مواضيع اليوم

نساء غزة يروين قصصهن وما زلن وسط الصدمة

محمد غنيم

2009-02-03 12:37:29

0

ربّما توقّف إطلاق النار هناك ولكن لم تتوقّف معاناة النساء اللواتي نجون من حرب استمرّت 22 يوماً خلال الشهر الماضي.

 

وقالت كوثر عبد ربه التي تعيش في مدينة عزبة عبد ربه شمال غزة قبل وقت قصير من انتهاء الحرب: "شاهدنا في السابق أفلام رعب ولكن لم يكن أي منها حقيقياً بقدر هذه".

 

وعبد ربه أمّ لثلاث فتيات وتقول إنّ ابنتيها فارقتا الحياة بعد أن قتلهما جنود إسرائيليون.

 

وتحدثت إلى "ومينز إي نيوز" بالقرب من ركام منزلها المدمّر.

 

وتضيف أنّه عندما بدأت العملية البرية الإسرائيلية كانت هي وزوجها ووالدته في منزلهم يبحثون عن غرفة آمنة للاختباء فيها.

 

وسمعوا صوتاً من مكبّر للصوت صادر من دبابة في الخارج طلب منهم إخلاء المنزل.

 

وتضيف: "طلبوا منّا الوقوف أمام عتبة الباب. وكنت أساعد حماتي للسير فيما كان خالد يمسك أيدي البنات: أمل سنتين وسعاد 7 سنوات وسمر 4 سنوات".

 

وقالت إنّ جنديين كانا يحدّقان بهن ويأكلان الشوكولاتة ورقائق البطاطس و"فجأة خرج جندي ثالث من الدبابة وفي يده بندقية "آم 16" وراح يطلق النار على بناتي. ففارقت سعاد وأمل الحياة على الفور. ولم أعرف حالة سمر فأمسكتها مع أمل وعدت إلى المنزل. وكان يُفترض أن يأتي خالد بسعاد ولكن أُصيبت والدته. فكان الجنون بحدّ ذاته ولا أستطيع فعلاً أن أفهم ما حصل. ماذا فعلت لأرى ابنتيي تُقتلان أمام عينيي؟ وفقد خالد صوابه وعاد إلى الخارج ليطلب منهم إطلاق النار عليه لكنّهم لم يفعلوا".

 

وتؤكّد خضرة عبد ربه الرواية، وهي جارة كوثر، وتقول إنّها كانت شاهدة على عمليات إطلاق النار من نافذة شرفتها.

 

مطالبة بالتحقيق

طالبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة في 23 كانون الثاني / يناير بتحقيق دولي مستقل في جرائم الحرب المزعومة التي ارتُكتبت من الجانبين خلال الحرب.

 

ودعت مجموعات الحقوق الدولية ومن ضمنها "هيومن رايتس واتش" و"منظمة العفو الدولية" إلى تحقيق مستقلّ في جرائم الحرب المحتملة من قبل إسرائيل وحماس، وهي حركة المقاومة الإسلامية التي تسيطر في قطاع غزة. ودعا أيضاً كلّ من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والمركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة إلى إجراء تحقيقات.

 

وأعلن يوم الأربعاء ريتشارد فالك، وهو المقرّر الخاص للأمم المتحدة، أنّه يؤمن بوجود دليل حول جرائم الحرب ارتكتبها القوات الإسرائيلية خلال الحصار الذي استمرّ 22 يوماً على غزة وطالب بتحقيق إضافي.

 

وشكلت إسرائيل فريقاً من الخبراء في القانون الدولي للدفاع عن جنودها ضدّ أي تهم بجريمة الحرب.

 

ولم تُبدِ النساء اللواتي أُجريت معهن المقابلات لهذا المقال أنّهن يدركن وجود تحقيقات مماثلة وبدا أنّهن يعانين من الصدمة.

 

وأُجريت المقابلات معهن جميعاً خلال الأسبوع الأخير من الحرب والأسبوع الذي تلا وقف إطلاق النار في 17 كانون الثاني / يناير عندما جالت "ومينز إي نيوز" في أجزاء مختلفة من البلد مع مجموعة من المصوّرين. ولجأ معظم هؤلاء الأشخاص إلى مدارس الأمم المتحدة. ولكن تحدّث البعض وهم يقفون إلى جانب منازل تحوّلت إلى ركام.

 

ولادة قبل الأوان

تعيش منال الساموني البالغة 39 سنة في حي الزيتون، وهي منطقة شرق قطاع غزة.

 

وتحدّثت مع "ومينز إي نيوز" بعد مرور ثلاثة أيام على الهدنة أثناء تفقّدها منزل عائلتها المتضرّر. وقالت إنّها أنجبت مولودها في 8 كانون الثاني / يناير قبل شهرين من الموعد وهي تستمع إلى نيران الدبابات وانفجار القذائف.

 

وأضافت أنّ والدتها التي عاشت مع ابنها على بعد منازل قليلة غادرت منزلها لتأتي إلى ابنتها بعد أن أعلمتها بدخولها في مخاض قبل الأوان. وأضافت: "استمرّت شقيقة زوجي بالاتصال بالمستشفى لإرسال سيارة إسعاف ولكن تعثّر وصول أي سيارة إلى منطقتنا بما أنّ الخطر كبير جداً وكان الجيش الإسرائيلي يفتح النيران على كلّ ما هو متحرّك".

 

وأكّدت الراوية سناء الساموني شقيقة زوج منال. وأضافت أنّ الطفل المولود قبل الأوان وُلد في النهاية في غرفة كبيرة في المنزل مع عشرات الأعضاء من الأسر المحتشدين في الغرفة والمحاصرين داخل المنزل.

 

وقالت سناء الساموني: "أُجبرنا على توليد الطفل اعتماداً على مهاراتنا المتواضعة في هذه المسائل. وحوصر حوالى 60 رجلاً وامرأة معنا في الغرفة ذاتها حيث أنجبت منال طفلها. وغطيناها ببطانية وبدأنا حثّها على الدفع. وفي النهاية عندما نجحنا في توليد الطفل بدأت منال تشعر بلذعات البرد وكذلك مولودتها الجديدة. وانتهى شحن الهاتف الخلوي ولم أعرف ماذا أفعل سوى الصلاة. وأذكر يديي ترتجفان عندما قطعت الحبل السري".

 

وجلست والدة الأمّ الجديدة ماجدة الساموني البالغة 67 سنة على مقربة من سناء. وكانت تبكي فوق بقعة دم كبيرة تُركت من جسد ابن عاشت معه. وقالت إنّ ابنها الآخر أحضره ووجده مقتولاً في غرفة الجلوس بنار دبابة. وكانت موجودة معه قبل ساعات من وفاته.

 

تندب ابنها

"لقد رحل بالفعل! أقسم بالله أنّي ما كنت لأترك ابني الوحيد وأساعد ابنتي على إنجاب طفلتها لو عرفت أنّهم سيقتلونه. ظننت أنّه هرب مع عائلته ولم أعرف أنّه نزف لساعات, وهو يصرخ طلباً النجدة ... يا ابني الحبيب!"

 

وأكّد الفريق الطبي في مستشفى الشفاء في مدينة غزة في 18 كانون الثاني / يناير أنّه نزف حتى الموت بعد أن أُصيب بنيران دبابة في مختلف أنحاء جسده.

 

وتحدثت سيدا العطّار إلى "ومينز إي نيوز" في 19 كانون الثاني / يناير في إحدى مدارس الأمم المتحدة التي تشكّل ملجأ مؤقتاً في منطقة العتاترة في جباليا شمال قطاع غزة ووصفت كيف هربت مع عائلتها من منزلهم في 7 كانون الثاني / يناير عندما بدأت نار الصواريخ من الدبابة تضرب المنزل.

 

وكانت تحمل مولودتها الجديدة بين ذراعيها. وأُصيب شقيقها وكان ينزف لكنّها استمرت في الركض وتركته خلفها.

 

وقال: "لقد مضى 20 يوماً على ذلك لكنّي ما زلت أذكر الحادثة وكأنّها البارحة. ولم أستطع أن أنظر إلى الخلف خوفاً من أن يطلقوا علي الرصاص أو على طفلتي. فألقيت نظرة خاطفة وصُدمت لرؤية شقيقي عمر ممدّداً على الأرض هناك بلا حراك وهو ينزف. واحتجت إلى دقيقة لأدرك أنّي لا أستطيع أن أعود لإنقاذه. فاستمريت في الركض لساعات إلى أن وجدت نفسي في وسط المدينة قرب إحدى المستشفيات".

 

وقالت سيدا العطّار إنّها انتظرت في المستشفى لساعات لترى إن كانت أي سيارة إسعاف ستأتي من الشمال حاملة جسد شقيقها. وأضافت: "انتظرت حتى الليل في غرفة الطوارئ كي يأتي أخي لكنّه لم يصل. وما زلت أستيقظ في الليل وأسمعه يناديني كي أساعده. ولم أعد أستطيع إرضاع طفلتي. وتدهورت صحتي وصحتها ولكن على أي حال لم يعد لذلك معنى اليوم".




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات