أحببتُ مِهْناً في الوجودِ ولكنــي
وجدتُ عُلاكَ المجدَ يا حِرْفَ القَلَمْ
نشأتَ بقلبي مثلَ فجرٍ مهيبـةٍ
تُبدِّدُ ظُلْماتِ العَصا والعَدَمْ
أحببتَ صغاراً يَحضُنون براءَةً
وفيهمْ رُؤى الأمَلِ البَهيِّ تَنَمْ
فصِرتَ تُعَلِّمُ لا لِتَكْسَبَ عِيشَةً
ولكنْ لِتَزرَعَ في القلوبِ الحُلُم
ترى في وجوهِ التلاميذِ سُنْبُلاً
يُحاوِلُ صَعْدَ النُّورِ بَيْنَ الأُمَمْ
تُعانِقُ أصواتَ الطفولةِ باسِماً
وتنسى المَتاعَ وتَغْفُرُ الألَمْ
تُرابُكَ مِحْبَرَةٌ، وبيتُكَ مَكْتَبٌ
وفي كَفِّكَ التَّاريخُ والنُّظُمْ
تُسافِرُ في الدَّرسِ الطويلِ كأنَّها
صلاةٌ تَهيمُ بها جموعُ العالَمْ
تُعيدُ وُجودَ الأرضِ بعدَ سُباتِها
وتَكتُبُ أسماءَ الصِّغارِ بنِعَمْ
تُنادي على العِلمِ المقدَّسِ عاشِقاً
وتَخشَى على الحَرفِ الجميلِ العَدَمْ
يَقولونَ عنكَ الحالُ حالُ مُجَانِنٍ
وأنتَ ترى في الجنونِ القِمَمْ
فَيا مَنْ تُضيءُ الدَّرْبَ دونَ مكافَأٍ
تَصوغُ العُقولَ وتَرفَعُ القِيَمْ
نَمَتْ فيكَ نَخْلَةُ صَبْرٍ خالِدَةٍ
تُظَلِّلُ مَنْ حَوْلَكَ بالهِمَمْ
تَرى في عيونِ الصِّغارِ خلاصَنا
فَتَبْكي وتَضْحَكُ كالطِّفْلِ الحُلُمْ
إذا ما دَجا الليلُ والتعبُ اشتَكى
تُعانِقُ أوراقَكَ دونَ نَدَمْ
فَكَمْ غابَ عَنْكَ النَّوْمُ خوفاً عليهمْ
وكَمْ سَهِرَ الحِبرُ في كَفِّ قَلَمْ
تُعَلِّمُنا أنَّ الحَياةَ رِسالَةٌ
وأنَّ المُعَلِّمَ تاجُ الأُمَمْ
التعليقات (0)