مواضيع اليوم

ندوة بالقاهرة ترصد تاريخ القصة القصيرة وتطورها

الدكتور صديق

2011-07-20 19:39:35

0

ندوة بالقاهرة ترصد تاريخ القصة القصيرة وتطورها
.................................................. ...............
د. حسين علي محمد
القاهرة ـ الوطن:
حول القصة القصيرة ومستقبلها عقد المجلس الأعلى للثقافة بمصر ندوة بعنوان (القصة القصيرة بين الواقع وآفاق المستقبل) شارك فيها عدد من المثقفين والنقاد الذين حاولوا رصد تاريخ القصة القصيرة وتطورها وما يواجهها من انتقادات في الوقت الحالي···
وفي البداية قال د. طه وادي أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب: إن القصة القصيرة مرتبطة بالتاريخ، ولعل التشابه الكبير في حروفها مع كلمة التاريخ في اللغة الإنجليزية أبلغ دليل على ذلك، وهو ما لم يأت اعتباطًا، لكنهما ارتبطا بسبب كون القصة تستمد دائمًا من أحداث الوقت.. مشيرا إلا أن القصة لم تعرف الرومانسية طوال تاريخها لكنها ولدت مرتبطة بالواقعية التقليدية، وقد استمر ذلك في مرحلة نشأتها الأولى منذ قصة (في القطار) التي أبدعها القاص والكاتب محمود تيمور سنة 1917 وهي بداية مرحلة أولى انتهت بابداعات الأديب يوسف إدريس التي ارتبطت بالفكر الاشتراكي وجنوحه نحو التعبير عن هموم العمال والفلاحين في فترة الستينات حتى عام 1969، وهي بداية مرحلة جديدة في القصة القصيرة.
وذكر د. طه وادي أنه غير معني بتتبع التطور التاريخي للقصة القصيرة في الوطن العربي، لأن ذلك سوف يؤدي إلى جنوحه إلى الحديث عن خصائصها في البلدان المختلفة التي ولدت فيها وعوامل نشأتها، وهو ما يعني الحديث عن نوع من القصة الإقليمية وخصائصها، لذا جاء تركيز الحديث حول سمات مشتركة من القصة تتسم بها المنطقة العربية بشكل عام عبر قضايا مشتركة.
وتحدث د. وادي عن مساحة زمنية تقترب من قرن من الزمان منذ ظهور القصة القصيرة في الوطن العربي وحتى الآن، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الفن استطاع أن يلفت الانتباه ويصبح في الصدارة بعد تفوقه على الشعر مؤكدا أن القصة القصيرة مرت بثلاث مراحل تمثل تحولات ونقلات كبرى تواكبت مع الواقع الحضاري والفكري والسياسي من جهة، والجمالي والفني والأدبي من جهة أخرى، والذي تعرضت له المنطقة العربية.
وأشار د. وادي إلى أن القصة القصيرة منذ ظهورها كانت تمثل نوعًا أدبيًا جديدًا مختلفًا عن الجذور السردية التي كانت موجودة، وتمثلت في المقامة والصورة القلمية التي شاعت في بداية القرن الماضي وقال إنها رغم اختلافها عن فنون السرد التي كانت شائعة، إلا أنها كانت مرتبطة معها بوشائج خاصة بالسرد، لكن ظهورها في ذلك التوقيت كان نوعًا من الانفجار في أرض قُبلة بهذا النوع من الفن السردي القصير، والذي تطلبه ظهوره الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية، حيث ظهرت الحاجة للتعبير عن وقائع معينة كانت تمر بها المجتمعات العربية.
وأضاف: وادي أن هذا الفن تحول إلى ظاهرة أدبية شدت انتباه المبدعين والأدباء، وأدى إلى تغيراتها في الواقع الثقافي العربي وفي البنية الأدبية التي تشكلت في القصة القصيرة في مرحلة بدايتها الأولى أما عن المرحلة الثانية فقد لبت احتياجات أيديولوجية اختلفت عن المرحلة الأولى التي كانت متأثرة بالكتابة الغربية، وطريقة بناء القصة الفرنسية (الموباساسنية)، والقصة الروسية لدى تشيكوف وقد ظهر هذا التأثر على كُتاب القصة القصيرة في الوطن العربي حتى يوسف إدريس.
وبعده بدأت المرحلة الثانية التي اكتشفت فيها الكتابة العرب أنهم تناسوا جذورهم الثقافية العربية في السرد العربي القديم، وفي هذه المرحلة راح الكُتاب العرب يبحثون عن التراث القديم ويزوجون بينه وبين السرد الحديث وقد تمثلت هذه المزاوجة في الاستعانة بالموال والتراث الشفهي وبنية الحكاية الشعبية، وتنشيط دور الراوي الشعبي في كتابة القصة، وهذا مختلف بالطبع عن الكتابة التقليدية التي يظل فيها الراوي متواريًا خلف الأحداث.
القصة المعاصرةأما عن المرحلة الثالثة، والتي تستمر حتى الآن، فقد تأثرت بالتحولات الكبرى في العالم والتغيرات التكنولوچية الأكثر تأثيرًا في الإنسان المعاصر، والتي يتعامل معها بحس استهلاكي.وقال د. وادي إن التغيرات الهائلة التي تحدث الآن والتي تتمثل في انتشار ثقافة العولمة، وما يصاحبها من تغيرات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية تتبدي كثيرًا في القص الحديث، والذي يعتبر انعكاسًا واضحًا لها مفسرا الحديث حول مراحل الكتابة القصصية الأولى بداية من أن المرحلة الأولى والتي واجهت محاولات مناهضة لها من الكتاب المحافظين الذين عارضوها خوفًا من إفسادها للمجتمع وأشار إلى دور مهم للأديب مصطفى لطفي المنفلوطي في ترسيخ هذا النوع الجديد من فن القصة القصيرة حيث لم يخدم كاتب مثله هذا الفن، ووصفه د. وادي بأنه صاحب إنجاز يماثل تمامًا إنجاز نجيب محفوظ في القصة والرواية العربية أما الكُتاب الذين سبقوا المنفلوطي أمثال المويلحي صاحب المقامات، فقد وصفهم د. وادي بأنهم كانوا أصحاب محاولات لم تكن لها علاقة بالقصة القصيرة التي نشأت حديثًا في بداية القرن العشرين، والتي ساعد المنفلوطي في تهيئة المناخ والجو لها، وحقق لها الكثير من التواجد الشرعي الذي جعل المجتمع الأدبي العربي في تلك الفترة يقبلها وأزال عنها الكثير من التحفظات ومن لا يرضون عنها مؤكدا أن المنفلوطي ظلم كثيرًا ولم يأخذ حقه في تاريخ الأدب العربي مشيرًا إلى أن القصة القصيرة كانت تمثل اكتشافًا منذ ظهورها في أوروبا يساوي تمامًا اكتشاف البخار والذرة، وأن الحاجة إليها ظهرت مع ظهور وتولد الكثير من الصراعات في العالم، حيث راح الكتاب يتوقفون أمام مواقف الحياة ولحظاتها ويرصدونها ليضعوها أمام القارئ في دلالات ذات معنى.
وأشار د. وادي إلى أن هذا الصراع كان موجودًا أيضًا في الوطن العربي الذي راح كُتابه يبحثون عن أدب عربي يوجهون به الاستعمار ويظهرون عبره قدرة الأمة العربية على التحدي، حيث كان ظهورها اعلانًا بحياة الأمة، وتعبيرًا عن مخاض فكر جديد وروح جديدة ، وقد تمثل ظهور القصة مع تصاعد البرجوازية التي حققت قدرًا من الوجود في بداية القرن الـ 20 وجاءت القصة مُلبية لذلك القلق الإنساني الذي كان سائدًا في المجتمع العربي في ذلك الوقت، وتعبيرًا عن تلك الفئات غير المستقرة والقلقة في المجتمعات العربية، مشيرًا إلى أن دراسة القصة القصيرة سوف تظهر للباحث أن استمرار وجودها مرهون بذلك القلق، وأن على الكُتاب أن يبحثوا دائمًا عن بنية جديدة لها أكثر تطورا ودلالة للتعبير عن الواقع المتغير، ورغبة الفنان في تطوير السرد القصصي من حيث البنية والتشكيل.
بنية رخوةومن جانبها قالت د· كاميليا صبحي أستاذ الأدب الفرنسي بكلية الألسن: أن الكُتاب العرب يمثلون رغم وقوعهم تحت تأثيرات متشابهة في الأقطار العربية جزر منعزلة، حيث نجد أن كلاً منهم يكتب بطريقة مختلفة عن الآخر، وهذا ما أتاحته لهم القصة العربية الحديثة، ذات البنية الرخوة غير الصارمة، وتتحدث د· كاميليا عن طبيعة كُتاب القصة الذين يتسمون بقصر النفس، والذي يتناسب مع بنية التكشيف في القصة مشيرة إلى أن ظهور القصة القصيرة في الوطن العربي ارتبط ببعض التحولات في المجتمعات العربية مثل تحرر المرأة، والذي أتاح لها دخول مجال الكتابة القصصية، ولفتت إلى أن كاتبات القصة القصيرة يمثلن غالبية بين المبدعات العربيات أكثر من الشاعرات، وقد وجدت المرأة نفسها أكثر قدرة في كتابة القصة، بسبب الحرية التي وجدتها في هذا النوع من الكتابة، حيث راحت تطرح همومها وتعبر عن قضاياها العربية، وكذلك مشاعرها الخاصة.
وذكرت د. كاميليا أن كتاب القصة القصيرة لم يحققوا الانتشار الذي حققه الروائيون، والذين استطاع بعضهم أن يحقق شهرة كبيرة لمجرد كتابته رواية واحدة في حين أن كتابًا كثيرين مثل محمود بدوي ومحمود تيمور أبدعوا عددًا كبيرًا من القصص القصيرة دون أن يحققوا الشهرة نفسها.
وتحدثت د. كاميليا عن مرحلة كتابة القصة القصيرة بعد النكسة، مشيرًا إلى أنها أثرت كثيرًا على المبدعين العرب، وتركت ظلالاً كبرى على إبداعاتهم، وهو مالم يحققه انتصار أكتوبر، وقد راح الكُتاب العرب في تلك الآونة يجمعون ما بين الأصالة والمعاصرة ويبحثون في التراث القومي للتعبير عبر نموذج قصصي جديد عن آمالهم وأحلامهم، ويقدمون نموذجًا للقصص العربي، ومثل هذا النوع من الكتابة تجلي لدى يحيى الطاهر عبد الله الأديب الذي راح يفضح الكثير من الممارسات في المجتمع المصري.
وقالت د. كاميليا: إن هذه المرحلة تمثلت فيها مشاعر الإحباط نتيجة مأساة النكسة، وقد طرأ فيها على الكتابه القصصية نوع من شاعرية اللغة، حيث اتجه الكُتاب للتعبير بلغة أكثر تماسًا من مرحلة الكتابة الأولى أما المرحلة الثالثة والتي قالت إنها بدأت منذ عشر سنوات، فقد ظهرت بعد تحلل الاتحاد السوفيتي وظهور صيحات العولمة، وتحول العالم إلى قطب واحد يحاول أن يجعل من أفكاره نموذجًا سائدًا في العالم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !