مواضيع اليوم

ندوة دور تيار الوسطية في بناء الأمة

أميرال الاميري

2010-05-29 07:13:15

0


ندوة دور تيار الوسطية في بناء الأمة
القاهرة 17 مايو 2010م
كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس المنتدى

أخي الرئيس، أخواني وأخواتي
أبنائي وبناتي
أجزل الشكر لمنتدى الوسطية الإسلامية العالمية بالقاهرة لتنظيم هذا اللقاء في موضوع دور الوسطية في نهضة الأمة.
أقول: القراءة الصحية لتاريخنا تبين أن الدعوة الإسلامية انطلقت رسالة واضحة المعالم في عقائدها ومبادئها باعثة لملة إبراهيم (ع) وخاتمة لما سبقها من اليهودية والمسيحية ومستعدة من داخل نصوصها لهضم المستجدات واستيعابها. هذا هو الفهم الصحيح للسلفية باعتبارها منهاج تفاعل مستمر بين الثوابت والمتغيرات. بين الواجب والواقع. لا محطة ماضوية توجب العودة إليها كما يرى دعاة السلفية المتحفية.
والنهضة الأوربية التي بهرت العالم بانجازاتها بدأت بإجلاء الهوية فيما سموه البعث. وهم لا يبرحون يؤكدون لحضارتهم هوية يونانية ورومانية يهودية مسيحية هوية أنكروا في سبيل الدفاع عنها على حد تعبير الأستاذ مونتجمري واط : (دينهم الكبير للحضارة الإسلامية العربية. انطلقوا منها عبر أربع ثورات صنعت الحضارة الحديثة هي:
• ثورة فكرية حررت العقل من وصاية الأكليروس.
• وثورة سياسية حررت إرادة الشعوب.
• وثورة علمية تكنولوجية سخرت الطبيعة لحاجة الإنسان.
• وثورة اقتصادية وفرت سبل المعيشة.
القراءة الصحية لتاريخ الإنسانية من باب (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ) هي أن نهضة الأمم تعتمد على أمرين: هما التأصيل. واستيعاب المستجدات.
نحن تأخرنا لأننا تعاملنا بصورة مرضية مع هذين المطلبين. فصار التعامل مع التراث انكفاءا ماضويا. وصار التعامل مع المستجدات تبعية استلابية.
أدى الانكفاء لتقديس اجتهادات ماضوية تفسيرا وفقها بلا مجال لاجتهاد جديد على نحو ما جاء في جوهرة التوحيد: ومالك وسائر الأئمة وأبو القاسم هداة الأمة فواجب تقليد حبر منهمو كذا قضى الأمر بقول يفهم.
وأدي الاستلاب لتقديس حضارة الغرب بخيرها وشرها لأنها هي مستقبل الإنسانية على حد تعبير طه حسين، هذه الصورة تكرر ظهورها اليوم بصورة أخرى فمدرسة الانكفاء تساوي بين التكفير والتفكير على حد تعبير الشيخ بن باز وتلغي العطاء الإنساني تماما. ومدرسة الاستلاب تدلي بمقولات: القطيعة المعرفية مع التراث، أو تاريخية النص القرآني، أو غيرها من مدارس تسقط الجانب الغيبي من الدفاتر الإسلامية . هذا فهم ناسوتي للإسلام.
مدارس الانكفاء مفرطة ومدارس الاستلاب مفرطة وقديما قال الإمام إبن القيم: "إن الشيطان يضل الإنسان بالإفراط كما يضله بالتفريط" وقال عن الفقه: "إنه يزاوج بين الواجب والواقع. فلا يعيش فيما يجب أن يكون مغفلا ما هو كائن".
هذا النهج هو نهج الوسطية الإسلامية وعلى ضوء منها نقول:
أولا: الدين ضرورة كونية لأنه ترجمان الغيب. وتبيان الأخلاق وحافظة الضمير وحزام المجتمع وبوصلة المصير.
ولكنه بالفهم الصحيح لهدايته يرشد ولا يلغي الانتماءات المختلفة التي تفرزها الحالة الإنسانية كالقبلية والوطن. والقومية. الفهم الديني الأحادي الطارد للعطاء الإنساني غير صحيح.
ثانيا: الأصولية مفهوم حميد ومجالها في الثوابت من عقائد. وعبادات وأخلاق. ولكن مجال المعاملات متحرك على نحو مقولة (لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال). وقد انتقد ابن القيم
الذين قفلوا باب الحركة في الشريعة بقوله: "جعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد. محتاجة لغيرها وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له".
ثالثا: لا تناقض بين حقائق الوحي وسنن الطبيعة في الأولى كتاب الله المنزل والثانية كتاب الله المسطور: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ) .
رابعاً: ولا تناقض بين العقل فيما يدركه والوحي على نحو ما قال الإمام الشاطبي "كلما جاء به الشرع حكم به العقل".
خامساً: إن مقولة لا اجتهاد مع النص مقولة جوفاء. فالاجتهاد في النص واجب. وتتعارض النصوص فيكون محكمها ما يوافق المقاصد. " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ " مفتاح لأحكام الضرورة.
سادساً: إن تفسير نصوص الوحي لا يحده زمان ومكان. فلإنسان مطالب بزيادة المعرفة: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) . ومعارف الإنسان توسع مداركه لفهم النصوص. فقوله: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) لم يكن معروفا أن الذكورة والأنوثة هما من ماء الرجل. الحديث: بعث الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بعث. أي مدهشا.
سابعاً: مفردات سيرة النبي (ص) معلومة ولكن أخرجها كثير من كتاب السيرة تأثرا بسيرة موسى (عليه السلام) في حربيتها. وبسيرة عيسى (عليه السلام) في غيبياتها ولكنها سيرة مختلفة بإنسانيتها وعقلانيتها مما يوجب قراءة جديدة لسيرة محمد (ص) نبي الإنسانية.
ثامناً: التقليد حصر الفقه في أنماط أوجبها المنطق الصوري ولكن مجال تطور الفقه يغرف من عوامل كثيرة تفتح باب العطاء الإنساني واستيعاب المستجدات عوامل: المقاصد، والعقل، والمصلحة، والحكمة. والإلهام، والسياسة والشرعية.
تاسعاً: الولاء والبراء القائم على المفاصلة أوجبته ظروف تاريخية ولكن المرجعية الآن لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِم) . ظروفنا اليوم توجب التطلع لميثاق تعايش وتسامح ديني فالعالم كله يعيش تحت مظلة معاهدة دولية. والمسلمون يتعايشون مع غيرهم في كل مكان.
والإسلام اليوم يحظى بتمدد مستمر في أوربا وأمريكا ويتقاطر المسلمون زرافات ووحدانا نحو الغرب. هذا كله يوجب إبرام بروتوكولات تعايش واحترام متبادل تحدد الحقوق والواجبات وتعطي كل ذي حق حقه.
عاشراً: الجهاد قائم حتى قيام الساعة. إنه يبدأ بالنفس وتقواها ويشمل كافة عوامل القوة الناعمة لإعلاء كلمة الله. ولا يصير قتالا إلا صدا للعدوان وحماية لحرية الدين.
حادي عشر: إن للإسلام مبادئ سياسية لا شرعية للحكم ما لم يحققها إنها تقوم على المشاركة والمساءلة، والشفافية وسيادة حكم القانون كأعمدة للحكم الراشد.
ثاني عشر: لا قوام لمجتمع لا يوفر سبل المعيشة ما يوجب اقتصادا يحقق التنمية. وعدالة توزيع الثروة والتكافل الاجتماعي. وهي مقاصد أكفأ وسيلة لتحقيقها آلية السوق الحر المصحوب بآلية تكافل اجتماعي.
ثالث عشر: لا سلام بلا عدالة ما يوجب استرداد ما اغتصبه الاستيطان في فلسطين وجلاء الاحتلال الأجنبي وحماية المصالح الوطنية والقومية. والإسلامية وهي وإن اختلفت دوائرها متكاملة.
هذا التوجه ينبغي أن يخصب مشروعا نهضويا للأمة وهو يتطلب تجنيد قوى اجتماعية فاعلة وإرادة سياسية قوية لتحقيقه.
نحن لا نعمل في فراغ فهناك من يخطط لنا مصائر مختلفة: فالغلاة يدعون لبرنامج يشبع التأصيل بصورة ماضوية تشبع التأصيل على حساب الحاضر والمستقبل. وبأساليب تؤلب العالم على المسلمين والهيمنة الدولية تخطط لنا مصيرا منزوع الهوية الدينية والقومية متساويا مع إسرائيل في الهوية الجغرافية. وإسرائيل نفسها على السنة كثير من قادتها تخطط لتفكيك المنطقة إن استطاعت إلى ذلك سبيلا. قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي لافي رختر في محاضرة في يوليو 2008 ما خلاصته:
ينبغي العمل على:
- تقسيم العراق لثلاث دويلات .
- تقسيم السعودية لخمس دويلات.
- استخراج دويلة للأقباط في جنوب مصر.
- تقسيم السودان لخمس دويلات: الشمالي- الجنوبي - جبال النوبة - الشرق.
المطلوب من حملة مشعل الوسطية الإسلامية في كل مكان إدراك أنهم هم أمل الأمة في الخلاص من تياري الانكفاء والاستلاب. وان مشروعهم هو البديل لمخططات الغلاة والغزاة. ولكن هذا المشروع يتطلب إرادة سياسية وتشبيك وإلا سوف يعم المنطقة طوفان الغلاة أو الغزاة وفي الحالتين تدمير لرسالة الأمة.
(لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) . وإذا أردنا النجاة فلنأخذ بالأسباب.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !