مواضيع اليوم

نزهة في الجبل

kouldoun zaraa

2009-04-26 18:33:23

0

نزهة في الجبل

 كتب الاخ والصديق : عبد السلام العابد
ضاقت نفسي، وتلبستني حالة من السآمة ، وأحسست برغبة عارمة للخروج إلى قمة الجبل . حملت مجلة ثقافية ، وانطلقت وحيدا إلى هناك ، حيث الهدوء والسكينة والخضرة والجمال والهواء المنعش . سلكت طرقا ومنعرجات مليئة بالأعشاب الطويلة التي نمت وكبرت بسرعة ؛ بسبب الأمطار التي هطلت في أواخر أيام الشتاء ، ودرجات الحرارة المرتفعة التي سادت في الأيام الأخيرة .

أنظر حولي إلى قطع الأراضي والعمائر . ثمة تمايز بين أرض محروثة ومعتنى بها ومدللة ، وأرض مليئة بالأشواك ومهملة . تلفت نظري أرضٌ مغروسة بأشجار الزيتون الكبيرة ، إلى جانب غراس صغيرة مزروعة حديثا . ألحظ يد التعمير واضحة في الصخور التي تم إزالتها ، والحجارة التي تم تجميعها ، والإشراقة البهية المرسومة على وجه الأرض . ثمة أصحاب لها يعملون فيها صباحا ومساء . أحزن لحال الأراضي البور التي تحاصر أشجارَها الأعشابُ والأشواك ، وأكاد أسمع احتجاجها وأنينها وشكواها وتذمرها من أصحابها الكسالى المتقاعسين عن زيارتها ، وتقديم الواجب لها .

أقف على قمة الجبل ، أستنشق هواء نقيا عبقا ، وأنظر صوب الشمال ، فأرى مرج ابن عامر على امتداد النظر أخضر مزروعا بالقمح والخُضَر ، وتنتشر فيه بقعٌ بيضاء هي عبارة عن دفيئات بلاستيكية تُستخدم للزراعة المحمية . وأرى جبال الجليل غائمةً موغِلة في البعد ، وكأنها تتذكر أعزاء غائبين ، وشاعرها محمود درويش الذي كتب عن عصافيرها الحزينة التي تموت في شعابها ، دون أن تتمكن من الزقزقة والغناء وبناء أعشاشها .
(أشجار بلادي تحترف الخضرة / وأنا أحترف الذكرى .

والصوت الضائع في البرية / ينعطف نحو السماء ، ويركع : أيها الغيم ، هل تعود ؟
لست حزينا إلى هذا الحد / ولكن لا يحب العصافير / من لا يعرف الشجر. )
ويقول أيضا : ( هل تذكرون الصيف يا أبناءَ جيلي ؟ يا كلَ أزهار الجليل وكل أيتام الجليل . هل تذكرون الصيف يصعد من أناملها ويفتح كل باب ؟ ) .

أرى مدينة الناصرة تنام على سلسلة من الجبال العالية ، وتتذكر ابنها وشاعرها توفيق زياد الذي كتب لها ، ولجبالها ، ومروجها ، وشعبها أجمل الحكايات الشعبية والقصائد الشعرية :

(ودارت يد السجان بالمفتاح / تغلق كل باب / إلا بقايا كوة من خلفها تبدو الروابي
ويلوح وجه الكرمل المخمور برقع بالضباب / الفجر فوق جبينه المعتز / كالعاج المذاب) .

أتذكر يوما زرت فيه الناصرة ؛ للتعرف عليها ، وشراء بعض الكتب من إحدى مكتباتها ، تجولت في شوارعها وأسواقها وعدت . كان الأمر سهلا فيما مضى . تذهب إلى موقف الناصرة في جنين ، وتستقل سيارة ، وخلال فترة قصيرة تكون هناك . أين نحن الآن من الناصرة ؟ . ثمة قيود وجدران وموانع وحدود .

أتطلع إلى الجنوب فأرى امتدادا عمرانيا بين الهضاب والجبال ، تكاد بيوت قرى الهاشمية واليامون وكفردان تقترب من بعضها . ومن يدري فربما تلتقي هذه البلدات والقرى الأخرى المجاورة مع مدينة جنين .

أجلس إلى جانب شجرات زيتون مثقلة بالنوار الأبيض ، وأفتح مجلة ثقافية للأطفال ، وأقرأ مواضيعها المتنوعة ، وأغادر قمة الجبل المرتفع ، وقد تجدد نشاطي ، وتغيرت حالتي ، وغمرتني أمواج من الأمل والسعادة والتفاؤل .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !