نصف رغبة عبد الوهاب الملوح
|
|
لا علاقة للأمر بما تبخَّر من الوهم في الطريق!
يوما بعد يوم ينهض الضوء فاتحا ذراعيه للحدائق تزدهر بأخيلة السرد
ينهض من رمـــاد الأمس بياضا يُقاوم برد المفاصل؛
يوزع على المارة
ما بقي في جيوبه من قهقهات أطفال المدارس ويمشي إلى حتفه؛
..ربما كنت نصف رغبة أنزلقت من نزوة غامضة في شهوة أبي المعلقة على مشجب في النسيان خلف الباب؛
نصف رغبة شبيهة شيء ما بتفاحة يثقبها الدود من الداخل؛
شبيهة بدمعة تتسع بها حدقة الوقت؛
شبيهة بجرعة مورفين لإسكات عويل الصمت في الاسم؛ هكذا بقيت أتأرجح بين نصف حياة ونصف موت؛ نصف عزلة ونصف أنس؛ نصف وهم ونصف حقيقة؛
لم أحارب أحدا ولم أقاتل مع أي جهة لم أكن يوما ما مناضلا؛ لم أخطط لأي انقلاب.. لم انتصر ولم انهزم؛ خسارتي في الحب كانت كل ما حصلت عليه واقفا في الصمت كآخر البدائيين الرحل ...أنا اللقيط والظلال عائلتي
هكذا خرجت الآيام تطارد الضوء قبل أن يفتح ذراعيه!
مع ذلك لا تزال الطريق أعلى من السقف
أو هي تصعد عموديا
تهتف عند أعاليها أكثر من رغبة
كان المشهد سيكتمل لو تركتني الظلال
أعيد ترتيب حاجاتي العاطفية
أولا بأول
أتقدم
مبتعدا عني
منفصلا عن جثتي القادمة
مختبرا حواسي
متمردا على عائلة اليومي
مستبقا مزاج الطقس
مستعصيا على غدي
مغلوب على أمره في حبك ..
نسيانك عملية انتحار فاشلة غير إن تذكرك سقوط حر دونما استعمال لمظلة
كيف أقولك
الممر إليك معابر مفخخة
نقاط تفتيش فيما بين الترقوة و الحواس
في النوايا وافتضاح النخاع الشوكي؟
كان يُمكن ان يكتمل المشهد ..
تجيء ساعات الصباح الأولى من خلف هضاب الحلم؛ يتشبه الصباح بعريكِ؛ يتدفق عاليا كقامتكِ؛ يأخذ شكل ضحكتك؛ يسفح نوره كامتداد ظهرك
أطيل التحديق في دقائق ساعات الصباح الأولى وهي تتشكل أصابع أنيقة شيقة لنهار بلا متواليات نكدية؛ سوف تعزف هذه الأصابع سينفونية دونما توتر ايقاعي وتغيب مخلفة مذاق البن في الشارع.
وبينما يعيد الوقت النظر دائما في معجمه النثري
أخطيء الطريق إلى العمل؛ أحوِّل وجهة رتل من النمل حيث تتجه الشمس مسرعة إلى حتفها في جيب سترتي المثقوب. غير أن الوقت لا يتقدم في السن أبدا
أفخِّخ عري الظهيرة؛ أتمدَّد فوقها على اعتبار انها ظهر النهار..
المقعد الوحيد الذي وجدته شاغرا هذه الظهيرة كان تحت شجرة أكاسيا تنعس في الظلال كان للمشهد علاقة بصمتك ..
يطلع المساء سكرانا من بين خطاي؛ اعتصره خاصرة لشبقية طارئة أطيلها شماتة في الآتين من جهة الغيب غير أنه حالما يندثر يخلف غصة شبيهة بشهوة لا تهدأ لأمرأة لا تأتي ...
منهزما أقتل نهارا آخر بيد ليل يتسلل في جسدي الذي يفيض ألما ويغرق في نشوته
ليس لي غير حزني وأغنية تتلاشى بصوت أدرِّبه كيف يُشبهني
أتفقّد في عزلتي ما تبقَّى من الانتظار وما يتبقّى من الحلم في المزهرية
لي رغبةٌ في التعرِّي وطعن الهواء
قلبي فرن مقفل يلتهم لهبه؛
أرى عرقي يتسلق جرح الجدار ويرسمني شهوة تتوهج
أهتف للغائبين يرد الصدى بدل صمتهم
وترد المسافة اني الوحيد بلا معطف في الطريق
عادة ما أبررحزني بما لا يعنيني
ها هو النهار يعود من عمله اليومي مغموسا في رائحتك
هكذا أنا الان وحيد تماما؛ تماما وكما ينبغي؛ وحيد بلا حاجة للبكاء ولا حاجة للوهم؛ وحيد بلا حاجة لقصائد محمود درويش أو اغاني ام كلثوم وبلا حاجة لهواء اصطناعي وحب مستعجل كرغيف لم يحتمل نار الفرن...
هكذا وحيد وليس كما ينبغي يحتاج أن يتعرى من حزنه
يلقي بسترته للنهر تغتسل من رائحة قديمة ..
تتنشف عند شمس لن تطلع قريبا؛
يحتاج أيضا الى ترتيب جلسته كأن لا يضع ساقا على ساق ولا يمد رجليه تثرثر بين العابرين
وربما سيحتاج ان يُطفيء سيجارته في كفّه ولا يتأوه
لا يفكر أن يتزوج دمعته
ولا يفكر في سلالته القادمة من عائلة عزلته
هكذا سيخرج من أزمته بأقل الاضرار حتى اذا ازداد جرحه عمقا
عثر على سرير ينام فيه مستريحا
لأني لا أعرف معنى البكاء
لن يكون صهري الضحك
ولن تكون دمعتي زوجتي
سأشكك في ارتيابي بفوضى الرقص
سالعن كل الرغائب
واثأر لي من جسدي الذي يشتهيك.
شاعر من تونس
التاريخ : 22-06-2012
|
التعليقات (0)