نزيه ابو عفش في "بيت الفن"
ناسك" مرمريتا" الهادىء يهدر بقصائده
صهيب ايوب
"بيروت تحتكر عادةً معظم المناسبات الثقافيّة. لكنّها، هذه المرّة، ستغار من بلدة الميناء، جارة طرابلس، عاصمة الشمال التي تستضيف نزيه أبو عفش في أوّل إطلالة له على لبنان منذ دهر". هذا ما كتبه الناقد والصحافي بيار ابي صعب في جريدة "الاخبار"،في اعتراف حقيقي وواضح ان بيروت "تحتكر"كل ما هو ثقافي.لكن بمبادرة من جمعيّة «تنشيط المطالعة ونشر ثقافة الحوار» (زهيدة درويش/ جان جبّور) وبالاشتراك مع «بلديّة الميناء» تغير الامر واستضافت طرابلس على خشبة «بيت الفنّ» الشاعر السوري .
شاعر "كهنوتي"بسيط
هذا الشاعر الهاديء البسيط الودود في حياته اليومية وعلاقاته مع الغرباء والاصدقاء والاحياء والطبيعة، يتحول في كتاباته إلى ناسك يترصد الحياة من حوله بتوتر متصاعد يكاد يخرجه من مداره المألوف في الحياة التي يمجدها دائماً ويرثيها، بصوته وقلمه وريشته.
نزيه أبوعفش في قصائده الدرامية يكتب نفسه، أو يرسمها بحد السكين، ثم يرتد إلى ركنه الهادىء يدندن أو يغزل حكاية حب او موت متطرف، لان مهمة الشاعر كما يراها نزيه لنفسه هي الحفر في الظلام، او صناعة الاحلام في العتمة، بكلمات لها «مذاق سري» هي الشعر .الشعر اولاً، يأتي عنده، ثم تأتي بعده الاشياء الاخرى، وتلك مهمة شاقة، مهمة "سيزيفية" لا تعود فيها الصخرة إلى الحضيض، الا اذا وصلت الى القمة، وهوت وحدها في مجاهل الحضيض المعتم في الطرف الآخر.
منذ عام 1968 اصدر نزيه ابو عفش اثنتي عشرة مجموعة شعرية، صدرت اثنتان منها مؤخراً عن دار المدى بدمشق احدهما : «أهل التابوت»: «منذ زمان وأنا أحفر في هذا الظلام الوحش لا أحفر بحثاً عن مفاتيح (...)".
تتوازى الحياة مع الشعر، وهو ليس صورتها في مرآة، انه عصارتها المكثفة .
اما بعض عناوين المجموعات الشعرية السابقة لنزيه ابو عفش فإنها تحدد مسار قصائده، على الخط الفاصل بين مسار حياته الشخصية، وبين مسار الحياة على الارض بكل أعبائها.
يعرف الجميع أنَّ صاحب "أيها الزمان الضيق.. أيتها الأرض الواسعة"، اختار عزلته، في مرمريتا حيث ولد وأقام، ربما أراد الابتعاد عن سفاسف لا طائل منها، ومعارك ثقافية صغيرة.
لغة أبو عفش كهنوتية بامتياز، ولكن حتى في هذه اللغة الكهنوتية، هناك العديد والعديد من الخروقات.
الامسية
بسحر الكلمات وأسرها وحضوره الشعري القوي تلا ابو عفش قصائده امام جمع من تلامذة ثانوية "مار الياس".شباب من مختلف الاعمار حرصت "جمعية تنشيط المطالعة ونشر ثقافة الحوار"على حضورهم واستماعهم.وعن ذلك يتحدث الدكتور جان توما ل"الاديب" قائلاً"من هموم الجمعية رعاية جيل يعتاد حضور الامسيات الشعرية".
اما الدكتورة زهيدة درويش جبور فقالت عن الامسية "هذا هو الشعر الحق.كلام ينبع من الوجدان ونفس تشف حتى يفيض عنها الجمال ".
من قصيدة"وصايا انا العجورز" قرأ ابو عفش:
"اذا وقعت في الحياة فالتقطتها كيفما جارت ما الحياة في الحقيقة الامر سوى توأم للموت يصحح الاخطاء في طبعتها الاولى".
التعليقات (0)