نرجس يتمناها شباب القرية كل منهم يريدها زهرة في بيته تنجب له الورود..بيضاء ذات طلعة بهيجة تبتسم فتخرج البسمة من شفتيها نضرة تكشف عن أسنان لؤلؤية ...يتبعها إلى حنفية الماء طلبة الثانوي طمعا في كلمة أو بسمة تشرق لها الشمس وتتدفأ بها الأجساد في برد الشتاء دون لمسة !!...فاللمسة قد تكلف كثيرا جدا وتترك أثرا لا يمحوه الزمن وربما أدت إلى كسر باليد أو بالساق أو خلع لضرس ....المهم أنها كانت وردة القرية بحق...يدافع عنها كل من يراها استئثارا بها عن فضول الفضلاء ....وهل كل من يرى نرجس إلا هائم بحبها من طرف واحد؟ ...دارت الأيام وطاف مصطفى في البلاد فسكن القاهرة خمسة أعوام صار فيها طبيبا ثم انتقل إلى أسيوط ليمضي في المستشفى الأميري عامين ونصف وكان في إجازته يتلمس أخبار نرجس ويسعد كثيرا أنها لم تتزوج بعد فربما يقول في نفسه أنها تنتظر عودته إلى القرية...لم يتح له رؤيتها في هذه الأعوام السبعة ثم نأت به الأقدار فسافر إلى السعودية ...يحلم أن يجمع من المال ما يشتري به سيارة وشقة في المدينة المجاورة تجمع شمله مع حبيبته ويعيش في ظل جمالها الذي أسره منذ الصبا..نعم إنها قروية إلى حد ما ولكن الله حباها جمالا لا تتمتع به أكثر فتيات المدينة ..وهل فتيات المدينة يزدن عنها في شيء؟ من عدل الله أن خلق الناس على صورة واحدة تزيد أو تنقص في الجمال وخفة الدم دون اعتبار للمكانة الاجتماعية...ولكن الزهرة البرية في الصحراء تكون عادة مبهرة في جمالها بين صخور الصحراء ورمالها....حدثته نفسه في رحلته الأخيرة إلى السعودية أن يكلف الوالدة بخطبة نرجس حتى يعود فيعقد قرانها ويضيء بها شقة المنصورية...غاب في هذه السفرة عامين كاملين بغرض توفير كل ريال يساعده في تأثيث عش العصافير....في وسط المشاغل بالعمل وانصرافه عن الاتصال بالوالدة كثيرا ليسألها في الأساس عن نرجس ولكن بحكم الأدب واللياقة يسألها أولا عن صحتها وماذا تريد أن يحضره من هدايا لها ولوالده وللعائلة..عاد في يوم بالليل إلى مسكن العزاب المصريين ثم فكر في العودة إلى وسط المدينة ليتصل بالتليفون بالعائلة ويستطلع الأخبار
...ألو ...مين ؟.
...إزيك يا محمد..
..إيه الأخبار طمني........سكت حتى يسمع رد محمد ولكن محمد اختنق ولم يستطع الرد ..
..فيه إيه يا محمد ؟..
. بتقول إيه ...
..ثم دارت مكالمة لمدة عشرين دقيقة مرت كدهر طويل ذابت معها النفس وانطفأت الآمال ولبرهة قصيرة قال مصطفى لنفسه ...قدر الله وما شاء فعل سبحانه له الدوام وإنا لله وأنا إليه راجعون...
التعليقات (0)