مواضيع اليوم

ندوة بمعهد واشنطون عن تاريخ المواجهة الأمريكية الإيرانية ودروسه

ممدوح الشيخ

2009-12-02 17:06:01

0


الإيرانيون انتهازيون بشكل لا يصدق!
في ندوة بمعهد واشنطون عن تاريخ المواجهة ودروسه:
في الثمانينات تأكد الإيرانيون من قدرة العسكرية الأميركية.. فتراجعوا!

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

عقد المنتدى السياسي الخاص بمعهد واشنطن ندوة شارك فيها ديفيد كريست وهو مؤرخ بارز لرئيس هيئة الأركان المشتركة ومؤلف دراسة معهد واشنطن المرتقبة "خليج الصراع: تاريخ المواجهات الأمريكية الإيرانية في البحر (2009)". وستيفن وارد وهو محلل استخباراتي بارز لدى وكالات المخابرات المركزية الأمريكية ومؤلف الكتاب الذي لقي إشادات هامة "أبَدي: التاريخ العسكري لإيران وقواتها المسلحة (2009). ويذكر كتاب ("أبَدي") أن تاريخ إيران يوفر نظرات ثاقبة حول الممارسات العسكرية والعقيدة والتكتيكات الحالية للدولة.
وحسب ستيفن وارد واجهت الحكومات الإيرانية المختلفة عبر التاريخ، العديد من المشكلات الأمنية المتماثلة ومن ثم عمدت إلى تطوير العديد من الحلول المتماثلة. ومن بين القضايا المتكررة التي جسدت تاريخ إيران كانت علاقة النخبة السياسية مع القوات المسلحة، ودور المؤسسة الدينية المهيمنة، وصراع الحكومة المتواصل للحفاظ على السلطة المركزية ضد مراكز القوى المتنافسة، ومواجهات الدولة المستمرة مع الأعداء المتفوقين تكنولوجياً. ورغم هذه العقبات الداخلية، تمكنت إيران من استخدام وسائل عسكرية وسياسية واقتصادية غير تقليدية لإحباط أهداف الولايات المتحدة في المنطقة لعقود.
وهناك جوانب معينة من تاريخ إيران العسكري لها صداها في قواتها المسلحة الحالية، فالحضارات الإيرانية القديمة، ولا سيما البارثينيين، استخدموا الرماة من سلاح الفرسان لمهاجمة خصومهم بسرعة وبشكل غير متوقع. وفي القرن التاسع عشر، نشرت سلالة كاجار سلاح فرسان مزود برماة محنكين مسلحين بالبنادق. وبقيت أساليب الكر والفر الدعامة الأساسية للجيش الإيراني حتى يومنا هذا.
وحسب الحرس الثوري الإسلامي فإن استراتيجية حرب عصابات مشابهة كانت وراء انتصار حزب الله على إسرائيل عام 2006 وأن هذا النوع من النهج سيستخدم لغلق مضيق هرمز في حالة الحرب. وقل قادة بالحرس علانية إنه في حالة هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، ستنتقم إيران باستخدام صواريخ باليستية و"وسائل أخرى" كإشراك وكيليها حزب الله و"حماس" في أعمال انتقامية. ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر احتمالاً هو قيام عناصر الحرس بتنفيذ هجمات إرهابية ضد المصالح الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم، بدلاً من محاولة استهداف إسرائيل نفسها. وبطبيعة الحال، سيعتمد الرد الإيراني جزئياً على نطاق الهجوم الإسرائيلي ونجاحه.
وفيما يتعلق بالأحداث الجارية من المهم أن نلاحظ بأن الاضطرابات الإيرانية عادة ما تنجم عن إجراء حكومي يؤدي لوصول الاضطرابات الشعبية لدرجة الغليان، ولا شك في أن الشعور بسرقة الانتخابات الإيرانية التي جرت مؤخراً هو خير مثال على هذا النمط.
وإذا نظرنا إلى عام 1979، نجد أنه لم يكن يتوجب على جيش الشاه مواجهة أية صعوبة في إخماد الثورة الإسلامية. ومع ذلك، تصرف آية الله خوميني بذكاء مفرط عبر استقطاب الجيش بدلاً من محاولة تدميره. وفي المستقبل المنظور ستلعب الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية ونظرة الشعب الإيراني إليها دوراً حيوياً في كيفية تطور الأحداث. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت المعارضة الإيرانية ستسير حسب النهج الذي اتبعته حركة 1979، لأن هذا من شأنه أن يوفر أفضل فرصة لتحييد
الجيش.
ورغم أن الأمر سيكون مثيراً للتحدي، إلا أنه بالإمكان ردع إيران، فقد أثبت الإيرانيون أنهم انتهازيون بشكل لا يصدق، وهو ما يتضح بصفة أساسية من خلال استخدام التهديدات المتباينة والوكلاء، في استغلال نقاط الضعف الأمريكية في المنطقة. ورغم ذلك، فإن إيران قادرة على موازنة مصالحها بحكمة وكذلك تقرير الوقت الذي يكون فيه التراجع ضرورياً لتجنب صراع كامل. وينتاب القادة الإيرانيون بصفة أساسية قلق بشأن الاستمرار في الحكم، وتعتمد قراراتهم على البقاء في السلطة لفترة طويلة.
من جانبه يرى ديفيد كريست أنه في الفترة بين 1987 و1988، ضلعت أميركا في مواجهتها العسكرية الوحيدة - الطويلة الأمد - مع إيران. فقد كانت "عملية الإرادة القوية" في الأساس عملية بحرية كان هدفها حماية ناقلات النفط الكويتية من هجوم إيراني أثناء الحرب الإيرانية العراقية. وفي الغالب، تم شن تلك العملية كحملة لمقاومة التمرد، تماماً مثلما هو الحال في العراق أو أفغانستان في الوقت الراهن. وأثناء ذلك الصراع، طورت "القيادة المركزية الأمريكية الوسطى" العديد من الاستراتيجيات الفريدة للتعامل مع التهديد الإيراني المتباين.
وتوفر هذه المواجهة العديد من الدروس التي لا تزال تنطبق على كلا الجانبين. فبالنسبة لطهران، تُظهر المواجهة بأنه رغم أن أساليبها المتباينة كانت جيدة، إلا أن غياب المعدات العسكرية والتكنولوجيا الملائمة جعل الهجوم أمراً مُدمراً. وبالنسبة لواشنطن، يوفر الصراع دراسة حالة جيدة لتخفيف التهديدات العسكرية الإيرانية وفهم الموقف العسكري الإيراني في الوقت الحاضر. وقد استغلت بحرية الحرس الثوري أسلوبين متباينين بصفة أساسية للقيام بهجمات ضد عمليات الشحن المحايدة في الخليج العربي. وتمثل الأسلوب الأول في استخدام الألغام، وهو ما زود إيران بالميزة نفسها – وإمكانية الإنكار المعقولة – التي
تسببها الأجهزة التفجيرية الارتجالية اليوم للميليشيات العراقية. ومع قيام كل من القوات العراقية والإيرانية بزرع الألغام، تمكن الإيرانيون من إطلاق هجمات ضد أميركا دون أن يخلفوا وراءهم دليلا قاطعا على إدانتهم.
أما الأسلوب الثاني فكان استخدام قوارب صغيرة – مثل الطرادات من نوع بوستن ويلر المسلحة بقاذفات قنابل مدفوعة بالصواريخ وأسلحة آلية، تتجمع وتطارد السفن المحايدة. ولم يكن "أسطول السفن المدفعية الصغيرة ذا فعالية خاصة في إغراق أي شيء لكن كان باستطاعته إلحاق قدر لا بأس به من الضرر
بالناقلات الكبيرة. كما أن للمراكب الصغيرة أسلوب تشغيل متقدم إلى حد ما، حيث تستخدم منصات النفط الشاطئية والجزر الصغيرة كقواعد انطلاق متقدمة. وقد أدى ذلك إلى نجاح إيران في تخطيط قوتها البحرية في جميع أنحاء الخليج.
ولمواجهة هذه الأساليب، قامت أميركا بتطوير استراتيجية لمقاومة التمرد تركزت على عمليات الاستخبارات والمراقبة والدوريات. ولكي تقوم بعمليات الدورية على نحو فعال، قسمت "القيادة المركزية الأمريكية الوسطى" الخليج إلى ثماني مناطق منفصلة. واحتفظت "القيادة المركزية" بسفينة أو مروحية في كل منطقة، ما أتاح للجيش فرصة للاستجابة بسرعة في حالة تحديد زارع ألغام مشتبه به أو إذا كان هناك اعتقاد بأن هجوماً بأحد القوارب الصغيرة أصبح وشيكاً. وقد أدى هذا النهج إلى إيقاف العمليات البحرية الإيرانية بشكل فعال.
وتشكل استراتيجية إيران البحرية اليوم في الخليج العربي نسخة متقدمة للنهج الذي اتبعته في الثمانينيات من القرن الماضي. وفيما إذا تصاعد الصراع مع أميركا فستحتفظ إيران بخطة هجوم مضاد لإغلاق مضيق هرمز. ويمتلك الجيش الإيراني الآن صواريخ متقدمة ومتنقلة صنعت في الصين، وهي أقل تأثراً بالهجمات الجوية، كما أنه حصل على ما يتراوح بين 3000 و 5000 لغم، وهو ما سيتيح للجيش زرع الألغام في أي مكان في الخليج. وهذه القدرات الجديدة تمنح إيران الفرصة لإغلاق المضيق مؤقتا على الأقل، بطريقة لم تتمكن من القيام بها أثناء الثمانينيات من القرن الماضي.
كما حسنت إيران قابليتها العسكرية بشكل كبير من خلال الحصول على صواريخ مضادة للسفن والاستثمار بكثافة في قوارب دوريات الصواريخ، وهي استراتيجية جاءت على حساب أسطول تقليدي أكبر حجماً. ومن الدروس التي استخلصتها طهران من المواجهة في الثمانينيات من القرن الماضي، عجزها عن الصمود أمام الأسطول الأمريكي في مواجهة تقليدية. لكن بوسع قوارب دوريات الصواريخ الجديدة الانخراط في الحركة المرورية البحرية المعتادة بهدف الاقتراب من السفن الحربية الأمريكية ومن ثم إطلاق وابل من الصواريخ قد يلحق ضرراً بالغاً.
ويجب على "القيادة المركزية الأمريكية الوسطى" مواصلة استباق التهديدات الإيرانية غير التقليدية. فمثلا، إذا قررت أميركا وحلفاؤها فرض حظر صارم على إيران بسبب برنامجها النووي، لن يكون من المستغرب أن تلجأ إيران مرة أخرى إلى الاستراتيجية التي استهدفت السفن الحربية لقوات الإئتلاف. ولحسن الحظ، فمن وجهة النظر الأمريكية، أكدت أيضاً "عملية الإرادة القوية" بأن "الردع القسري" حقق في النهاية النتائج المرجوة منه؛ فبعد أن أثبتت "القيادة المركزية الأمريكية الوسطى" أن بوسعها التعامل بفعالية مع تهديدات إيران المتباينة من خلال استخدام القوة، تراجع الإيرانيون.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !