إن نداء الكاتب الكبير العفيف الأخضر هو إعلان ودليل إدانة لكل لأنظمتنا ومجتمعاتنا العربية التى تتحالف مع مرتكبى جرائم فتاوى التكفير والقتل وتترك من يصدروها أحرار بل وتعطيهم الحق فى إصدار ما يحلو لهم وتخصص لهم مساحات كبيرة فى وسائل الإعلام وتساندهم فى نشر ثقافة التحريض والكراهية والعنصرية الكاذبة وتشجيع أعمال الإرهاب ضد أصحاب الجهود المخلصة فى إصلاح المجتمع العربى .
أين الرقابة العربية الناشطة فى حجب المواقع والجرائد العربية عن شعوبها بحجج واهية فى الوقت التى لا تحجب مثل هذه المواقع وتلك الأصوات التى ترتكب الجريمة علناً ؟
إن فتاوى التكفير لن تنتهى لأن المجتمع العربى لم يتغير فيه شئ ، وما نراه يومياً هو رغبة سادية نتلذذ فيها بسماع فتاوى التكفير وإرهاب المفكرين وإحتكار الحرية وقمعها بأسم الدين وبأسم الإله الغائب الحاضر ، وسماع أصوات التحريض البغيض دون أن يعترض أحد على أصحابها .
قد أجد العذر الكبير لهؤلاء الذين يتعلمون إصدار الفتاوى لأن ثقافتهم هكذا ، لكن لا أجد العذر لشعوب وأنظمة عربية بإصرار تقبل هذه الفتاوى وترفض منطق العقل والعلم ، لو أعتبرت الشعوب العربية أن كل من يصدر عنه فتوى بحق أى إنسان قد أرتكب جريمة يعاقبه عليها القانون ، لأصبح الحال غير ما هو عليه الآن .
لكن للأسف ثقافة الكراهية هى التى تقود عقولنا إلى الإنفعالات والتشنج الدينى وتزوير الجرائم التاريخية وتحويلها إلى بطولات أبدية ، وما زالت مجتمعاتنا تدور فى حلقات مفرغة من جراء التشويه التاريخى للحقائق ، ولا نجد الجرأة سواء فى الأنظمة العربية أو برلمانات العرب أو مثقفى العرب بالعمل على تنقية التاريخ وكتابته بشكل محايد والعمل على إصدار قانون يجرم كل من تصدر عنه فتوى تكفيرية ضد آخر سواء كان هذا الآخر كفر بالفعل أو لم يكفر ، فالإيمان بالله وعلاقة الإنسان به هى علاقة خاصة لا يدينه عليها ولا يقف له بشر أو نظام بالمرصاد .
فى الوقت الذى تترك الأنظمة العربية هؤلاء الأشخاص يصدرون فتاويهم بكل حرية ، نجدها تقيد حريات المثقفين والمفكرين
ولن ينسى التاريخ أنه فى عهد نظامنا الحديث الذى يتباهى فيه القائمين عليه بإنجازات لا آخر لها قد قُتل فرج فودة وتم تطليق المفكر الكبير نصر حامد أبو زيد من زوجته ومحاولة الأعتداء على المفكر الكبير نجيب محفوظ والقائمة تطول لكبار مفكرينا ومبدعينا الذين تعرضوا لسحر الفتاوى والخرس القانونى والحكومى والإعلامى وطأطأ الجميع رؤوس عقولهم وأسلموها طائعين بين أيدى هذا السحر الجديد الذى تستخدمه لقمع شعوبها قوى الدكتاتورية فى أنظمتنا العربية .
نداء العفيف الاخضر يفرض على الحكومات العربية الشعور بالخجل لعدم تحركها إزاء هذه الجرائم التى ترتكب ضد السلطات الشرعية وضد المجتمعات وضد الحرية الإنسانية ، فهل ستتحرك الحكومات لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه !
2005 / 5 / 17
التعليقات (0)