مواضيع اليوم

نصف مقعد... ق ق ج

سعيد موفقي

2016-10-29 14:36:41

0

بدا لي في الستينيات ، حسب ملامح وجهه ، و الشيخوخة شاخصة في تجاعيده أيضا ، قفز قبلي إلى المقعد الموالي لنافذة الحافلة ، احتله و هو ينظر إليّ ، طننته يريد الاعتذار لأنّه رآني واقفا أنتظر ، لم يهتم ، دسّ حقيبته المكنظة بأشيائه ، و لم ينتبه بأنّي مازلت واقفا ،...
يبدو أنّه يفكّر في وضعية الجلوس...
هو و هي احتلا نصف مقعدي ، أصبت بالوجم و لم استطع أن أطلب منه ترك نصف مقعدي ، الحقيبة التي وضعها مكان رجليه منعته من الجلوس باعتدال فما كان عليه إلاّ أن يوجّه ركبتيه إلى جهتي . جلست بنصف و استحييت أن أحرجه بتصرّفه و احترمت وجهه الذي لفت انتباهي...
يبدو أنّه مرتاح بهذه الوضعية...
أخرج هاتفه المتطوّر و راح يبحث عن اسم أحدهم ، نجح الاتصال ، فاتحه بقهقة مدويّة ، ، كان الوحيد الذي نسمعه ...و كنت حينها أشعر بالضيق و الشّفقة ، في كلّ مرة يحاول إزاحتي عن بعض ما بقي لي من نصف مقعدي ، محرّك الحافلة كان مزعجا أيضا ...
يبدو أنّه يعاني من خلل ، لم يشأ السّائق فحصه ، و تركه لفرصة أخرى ربّما حتى يصل... لأنه ليس خطيرا .
انتبهت لجلوسي ، و يبدو لي أنّني نسيت مقعدي ، و شعرت بالارتياح حينما صمت جاري في الحافلة فنام...
يبدو أنّه مرتاح بهذا الجلوس و النّوم...
توقفت فضفضته التي ملأت المكان بالضّحك ، و بخليط من العربيّة و الفرنسيّة...
يبدو أنّه معتاد...
شعرت بالضيق أكثر لما أدركت أنّه يحسن لغة المثقفين ، لكنّه لم يفقهه في جلوسه ، طيلة الرّحلة...
يبدو أنّ "الضيق في العقول" و ليس في القلوب...
توقّفت الحافلة ، نزلت وتركت له نصف المقعد الثاني...ليتمتّع بمقعدين...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات