قرأتُ، على صفحة الأخ الجليل الأستاذ مصطفى بوكرن، تعليقا منه على ما يحدث بالعالم الإسلامي من احتجاجات على الفيلم المسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يلي:
(على فكرة، في مادة التربية الإسلامية مقرر الثانية بكالوريا الآداب و العلوم إنسانية، مقررٌ كل أسبوع ساعةٌ لتدريس السيرة النبوية " كتاب السيرة النبوية دروس و عبر " مصطفى السباعي، أرجو أن تعمم هذه التجربة الرائعة على كل الشعب و في كل المستويات !)
فقلت لنفسي: لماذا لاأنشر –وعلى حلقات- بحثا قمت به حول كتاب الدكتور السباعي –رحمه الله- القيم: "السيرة النبوية: دروس وعبر"؟
لقد كانت محاور البحث كالتالي:
-تقديم
-ضوابط في منهجية دراسة السيرة النبوية
-الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: مسيرة حياة وعطاء
-كتاب السباعي رحمه الله حول السيرة: قراءة وتعليق
-المرأة في سيرة السباعي من خلال "العبر والعظات"
-الحديث في سيرة السباعي رحمه الله
-وقفة مع كتاب
-خاتمة مع ملاحق .
وقد قدمت للبحث بإهداء كالتالي:
[إلى:
- رسول الله القدوة -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- سائلا الله عز وجل أن يرزقنا حبه وحب سنته.
- الصحابة الكرام، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين، مؤكدا:
إنـي أحب أبا حفص وشيعتــــه كما أحب عتيقا صاحب الغــار
وقد رضيت عليا قدوة علمــــا وما رضيت بقتل الشيخ بالدار
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي فهل علي بهذا القول من عار؟]
وتجدر الإشارة إلى أن الفقرة المتعلقة بـِ"ضوابط في منهجية دراسة السيرة النبوية " قد سبق نشرها في بعض المواقع الإلكترونية، لكنني سأعيد نشرها حتى لايبتر البحث .
ولعل الاحتجاجات المباركة ضد الفيلم المسئ لنبي الله عليه السلام لهي مما يحفز على نشر هذه الصفحات، نصرة للنبي الكريم الذي جاءنا بخير الدنيا والآخرة، ثم خدمة للعمل التربوي في نظامنا التعليمي الذي لم يعرف انطلاقته الحقيقية بعد، والله الموفق للخير.
وفيما يلي الحلقة الأولى من محاور البحث:
تقديم:
تعتبر السيرة النبوية من المكونات الأساسية التي لاينبغي أن يخلو منها مقرر مادة التربية الإسلامية. ولذلك حفلت المناهج السابقة للمادة ، في الإعدادي والتأهيلي، بل حتى في الابتدائي، بدروس في السيرة النبوية، عبر مكونات خاصة بها. وخصصت تلك المكونات بتحديد لمنهجية تدريسها والتعامل معها، من خلال مذكرات وزارية أو كراسات تتضمن توجيهات تربوية (1).
لكن لوحظ، في السنوات الأخيرة، غياب فظيع لهذا المكون، لدرجة يمكن القول معها أن العمل على تدارك ذلك الغياب أصبح واجبا دينيا، بله تربويا تعليميا.
غير أنه في السنوات الثلاث الأخيرة، تم إقرار تدريس كتاب "السيرة النبوية – دروس وعبر" للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، وذلك في السنة الثانية تأهيلي، وفي سلك الآداب والعلوم الإنسانية فقط ! ولعل في ذلك استجابة جزئية لما يمليه ذلك الواجب الديني، وضمنه التربوي، المشار إليه. فلا يعقل ألا يدرس تلامذتنا في سنوات الإعدادي كلها، وفي سنوات التأهيلي في كل المسالك –باستثناء مسلك العلوم الإنسانية كما مر- سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي نجد فيه:
- إما هجوما على السيرة النبوية، عبر "وضع حواشي" على كتابات للإستشراق (2).
- أو تقديما لها للناشئة بنفَس ٍ رافضي حقود على رجالات السيرة، خصوصا منهم الصحابة الكرام.
وبما أنه قد تم إقرار تدريس كتاب السباعي رحمه الله، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإن هذا البحث حاول تقديم خدمة لأستاذ المادة أولا، ولغيره من القراء ثانيا، عبر محاولة تحديد منهجية لدراسة السيرة النبوية، ثم التعرف على الكتاب وصاحبه. ولذلك عملنا على التعريف الكامل بصاحب الكتاب، أي الشيخ السباعي رحمه الله، ثم بالكتاب والمواضيع التي تطرق إليها، خاصة المواضيع المرتبطة بالصراع الحضاري كموضوع المرأة.
وتنشط اليوم، في بعض دول العالم الإسلامي، حركة علمية دؤوبة لتحقيق نصوص السيرة النبوية، بالاعتماد على علم الجرح والتعديل، خاصة بعد أن ذر قرن التشيع الذي يتدسس إلى أبناء السنة تدسسا، عبر مرويات من كتب أهل السنة لاتتوفر فيها شروط الصحة، مستغلا في ذلك جهل أبنائنا الفظيع:
أولا: بأدبيات التشيع الجعفري، خصوصا ما يتعلق منها بالنصوص الحديثية ونصوص السيرة.
وثانيا: بما صح وما لم يصح من مرويات السيرة.
ولذلك كان فصل "الحديث في كتاب السباعي رحمه الله" وفصل "وقفة مع كتاب إضاءات لتقريب دراسة المؤلفات: السيرة النبوية – دروس وعبر".
وبما أن حياة السباعي رحمه الله حافلة بأحداث لعبت فيها شخصيات كثيرة أدوارا مختلفة، فقد ذيلنا البحث بملاحق تعرف ببعض تلك الشخصيات وكذلك ببعض الأحداث.
وإجمالا، يمكن حصر أغراض هذا البحث فيما يلي:
- وضع منهجية للتعامل مع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
- التعريف بكتاب السباعي رحمه الله.
- التحذير من الهجوم الرافضي على عقيدة الأمة ومذاهبها المعتبرة.
أما منهجية تدريس مؤلف السيرة للسباعي رحمه الله، فلم يجعلها البحث غرضا له، بسبب أن مجموعة من المنسقيات الجهوية التخصصية للمادة، في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في بلدنا، قد تداولت الموضوع وأصدرت أوراقا فيه. ولعل ما اقترحه كتاب "إضاءات..." المشار إليه – من حيث " توزيع الكتاب حسب مضامينه إلى دروس وحصص ديداكتيكية" (3)، و "اقتراح أنشطة تقويمية ....تنطلق من دراسة نصوص منتقاة من الكتاب المقرر والاشتغال عليها"(4)- أقول: لعل ما اقترحه الكتاب جدير بالأخذ بعين الاعتبار.
والله الموفق للخير، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
الهوامش:
1- نشير مثلا إلى كراسة "الأيام التربوية لفائدة الأساتذة العاملين في السلك الثاني من التعليم الأساسي (وثائق تربوية خاصة بمادة التربية الإسلامية) لسنة 1991، وقد عرَّفت في الصفحة السابعة منها بالسيرة النبوية وأهدافها النوعية، وكذلك الكراسة بنفس العنوان لسنة 1992، وقد تم تفصيل الحديث فيها عن منهجية تدريس مكون السيرة النبوية في الصفحات من 38 إلى 45، وغير ذلك من الوثائق الرسمية. ينظر: "منهجية تدريس السيرة النبوية بالسلك الإعدادي من خلال الوثائق التربوية والمذكرات الوزارية الواردة في الموضوع" لأستاذنا عبدالعزيز عدنان حفظه الله، والمنشور في العدد الثاني من نشرة "المرشد التربوي"، إصدار منسقية التربية الإسلامية بأكاديمية مكناس تافيلالت (1422-1423/2002-2003).
2- المقصود ترديد شبهات الاستشراق حول السيرة، كما فعل هشام جعيط أخيرا لَما كتب "في السيرة النبوية"، والتي صدر منها إلى الآن جزءان. وقد خضع جعيط فيما كتبه لفكرة الألماني "تيودور نولدكه" التي يرى فيها أن الإسلام هو الصيغة التي دخلت بها المسيحية إلى بلاد العرب !! بالإضافة إلى أفكار استشراقية أخرى كثيرة جدا، مما يمكن معه اعتبار كتاب هشام جعيط "حاشية ً على متن نولدكه وغيره من المستشرقين". وللإشارة فإن هناك من المفكرين من يعتبر أمثال جعيط والجابري –في كتاباتهم حول الإسلام- مجرد كتاب "حواشي" على كتب المستشرقين.
3- إضاءات لتقريب دراسة المؤلفات، ص 18.
4- نفسه بنفس الصفحة.
التعليقات (0)