قالت سيدة الأعمال السعودية ، ناهد طاهر ، التي اختيرت من بين السيدات الأكثر نفوذا في العالم انطلاقاً من موقعها على رأس بنك "جلف ون" الاستثماري، رداً على سؤال حول ما إذا كانت الخطوات المعلنة كافية للنساء في المملكة :
" كلا بالتأكيد ، لأن لدينا الكثير من الطموحات حيال المستقبل ، ولكنها بالتأكيد خطوة تاريخية ...والقرار الصادر عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيفتح الباب أمام الناس ، ومع الوقت سيرى المجتمع كم سيستفيد من هذه القرارات ومن تقدم المرأة وسيساعده هذا على التخلص من الكثير من التناقضات الموجودة فيه ".
ولو سألت أي شخص السؤال التالي . "هل كان الملك عبدالله سيقرر أعطاء المراة السعودية حق التصويت في أي محفل قبل بدء الربيع العربي" ؟ فأن الجواب المنصف سيكون ، قطعاً لا .
رجال ونساء الجزيرة بدأوا يقطفون ثمار الربيع العربي حتى وأن أكتفوا بدور المتفرج الى الآن ، اللهم بأستثناء مساهمة بارزة في هذا الربيع لبضعة نساء قليلات كنَ أشجع من الرجال حين تحدين القوانين المهينة اللتي تمنعهن من قيادة السيارة ، فما كان أحداً ليحلم بربع القرارات والأصلاحات اللتي أعلن عنها الملك بعد أن قطع رحلته العلاجية في الولايات المتحدة على عجل ، لولا أن رأت العائلة الحاكمة ، الأنظمة الدكتاتورية وهي تتساقط الواحدة تلو الأخرى بضربات الشعوب اللتي ضاقت بالظلم والتعسف والفساد .
نعم ، هناك الكثير من المثقفين بين أهلنا في نجد والحجاز المطالبين بالأصلاح كل يوم ، وهؤلاء ليسوا بقلة كما يتضح من الحوارات الدائرة على وسائل الأعلام ، ألا أن طبيعة النظام اللذي تأسست عليه دولة آل سعود لابد وان تثير تساؤلاً منطقياً عن مدى الأصلاح الممكن في المملكة اللتي بنيت على أساس متين من العلاقة النفعية المتبادلة بين العائلة الحاكمة ورجال الدين اللذين برروا شرعية خروج أبن سعود المؤسس على الخليفة العثماني اللذي لايجًوز المذهب السني الخروج عليه "حتى وأن كان ظالماً " ، بأعتباره خارجاً عن الملة والسنة ، لعدم أقتدائه بوصف محمد بن عبدالوهاب لها ، لتصبح منذ ذلك الحين تعاليم بن عبدالوهاب هي السنة الصحيحة وما عداها باطل ، محرف ، مبتدع ، وحكومة آل سعود هي الخلافة القائمة على السنة الصحيحة ، واللتي لايجوز الخروج عليها الا من كافر او مبتدع ضال .
هذا التساؤل عن المدى الأقصى الممكن للأصلاح أصبح ملحاً بعد أن بدأت أصوات رجال الدين البارزين في المملكة تتصاعد أحتجاجاً على ما يقوم به الملك من "أصلاح" ، وعلى قراراته الملكية اللتي لطالما أعتبرتها نفس المنظومة الدينية قرارات ملزمة وشرعية غير قابلة للرد حتى وأن كانت خاطئة ، بأعتبار أن الحاكم المسلم ، هو خليفة الله على عباده ، له الأجر أن أخطأ ، والأجرين أن أصاب ! .
بالأمس تم أقالة الشثري من هيئة كبار العلماء السعودية ، واللتي جائت على شكل أستقالة ، بعد أيام من ظهوره على قناة "المجد" التلفزيونية ، منتقداً السماح بالاختلاط في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ، وبالأمس الأقرب ألغى الملك قراراً صادراً من المحكمة بجلد أحدى النساء المتحديات لقانون منع قيادة السيارة ، وهو أمر يثير علامة أستفهام كبيرة حول مدى أستقلالية القضاء في المملكة ، وسؤال أكبر عن القدرة التحملية للمؤسسة الدينية اللتي بدت في وضع مضحك بعد هذه الضربات الموجعة من الملك اللذي بين بقراراته المتتالية هذه أنها منظومة من وعاظ السلطان لا أكثر .
ألا أن اليوم يبدو مختلفا نوعا ما ، فلقد كان الشيخ صالح اللحيدان عضو مجلس كبار العلماء في المملكة وكأنه يكذب مليكه حينما صرح لذات قناة المجد العتيدة ، عقب صدور القرار الملكي بمشاركة المرأة السعودية في الأنتخابات البلدية القادمة قائلاً ." كنت أود لو أن الملك لم يقل إنه استشار كبار العلماء (قبل اتخاذ تلك القرارات) ، وليس لدي شك في أنني لم أعرف بها قبل أن أسمعها في خطاب الملك " .
جرأة كبيرة من اللحيدان على ولي نعمته كما وصفها المحلل السياسي السعودي حسين شوبكشي اللذي عبر عن خوفه من هذه الظاهرة قائلاً ، " ليس من المتوقع أن يسأل الملك كل شيخ على حدة ، وما يقلقني في هذا الأمر هو أنه يطرح تساؤلات بشأن قرار الملك وهذه مسألة في غاية الخطورة ، لإنه (( موظف حكومي )) ".
وأردف الشوبكشي قائلاً . "لماذا تطرح هذه الأمور علانية وبصوت عال في قناة تلفزيونية مقرها السعودية ؟ هذه إشارة توحي بالخطر لأنها بلا سابقة ..فالمعتاد أن رجال الدين لا يتحدثون في العلن وإنما يتشاورون سرا " .
والشوبكشي محق في تخوفه هذا ، فلقد كانت النبرة التهديدية للحيدان واضحة حين قال في ذات التصريح ، " انا عضو في هيئة كبار العلماء ، كما أنني واحد من اثنين باقيين من الأعضاء الذين شاركوا في الاجتماع الأول لتلك الهيئة " .
هذا التساؤل اللذي طرحه الشوبكشي مهم جداً ، فالآصرة الايونية اللتي تشكل جزيء المملكة المتكون من عنصري رجال الدين ورجال العائلة السعودية ، لابد وأن يؤدي تفككها الى طاقة هائلة تحتاج الى بوتقة قوية تتحمل الضغط الناتج عن هذا التفكك ، واللذي سيكون للشعب في نجد والحجاز " وهو العنصر الثالث الخامل حتى الآن في الجزيء اللذي تتكون منه المملكة " ، الكلمة العليا في تشكييل الجزيء الجديد اللذي سيكون المملكة في قادم الأيام ، لأن أنحياز الشعب الى أحد العنصرين الآخرين سيكون الفيصل في مهمة التغيير الكبير القادم الى المملكة السعودية لا محالة ، وقد يكون هذا التغيير أقوى من بوتقة التفاعل فيما لو تخلى عنصر الشعب عن خموله ، ما سيؤدي بالتاكيد الى حصوله على حصة في القرار الداخلي والخارجي لطالما حرصت المؤسستين الدينية والسياسية على حرمانه منها ، وهذا ما يتضح أنه بدأ بالحصول فعلا من كلمات ناهد طاهر الواضحة في ردها أعلاه .
أيها السيدات والسادة ، الربيع قادم الى أرض الجزيرة بصورة أو بأخرى على ما يبدو ، ولا أحد ، وأكرر ، لا أحد قادر على وقف نسماته الباردة من الهبوب على الصحراء العطشى لنسماته .
http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/14-0
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/10/111001_saudi_women.shtml
التعليقات (0)