مواضيع اليوم

نزار النهري وعقدة الرجل الأبيض

أحمد سالم عبدالله

2009-07-10 09:16:37

0

 في نصه الجديد (لماذا يُحارَب الاسلام؟) يسلط نزار النهري سهامه مجدداً نحو الإسلام ، بعد أن يملأ مقالته (كعادته) بمغالطات وتشويهات ، لنبدأ بتفكيك مروياته :
يقول بداية : [[لقد بقي المجتمع الاوربي آمنا سالما يعيش في طمئنينة لعدة عقود، الى ان انتشر في جسده المسلمون]] وكأنه يشبه المسلمين بالمرض أو أنهم جماعة من الغوغاء التي تنشر أينما حلت الفساد والخراب والدمار (الموازية لانعدام الطمأنينة) ، وكأن الحربين العالميتين كان سببهما "تغلغل المسلمون" ؟! وكأن الحروب التي مرت على التاريخ الأوروربي سببها الأوحد هو "الإسلام" ؟!  

يقول : [[مشكلة الاوربيين الاكبر، هي تزايد اعداد هؤلاء المسلمين]] ، وكأن في أوروبا (القارة) وفي الإتحاد الأوروبي (التنظيم السياسي) لا وجود للمشاكل ، وكلها بسيطة و"صغيرة" مقارنة بالهم الديمغرافي الذي يحاول أن يوحي به ، وهذا التعبير "الأكبر" تعبير يجب ألا يستخدمه من يدّعي العلمية ، وهو يشير إلى أن مستخدمه لاعلمي ، بل يجتر حكايات الجدات حول حلوة الحلوات التي أحبها الأمير الوسيم ! إن لعبة أفعل التفضيل كما ذكرت تنفع حكايات الجدة ولا تنفع الأبحاث العلمية الجدية ، ومرويات صاحبنا أضحت معروفة الإنتماء .

ولنكمل تفكيك كلماته ، يسأل : [[هل من حق الاوربيين محاربة الاسلام؟ المنطق يقول نعم ، من باب الدفاع عن النفس ودرء الاذى قبل وقوعه]]
ما هو هذا المنطق "السليم" الذي يجيز الدفاع ضد الإسلام "الوافد" ؟! ولما لا يكون سليماً عندما يكون موجهاً نحو الغرب في بلاد المسلمين ، وهم الأجدى بالدفاع عن تراثهم وتاريخهم وأرضهم وأساساً إنسانهم ، حيث الإستعمار ما زال ينهش في جسدهم وأذيال الإستعمار تتربع على عرش الحكم في معظم دولهم ! إن محاربة الغرب واجب مقدس إذن ما دام دفاع الأوروبي ضد الإسلام (أو بعض الأقليات المسلمة) أضحى منطقاً "وحقاً" ؟!  

ثم يقول : [[فالاوربيون لا يدرسون الاسلام لكي ينضموا اليه كما يتصور بعض المغفلين، بل لكي يستطيعون محاربته، فما يريد معظم الاوربيون فعله هو حظر وتجريم الاسلام كعقيدة، او اخذ الاقرار من المسلمين بالغاء كل ما يتعارض مع الحقوق الانسانية العامة]]
نشكره على هذه المعلومة التي تؤيد نظرية المؤامرة ، إضافة إلى طبيعة الإستشراق الإستعمارية ، حيث قلة قليلة من المستشرقين إهتمت بالعلم من أجل العلم ونشر المعرفة ، أما الكثرة الساحقة فقد كانت دراساتها بداية لجولة كراهية جديدة ، أو حرب إستعمارية قاسية . ولنتابع تحامله في العبارة السابقة حيث يقول : [[حظر وتجريم الاسلام كعقيدة]] لماذا ؟ يكمل في باقي النص الأسباب والدوافع .. لكن التحامل الذي أقصده هو عقيدة الإسلام مقارنة باليهودية ، حيث يرد في التوراة نصوص أقسى مما ورد في القرآن ، ومع ذلك لا نجده يدعو لتجريم الدين (أي دين وكل دين) بل فقط الإسلام ! ويخالف أيضاً التاريخ المشترك الذي عاش ضمنه المسلمون والمسيحيون واليهود بتآخي ووئام عندما كان الإسلام مسيطراً على جزء من أوروبا (كما يبين روجيه غارودي في كتابه ’’الإسلام في الغرب‘‘) ، والتاريخ الأسود عندما وصلت إيزابيل وفرديناند (المسيحيان) إلى الحكم وسلسلة محاكم التفتيش المروعة ، كما النتائج البشعة التي ترتبت على الهولوكست (والتي لم يقم بها المسلمون كما هو معروف) ! إذن سعي الأوروبي لتجريم الإسلام كعقيدة سعي متحامل ومتحيز لا يمت إلى العلمية بصلة ، كما سعي نزار النهري في مروياته !

ونتابع : [[فالاوربيون يريدون دراسة التاريخ الاسلامي كما هو وكما هم يريدون وليس كما تقدمه كتب التراث الاسلامي المليئة بالتمجيد والتعظيم، هذه الكتب التي كتب معظمها مسلمون يؤمنون بالعقيدة الاسلامية قلبا وقالبا لذلك جاءت ناقصة ومزيفة في جلها لانها لم تذكر الا المحاسن اما المساوئ فهذا شأن لا يهمها بل حاولت في كثير من الاحيان قلب الحقائق وتزييفها فيما يخص هذا الجانب.]]
يقول : يريد الأوروبيون دراسة التاريخ الإسلامي كما هو ، عظيم ، فكرة جيدة ، ورائعة ، لكن يسقط مباشرة ويظهر النوايا السيئة المبيتة عندما يقول [وكما هم يريدون] ، ليس كما يقتضيه علم التاريخ ، وكما يظهره علم الآثار (في بعض جوانبه) ، لا ... أبداً ... ما يريده الأوروبي هو تشويه التاريخ الإسلامي ، وهذا ما يسعد شخصاً (لا بد يشعر بعقدة الرجل الأبيض كما يحللها الدكتور أسعد أبو خليل) كنزار النهري ! ثم يكمل فكرته التي تظهر جهلاً فاقعاً (كي لا أقول تجاهلاً فاضحاً) بالتاريخ الإسلامي وكتب التراث فيقول إن [كتب التراث الاسلامي المليئة بالتمجيد والتعظيم، هذه الكتب التي كتب معظمها مسلمون يؤمنون بالعقيدة الاسلامية قلبا وقالبا لذلك جاءت ناقصة ومزيفة في جلها لانها لم تذكر الا المحاسن اما المساوئ فهذا شأن لا يهمها بل حاولت في كثير من الاحيان قلب الحقائق وتزييفها فيما يخص هذا الجانب] .
إن أي باحث مبتدئ يدرك الأخطاء التي وقع فيها عند كلامه هنا ، فبعض كتب التراث مليئة بالتمجيد ، هذا صحيح ، وهذا ديدن مؤرخي تلك الفترات في الشرق والغرب على السواء ، لكن أين التمجيد في تعبيرات إبن خلدون ، والمسعودي وأحمد إبن عبد ربه القرطبي الأندلسي ، وإبن الأثير والأصبهاني ، وغيرهم من المؤرخين . وهل أضحى شرط العلمية أن نرمي الدين وراء ظهورنا لنبحث فيه ؟ لم يفعل فرويد هذا ؟! ولا داروين ؟ ولا ماكس فيبر ولا دوركهايم ، ولا أوغست كونت ؟! ما هذا التدجيل ؟! كيف يمكن لشخص يدعي العلمية أن يعتبر أن النقص والتزييف سببه أن المؤرخ كان مسلماً ويتحدث عن المسلمين ؟! إذن على الباحث في أي مضمار أن يخلع ذاته كلما أراد بحث موضوع قد يكون فيه نوع من الوجدانية ؟! وهنا يُظهر نزار النهري جهله أيضاً ، حيث يعلم أي باحث أنثروبولوجي مبتدئ أن شرط دراسته الأول هو وجود التعاطف الوجداني مع مجتمع البحث (يمكنك العودة إلى كتاب : محمد الجوهري وعبدالله الخريجي ، (1997) ، طرق البحث الإجتماعي ، مصر ، دار المعرفة الجامعية ، ط 5 . وما ذكره أيضاً الدكتور أحمد أبو زيد في مجلة العربي ، العدد 530 ، يناير/2003 .)
أما بالنسبة لقلب الحقائق وتزييفها ، فهذا واضح في ما كتبه المؤرخون عن الأمويين والعباسيين وغيرهم ، حيث لم تذكر كتب التاريخ شيئاً سيئاً عنهم ، أليس كذلك ؟!! وهذا يؤشر إلى أحد إحتمالين : إما أنه يقلد الغرب فيما يجعجع به دون أي تمحيص ورؤية وروية – أي أنه لم يطّلع على أي من كتب التراث – ؛ والثاني أنه يتجاهل عامداً ، ويشوه الحقائق قاصداً . وفي الحالين يسقط ، فلا يبقى علمياً كما يدّعي ... وتصبح كتاباته مجرد ثغاء أجوف لا ينفع .

