بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب الخلق أجمعين ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله الهادي إلى الحق المبين
وقال الدكتور شريف كف الغزال :
العلقة : الحقائق العلمية: يبدأ طور العلقة في اليوم 15 وينتهي في اليوم 23 أو 24 حيث يتكامل بالتدريج ليبدو الجنين على شكل الدودة العلقةالتي تعيش في الماء ، ويتعلق في جدار الرحم بحبل السرة وتتكون الدماء داخل الأوعية الدموية على شكل جزر مغلقة تجعل الدم غير متحرك في الأوعية الدموية معطية إياه مظهر الدم المتجمد .وبالرغم من أن طبيعة الجسم البشريّ هي أن يطرد أيّ جسم خارجي فإن الرحم لا يرفض العلقة المنزرعة في جداره على الرغم من أن نصف مكوناتها ومورثاتها هو من مصدر خارجي (الأب) وهذا مرده حسب بعض التفسيرات أن منطقة خلايا Syncitia بالعلقة لايوجد بها مولدات ضد Antigens .يجدر بالذكر هنا أن الشريط الأولي Primitive Streak هو أول مايخلق في الجنين في اليوم 14 أو 15 ثم تظهر فيه العقدة الأولية Primitive Node ، ومن هذا الشريط تتكون الخلايا الأم Stem cells ومصادر الأنسجة الرئيسية Mesoderm, Ectoderm, Endoderm التي سوف تشكل أعضاء وأنسجة الجسم المختلفة ، وفي نهاية الأسبوع 3 يضمر الشريط الأولي ويتوضع ما يتبقى منه في المنطقة العجزية - العصعصية Sacrococcygeal region بنهاية ذيل العمود الفقري مبقياً على بقايا للخلايا الأم في هذه المنطقة ، حتى أن بعض أورام المنطقة العصعصية والتي تسمى ( الورم متعدد الأنسجة أو الورم العجائبي Teratroma)) يمكنها أن تحوي أنسجة مختلفة (عضلات، جلد، غضروف ، عظم وأحياناً أسنان أيضاً) بخلاف الأورام التي تنشأ في مناطق أخرى والتي تكون على حساب نسيج واحد محدد .
تأملات من القرآن والسنة:تستغرق عملية التحول من نطفة إلى علقة أكثر من 10 أيام حتى تلتصق النطفة الأمشاج (البيضة الملقحة) بالمشيمة البدائية بواسطة ساق موصلة تصبح فيما بعد الحبل السري ولهذا استعمل البيان القرآني حرف العطف (ثم) في الآية الكريمة (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) (سورة المؤمنون14) الذي يفيد التتابع مع التراخي .
والعلقة لغوياً لها معاني عدة :1- الدودة العلقة Leech التي تعيش في البرك وتمتص دماء الكائنات الأخرى.2- شيء متعلق بغيره.3ـ الدم المتخثر أو المتجمد . وهذه المعاني جميعاً منطبقة تماماً على واقع الجنين البشري بعد انغراسه في جدار الرحم فهو يبدو على شكل دودة العلق ( Leech ) وهو متعلق أيضاً بجدار الرحمً عن طريق حبل السرة ، و تنشأ بداخله الأوعية الدموية على شكل شبكة جزر مغلقة معطية إياه مظهرعلقة الدم المتجمد.
ثم يتم التحول سريعاً من علقة إلى مضغة خلال يومين (من اليوم 24 إلى اليوم 26) لهذا وصف القرآن هذا التحول السريع باستخدام حرف العطف (ف) الذي يفيد التتابع السريع للأحداث (ً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) (سورة المؤمنون14) . إذاً حتى استعمال حروف العطف المختلفة كانت له دلالات بيانية إعجازية عكست اختلاف المراحل الجنينية .
وطور العلقة هو الطور الثاني إذاً من أطوار المراحل الجنينية وقد ذكر في القرآن في مواضع عديدة ، قال تعالى (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى . ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى . فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى) (القيامة: 37-39) وقال في سورة سميت بسورة العلق ( خلق الإنسان من علق ) (العلق 2) .
وعودة على موضوع الشريط الأولي الذي هو أول مايخلق في الجنين ومن هذا الشريط تتكون الخلايا الأم وأعضاء وأنسجة الجسم المختلفة وفي نهاية الأسبوع 3 يضمر الشريط الأولي ويتوضع ما يتبقى منه في المنطقة العصعصية بنهاية ذيل العمود الفقري مبقياً على بقايا للخلايا الأم في هذه المنطقة ، وهذا مصداق لقول سيدنا الرسول (صلى الله عليه وسلم ) كما روى عنه أبو هريرة في مسند أحمد ( كل ابن آدم يبلى ويأكله التراب إلاّ عجب الذنب ، منه خُلق وفيه يُركب) فالخلايا التي تشكل أنسجة وأعضاء الجسم تتوضع في "عجب الذنب" أي العظم العصعصي ومنها يخلق الإنسان ، صدق رسول الله !
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال هام : لماذا تعرض الرسول (صلى الله عليه وسلم) لقضية علمية في زمن لم يكن لمخلوق علم بها ؟ ومن أين جاء بهذا العلم لو لم يكن موصولاً بالوحي ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض ؟
وللإجابة على ذلك نقول بأن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى معرفة مراحل الجنين وسوف يتعرف على دور الشريط الأولي ، فألهم خاتم أنبيائه النطق بهذه الحقيقة ليبقى فيها من الشهادات على صدق نبوته ورسالته ما يكون ملائماً لكل زمان وعصر.انتهى
وإلى الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى
التعليقات (0)