صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كلنتون قبل وبعد وصولها الى لبنان بعدة تصريحات متناقضة عن الأنتخابات التشريعية اللبنانية القادمة واللتي ستجري بعد ستة اسابيع تقريبا واللتي تجمع معظم الأستطلاعات وآراء الخبراء بالشأن اللبناني على ان حزب الله سيكون له الكلمة العليا فيها وبفارق كبير في الأصوات عن تيار الحكومة الحالية , مما يعني ان شعبية حزب الله كبيرة حتى في الأوساط غير الشيعية في لبنان . وهذا ما تتوقعه الولايات المتحدة اللتي عبرت على لسان سفيرتها في لبنان منذ يومين عن قلقها من الأنتخابات اللبنانية ونتائجها المتوقعة .
فعبر بيان وزع على مرافقيها الصحفيين طالبت كلنتون بتمكين الشعب اللبناني من ان ينتخب مرشحيه بكل شفافية عبر انتخابات نزيهة لا يشوبها عنف او ابتزاز دون أي تدخل اجنبي . هذا من جهة , ومن جهة اخرى اوضحت الوزيرة في بيانها ان بلادها ستظل تدعم صوت الأعتدال في لبنان ( في اشارة الى تيار الحكومة ) بعد الأنتخابات والمؤسسات المسؤلة للدولة واللتي تبذل جهود حثيثة لبنائها ودعم الجيش .
اذا فالوزيرة اللتي تطالب بأنتخابات بعيدة عن التدخلات الأجنبية ( وهي هنا تعني ايران طبعا حليف حزب الله الأول ) هي ذاتها اللتي تقول صراحة بأن حكومتها ستدعم قوى الأعتدال وحتى بعد انتهاء الأنخابات أي حتى لو استطاع حزب الله من تحقيق نصر يمكنه وحلفائه من الأحزاب الأخرى من تكوين الحكومة الجديدة في سيناريو على ما يبدوا مكرر لما جرى في غزة مع الفارق الكبير طبعا في الظروف بين غزة ولبنان .
ولا ادري ماذا تسمي الوزيرة هذه التصريحات وهذا الدعم ؟ . ربما ستسميه مساعدة بريئة . او حسنة لوجه الله , او أي شيء اخر الا التدخل الصريح لحساب طرف لبناني على حساب طرف لبناني آخر .
ولنفرض اننا قبلنا بهذه الأوصاف جدلا . فلماذا اذا تعتبر الوزيرة وحكومتها التصريحات اللتي يطلقها الأيرانيون مثلا او السوريون بشأن لبنان هي تدخل في الشأن اللبناني , ام ان الموضوع حلال على امريكا وحرام على غيرها . الا تشكل هذه التصريحات اعترافا واضحا بالدور اللذي تلعبه الولايات المتحدة بصورة مباشرة او غير مباشرة ( عبر السعودية ) في لبنان اللذي يعرف الجميع واقعه السياسي الهش . اليس هذا نفخا في الرماد .
بالطبع ان هذا التناقض ليس غريبا على وزيرة خارجية دولة مثل امريكا اللتي تسمي احتلال جيشها للعراق اللذي يبعد عنها الآف الأميال مساعدة, بينما اذا صرح أي مسؤول من الدول اللتي لها حدود مباشرة مع العراق بأي تصريح حوله تخرج البيانات متلاحقة من واشنطن مطالبة بعدم التدخل بشؤون العراق الداخلية .
حتما انا هنا لا ادافع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول فهذا امر مرفوض رفضا قاطعا من الجميع , لكن هذا التدخل شئنا ام ابينا تستخدمه جميع دول العالم دون استثناء لحماية مصالحها , وهو عرف معمول به ولا احد يستطيع انكاره الا السياسيين االلذين يستخدون هذا التدخل انفسهم . فهذه هي السياسة ولعبتها . ولكن ما يثير دهشتي وحنقي هي كتابات الكتاب العرب اللذين يطالبون ايران وتركيا وحتى فنزويلا بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بينما يصمتون واحيانا يطبلون ويهللون لتصريحات الساسة الأمريكان اللتي تعتبر تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لبلداننا . نصيحتي لي ولأخوتي في بلدي وفي الوطن العربي الكبير هي اما ان نرفض كل التدخلات الخارجية واما ان نسمي الأشياء باسمائها ونقول نريد تدخلا ايرانيا ولا نريد تخل امريكي او العكس . فنحن لسنا سذج لنصدق دعاوى عدم التدخل هذه .
التعليقات (0)