ثم يذكر الفيلم وبعض الآيات ، والتي يشير لها باعتبارها محرضة على العنف والقتل ، ألا يبدو قوله بنظر قارئ القرآن الذي يتفكر في الآيات ويتدبر بها مجرد قول حاقد آخر !  لننظر في الآيات ، ونقوم بتحليلها :

[[(واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وانتم لا تظلمون ) الانفال 60]]
تحدّد الترهيب دون بدء القتال ، حيث يكون الترهيب مانعاً لشن الحرب على بلاد المسلمين فهي آية تنخرط ضمن سياسة الدفاع الإستراتيجي ، ولا علاقة لتعبير "الإرهاب" بها ، وموضعها ضمن ما ذكره النهري عن الفيلم متحيز ومتحامل .

[[(ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما ) النساء 56]]
تتكلم عن الجنة والنار ، حيث الذين كفروا بآيات الله يوم الحساب (يوم القيامة) سيصلون سعيراً ، ولا دخل لها بالحياة اليومية الآنية (أي قيام المسلم بقتل آخر لأنه يخالفه بالفكر) وموضعها ضمن الفيلم متحيز ومتحامل أيضاً .
حيث أساس التواصل الإسلامي هو التالي : لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة/8} إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الممتحنة/9} ؛ وأيضاً : مَن قَتَلَ نَفْسًا (دون ذكر دينها أو لادينها) بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا .

[[(فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب اوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم ) محمد 4]]
يقول التفسير الهادئ والعقلاني والرزين :
{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرّقَابِ} لأن الساحة مفتوحة لأن تكون تحت سيطرة الكفر والشرك، أو تحت سيطرة الإيمان والإسلام، وليس هناك مجال للحوار الهادىء العاقل الذي طرح النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) إجراءه معهم استجابة لأمر الله الذي دعاه إلى الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، لأنهم رفضوا الحوار، وواجهوا المسلمين بالقتل والاضطهاد والتهجير، وبالفتنة عن دينهم، ومحاولة منعهم الناس من دخول الإسلام بمختلف الوسائل، وبإضعاف قوّة الإسلام، للإيحاء بأن الانتماء إليه لا يمنح الإنسان قوّةً في المجتمع الذي يتحرك أفراده بمنطق القوّة.
وهكذا كانت الحرب التي يضعف فيها الشرك، هي الحلّ الوحيد في تلك الظروف وفي كل الظروف المماثلة، من أجل إضعاف القوّة المضادّة. وهذا ما جعل القضاء عليهم بضرب الرقاب أمراً حاسماً، {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} بما يوحي به الإثخان من إكثار القتل وغلبة العدوّ وقهره والسيطرة على المعركة، {فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ} أي فائسروهم ليكون الأسر لوناً آخر من ألوان الاستيلاء على الساحة، وذلك من أجل إدارة المعركة في اتجاهٍ آخر، يحاول أن يدخل هؤلاء المقاتلين من الكفار إلى الدائرة الإسلامية بعد أن ضعفت قوّتهم، وتساقطت مواقعهم، بحيث لم يعد وجودهم في تلك المرحلة خطراً على الإسلام، لأنه ـ أي الإسلام ـ لا يستهدف القتل من عقدةٍ ذاتيةٍ، بل من مصلحةٍ واقعيةٍ، ولذلك كانت الغاية حسم المعركة لصالح المسلمين، فإذا تحقق ذلك، فرض الواقع إيجاد جوّ تنمو فيه الدعوة في نفوس هؤلاء الأسرى، أو تقوى به مالياً.
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} إما تمنّون عليهم منّاً بإطلاقهم والعفو عنهم، إذا ما رأى وليّ الأمر مصلحة في ذلك، لأن فيهم القابليّة للإسلام، أو لأنه يرى العفو أسلوباً يخدم الإسلام كدين متسامح وإنساني لا يخاف من إطلاق الأسرى من الأعداء، ويحافظ على إنسانيتهم؛ {وَإِمَّا فِدَآء} بالمال يدفعه الأسرى الأغنياء أو أقرباؤهم، لتقوية الموقع المالي للمسلمين، في الظروف التي يحتاجون فيها إلى المال تبعاً لتقدير وليّ الأمر، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي أثقالها، فيلقي المحاربون السلاح، وتنتهي الحرب بانتصار المسلمين.

[[(ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم اولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فان تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا ) النساء  89]]
والتفسير العقلاني يقول :
{وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً...} فالمنافقون يحملون الأماني الذاتية في أن يكفر المسلمون كما كفروا، مما يوحي بأن كل خططهم العملية في إظهارهم الإسلام وفي تقرّبهم من المسلمين تتحرك في هذا الاتجاه، فكيف يمكن أن يستسلم المسلمون لهم ويمحضوهم المودّة والإخلاص والموالاة، ويندمجوا معهم في مشاعر أخوية حميمة؛ في الوقت الذي يحملون فيه مثل هذه الأماني والأفكار؟ {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ..}، لأن ذلك يغريهم بالامتداد في خطتهم، ويجعلكم في متناول أيديهم، بما تفرضه الولاية من علاقات ومعاملات وأوضاع استرخائية يستسلم فيها الإنسان للجوّ الحميم ويفقد معها حذره.
{حَتَّى يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ...} لأن الهجرة تمثل لوناً من ألوان الخضوع للسيطرة الإسلامية، مما يمكّن المسلمين من مراقبتهم وأخذ جانب الحيطة والحذر من جهتهم، ويوحي ـ ولو من بعض الجهات ـ باستعدادهم للانضباط الجزئي في داخل الحكم الإسلامي. وهذا هو الفرق بين المنافقين الذين هاجروا، وبين المنافقين الذين لم يهاجروا؛ فإن الإسلام قد يطمع في إصلاح حال المهاجرين منهم، لأنهم يعيشون في الأجواء الإسلامية الروحية والفكرية التي قد تنمّي لهم روحيتهم وأفكارهم على أساس الإسلام، وربما كان لوجودهم في نطاق السيطرة الإسلامية بعض الأثر في الوصول إلى هذا الهدف الإسلامي في هدايتهم إلى الحق؛ أما المنافقون الباقون في مكة، فليست هناك أية فرصة معقولة لخروجهم من ضلالهم وكفرهم، فلا مجال لإعطائهم حكم الإسلام من قريب أو من بعيد.
{فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ...} لأن هذا هو حكم الإسلام في المشركين في حالة الحرب {وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }، لأنهم ليسوا من الإسلام والمسلمين في شيء، بل هم أعداؤه وأعداؤهم في كل المجالات؛ ولكنه استثنى فريقاً منهم {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} فإنه يجري عليهم حكم المعاهدين، لأن المعاهدة تفرض عدم الاعتداء عليهم وعلى من يجيرونه من الناس {أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُونَكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ} هؤلاء الذين يعيشون في أنفسهم الضيق النفسي والحرج العملي في قتال المسلمين مع قومهم، أو في قتال قومهم مع المسلمين، فيحبون أن يكونوا حياديين. وقد أراد الإسلام من المسلمين انتهاز الفرصة، فيشجعوا هذا النوع من الحياد في المعركة في الفئات المحسوبة على معسكر الأعداء، لأن ذلك سوف يفقد الأعداء قوّة مقاتلة، وذلك لطف من الله بالمسلمين {وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} ونفّذوا ذلك بأمانة وصدق، {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} لأن الله لا يريد في هذه المراحل أن يندفع المسلمون إلى قتال الذين يقفون على الحياد في المعركة، حتى لو كانوا كافرين.

ثم يقول معلقاً : [[يطالب الفيلم المشرعين الاوربيين بتشريع قانون بمنع تداول القرآن في اوربا باعتباره كتاب يحرض على العنف والقتل مثله مثل كتاب كفاحي لادولف هتلر، فيما يدعو المسلمين من ناحية اخرى الى تمزيق الصفحات التي تدعو الى العنف والقتل والكراهية والغائها من القرآن.]]
هل هناك في أوروبا قانون مشرع يمنع تداول كتاب "كفاحي" ؟! وهل منع التوراة من التداول ؟! أنظر ما يقوله التوراة :
ورد في سفر يشوع الإصحاح 6 : و حرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف (21) ، وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب (24) ، كما أنظر من سفر يشوع أيضاً (على سبيل المثال) : الإصحاحات : 8 ، 10 ، 11 ، 24 . وتملّى في هذه الآية : فقال يشوع للشعب لا تقدرون أن تعبدوا الرب لأنه إله قدوس وإله غيور هو لا يغفر ذنوبكم وخطاياكم (الإصحاح 24 ، الآية 19) .  
أليس في هذا تحريض على العنف والقتل ؟! لكن دعواه فقط ضد الإسلام ، لأن هذا ما يقوله الرجل الأبيض ؟!
أما بالنسبة لتمزيق الصفحات من القرآن ، فهذا ما طالبت وما زالت تطالب به الصهيونية والدولة الغاصبة "إسرائيل" من الدول العربية التي أقامت معها معاهدات إستسلام . وعندما تصب دعوى أي شخص في مصلحة العدو ، ألا ينبغي عليه أن يراجع ما يقول ؟ إلا إن كانت "إسرائيل" ليست عدوة بمعايير الرجل الأبيض ، فعندها ليس بالضرورة متابعة الحوار مع هذا "الشخص" ، لأنه ليس مؤهلاً له ، والأجدى النقاش مع "أسياده البيض" مباشرة .  

ثم يتابع : [[هذه هي الطريقة القانونية الوحيدة التي سيلجأ اليها الاوربيون للقضاء على الاسلام قبل ان ينمو كعقيدة في مجتمعاتهم، سوف يحاولون منعه من التغلغل فيهم معتمدين على القانون، سوف يطعنون به لانه يتعارض مع مباديء الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان]]
عجيب قوله ، وعجيبة أفكاره وطروحاته !! وبعد هذا الذي تم تفنيده وتفكيكه وتحليله ، ما الذي يبقى لنزار النهري سوى التقليد الأجوف الفارغ للأبيض الإمبريالي .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !