلى ذهني كمراقب مستقل، وما الجديد الذي يجعل من تقرير إيان كوباك بهذا القدر من الأهمية حتى يتم إطلاق حملة إعلامية لا تقل ضراوة عن حملات صوت العرب على الرجعيات العربية في ستينات القرن الماضي.

ومن خلال قراءة التقرير من المصدر، صحيفة الغارديان، ومتابعة ما قيل في كل الوسائل الدعائية لحركة حماس من تغطيات إخبارية، ومقابلات ومقالات صحفية، وجدت نفسي مجموعة من الملاحظات، رأيت أن أضعها أمام القارئ الكريم:-

أولى هذه الملاحظات، يمكن تلخيص محتوى التقرير المنشور في الغارديان بثلاثة أفكار رئيسية:-

1-الأجهزة الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تمارس التعذيب ضد معتقلي حماس، كما أن أجهزة حماس تمارس التعذيب في سجونها بقطاع غزة.

2-الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية تربطها علاقات وثيقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، من حيث التدريب والتجهيز.

3-مطالبة الولايات المتحدة بممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية لوقف التعذيب في سجونها.

أما من حيث بنية التقرير، فلقد اعتمد التقرير على بنية لغوية تتعمد خلق حالة من الغموض الدلالي، ليصبح التقرير فيما بعد مثارا للصراع حول المقاصد والمعاني. فعلى سبيل المثال يشير التقرير في جملته الافتتاحية 

US agency co-operating with Palestinian counterparts who allegedly torture Hamas supporters in West Bank

بمعنى أن وكالة المخابرات المركزية تتعاون مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تمارس التعذيب بحق أنصار حماس في الضفة الغربية.

وفي الفقرة التالية يتبع ذات الأسلوب الغامض في دلالته، فيكتب

Palestinian security agents who have been detaining and allegedly torturing supporters of the Islamist organisation Hamas in the West Bank have been working closely with the CIA, the Guardian has learned

وتعذيب أنصار حماس في الضفة الغربية تربطهم علاقات عمل وثيقة بوكالة المخابرات بمعنى أن ضباط الأمن الفلسطينيين الذين يقومون باعتقال المركزية، كما علمت الغارديان بذلك

على هذا النحو يستمر صاحب التقرير في العرض لمحتوى تقريره، الأمر الذي يلقي ظلالا من الريبة في غايات التقرير، وهل هو فعلا مناهض للتعذيب في السجون، أم هو تقرير صيغ بغرض سياسي غير برئ؟!.

ثاني هذه الملاحظات، وتتعلق بالحملة التي تشنها وسائل الإعلام التابعة والمساندة والمتحالفة والمأجورة لحركة حماس حول هذا التقرير، والتي تراوحت بين التطبيل والتزمير لسلوك السلطة الفلسطينية التي تنتهك حقوق الإنسان في الضفة الغربية، لتصل إلى حد مطالبة الناطق الإعلامي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا للدول المانحة للسلطة الفلسطينية أن تتقصى عن ما يتم تقديمه من أموال، والتأكد من أن هذه الأموال لا تصل إلى تلك الأجهزة الأمنية التي تمارس التعذيب.

المثير في الأمر، أن كافة منابر هذه الحملة الإعلامية توافقت، على نحو ملفت للنظر، على اعتماد حالة من سوء قراءة متعمد للتقرير، بمعنى الاستهبال في قراءة التقرير.

فجميعهم أجمعوا في ترجمتهم لعنوان التقرير على أنه السي آي إيه تتعاون مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في تعذيب أنصار حماس.

وذهبت المواقع الإنجليزية المشاركة في الحملة إلى أكثر من ذلك، بأن قامت بإعادة نشر التقرير تحت عنوان مخالف تماما، كما فعل موقع  http://www.champress.net

CIA Helps Palestinian Security Agents in Torturing Hamas Supporters

بمعنى السي آي إيه تساعد ضباط الأمن الفلسطينيين في تعذيب أنصار حماس.

بينما أن النص الإنجليزي الصادر في الغارديان هو

CIA working with Palestinian security agents

بمعنى السي آي إيه تعمل مع ضباط الأمن الفلسطينيين.

وجميعهم يجمعون على تجاهل إشارة التقرير إلى التعذيب الذي تمارسه أجهزة حماس الأمنية بحق المواطنين في قطاع غزة.

وجميعهم يجمعون على تجاهل حقيقة استناد التقرير إلى مجموعة التقارير التي صدرت عن مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين، التي تعمل بحرية كاملة في الضفة الغربية، ويتعذر عليها العمل في قطاع غزة الواقع تحت سيطرة سلطة الأمر الواقع لحركة حماس.

وجميعهم أجمعوا على تجاهل التفصيل الذي يقدمه التقرير حول طبيعة التعاون بين وكالة المخابرات المركزية والأجهزة الأمنية الفلسطينية، والتي يحصرها في التدريب والتجهيز، ويصرون على أن هذا التعاون في مجال اعتقال تعذيب والتحقيق مع أنصار حماس.

فنحن نقف إزاء حملة، تقوم على استثمار تقرير إيان كوبين في الغارديان، إلى أقصى حد، وبشتى السبل، من باب استغلال الغموض الذي جاءت عليه البنية اللغوية للتقرير التي افتقرت إلى الإحكام بصورة متعمدة، كما نعتقد، وبالتالي تزوير المزور وتشويه المشوه وتضخيم المضخم. وهذه الحملة بدأت أهدافها تتبلور من خلال ما تم كتابته منذ الأمس. أول هذه الأهداف، المس بوجاهة السلطة الوطنية أمام الجمهور الفلسطيني، وبالذات المقيم خارج البلاد. وثاني هذه الأهداف هو زعزعة علاقة السلطة بالمجتمع الدولي، وبالذات تلك الدول التي لها باع طويل في تقديم المساعدة للسلطة، مثل دول الاتحاد الأوروبي.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !