هل كان (القروي) صاحب قناة (نسمة) التونسية، يعرف أن مجرّد عرض فيلم كارتوني على شاشتها الصغيرة، كافٍ لتحويله هو وقناته وجميع ممتلكاته إلى كارتون صالح لإضرام النار في تونس بأكملها من جديد، بعد هدوء وإستقرار نسبيين عاشتهما بعد فوضى الإطاحة بنظام بن علي ؟!..
القضية أن (الفيلم القضية) ليس مُجرّد فيلم كارتوني (بريء) مُوجّه إلى فئة بريئة كالأطفال، بُغية تعليمهم وتثقيفهم وتوجيههم منذ نعومة أظافرهم، أو حتى بُغية الترويح عنهم في أوقات فراغهم، كما هو شأن الأعمال المُشابهة .. لأن الفيلم (القنبلة) ليس بريئا لا شكلا ولا مضمونا، ولا يصلح إلا للحرق في مُجتمع مسلم كالمُجتمع التونسي !.. لكن لماذا إختار القروي هذا الوقت بالتحديد لعرض الفيلم، رغم علمه بحساسية المرحلة التي تمُرّ بها تونس، واحتقان الأجواء بين مُختلف التيّارات الدينية والعلمانية ؟!..
أسئلة كثيرة تطرح نفسها، في الوقت الذي عجز فيه القروي نفسه عن الإجابة عنها أمام كاميرات القنوات العالمية التي أُعجبت بجرأته للتطاول على رب المسلمين في عُقر ديارهم، كما خاب ظنها من إرتباكه أمام عدساتها في مُحاولاتٍ مُستميتة منه لتبرير موقفه (ممثلا للذات الإلهية) في العمل الكارتوني، و(مسؤولا عن النشر والتحرير) بالقناة، قائلا :(إن لقطة من الفيلم أفلتت من الرقابة ولم ينتبه لها، هي التي جلبت له ولقناته كل ذلك الخراب) ؟!..
القروي لم يستطع إقناع التونسيون بأن ما اقترفه كان خطئا (غير مُتعمّد)، أوأنه لايقوم بتمرير أجندة سياسية خارجية، خصوصا وأن الفيلم من أصول (إيرانية) !.. إذن قبل القروي هناك إيران حيث منشأ الفيلم، وحيث الفكرة والأنامل (الآثمة) التي قامت بتجسيده، وما القروي إلا عبدا تمّ تضليله وإغراؤه (لجسّ) نبض الشارع التونسي في وقتٍ يتخبّط فيه التونسيون بين عشرات القوائم والأحزاب والتيّارات التي تتجاذبه، والتي تحاول كلٌّ منها رسم ملامح تونس المُستقبل حسب رُؤاها وعلى حساب آماله وحتى على حساب معتقداته !..
القروي إذن أراد أن يُوضح وجهة نظره الشخصية من (تونس الحلم) بعرضها على قناته الخاصة، وهو لا يدري أن الخصوصية لاتبقى كذلك حين يتم عرضها على الملايين ممن كانوا من عُشاق نسمة !.. نسمة التي كانت عليلة ومُتّزنة التوجّه في عهد بن علي المتّوهّج و(المتفسّخ)، لم تستطع أن تتمالك نفسها فيما إعتقده القائمين عليها فوضى، فكان أن تحوّلت إلى نسمة حارقة تلفح قلوب التونسيون المسلمون وضمائرهم قبل أن تجعل جلودهم تتشوّك وتنتفض لإحراقها !..
15 . 10 . 2011
التعليقات (0)