لماذا أتمسك بهذا الشرخ الظالم الذي شطرني إلى نصفين ؟ واحد ميت هنا ، والآخر يحترق على لظى نار ظالمة هناك ، لااصدق انك ترحلين وتناين بي وبحبنا إلى غياهب المجهول ، وتضحكين ملئ قلبك للوهم ،ثم تبكين هناك حيث الحدود البعيدة بندم ..
هاهي ذي الأيام تأخذ مني كل شيء جميل
حاضنا وجهي بالكفين
أداري الدمع الهاطل خلفهما
كنت هناك وكان الوداع ،
ليس سوى تمتمة شفاه
ودمع سخين في حدقات نُجل ..
هاجروا
رحلوا
غادروا ..
م ات وا
ريتا الأشورية
نداوة حية
طيبها الأريج للإزهار
صوتها سقسقة عصافير الصباح ..
ريتا هادئة الطبع
كجدول حالم رقراق
من عينيها النجلاوين يتدفق بهاء ساطع ..
ما أجمل عينيك اللوزيتين الضاحكتين..
ريتا أيتها الأشورية
لكي أكون مثلك وسيما مليحا
بسام الثغر
وضاح الجبين مرحا
ينبغي لي
أن لا أكون شاعرا
يهصر قلبه الشجن ..
_ قالت بصوت يتحشرج وهو يخرج من أعماق حزنها : الجم لسانك ،لاتنطق بكلمة
هل لك أن تبكي على اللاشيء!؟ وهل قال الدمع شيئا لايستشعره !؟
ما هذه النار التي يتكوم عليها رماد تعبي وإرهاقي وخوفي الأبدي ، فلا يتعالى منها لهيب وإنما تظل تتقد في باطنها بعبوس كأنه اتقاد الجحيم – سئمنا ذل الهروب والتخفي ، والشيخ المدجج بالوعيد يعدو خلفنا ..
كان بودي أن نسير طويلا في وداعة ضوء الشمس الغاربة عبر الشوارع المألوفة لنا ، ولكنها أطبقت علينا بضيقها وتشابهها وقسوة تضاريسها ، فما لبثت خطواتنا أن ساقتنا إلى نفس المكان الذي التقينا عنده أول لقاء .
- تعالي ندق بنبضنا جرس القبور النائمة
تعالي ربما لنا في الخراب وطن ..
_عبثا تحاول
ها قد حان الوداع ..
بل قولي حان وقت غروبنا ،
القلب يفيض بأشجانه يا ريتا والمسافات أغلال ..
إنني احبك ولست نادما لأني عرفت بهذا الحب معنى أن يولد الانسان من جديد ، معنى أن يحب الرجل امرأة يعرفها بدقة وتعرفه بدقة ،ها قد تهدم كل شي ياريتا وها أنا مرة أخرى أعود إلى صحراء التيه وحيدا ارثي غروبك ،
اعرف سيحل ليل بارد عما قريب ، و ستزيد من صداعي الذكريات ، وفي قاع قلبي سيبقى الحزن بلا حدود ..
ارحلي ياريتا، أقولها وغراب جثتي يصفق فوق أجنحة التراب ، وعلى نشيج طبوله تدمع أعين التماسيح ..
رحلوا
غادروا
هاجروا..
كان الوداع
ليس سوى تمتمة شفاه
ودمع سخين في حدقات نُجل ..
من البصرة – الموفقية – إلى بغداد – الدورة – المشتل – كم الأرمن ، هروب متواصل ، مطاردة ، تضييق ، كانت تلك رحلة شقاء ريتا وعائلتها ..
- في مساء آخر حزين استقلت ريتا وعائلتها الباص المنطلق صوب الحدود مهاجرة، حيث باعت كل ما تملك لتوفير مبلغ ضخم لتهريبها وعائلتها عبر الحدود إلى أوربا بمساعدة سماسرة تهريب محترفين، في هجرة سرية قسرية منظمة تطال الأقليات في العراق !؟ .
صادق البصري
2/11/2010
التعليقات (0)