مواضيع اليوم

نداء الجمعة السيد محمد علي الحسيني :الاصالة في الاعتدال و الوسطية‎

 الحسيني :الاصالة في الاعتدال و الوسطية


الجمعة, 2015/07/31


من الخطأ الفادح التصور بأن مفهوم الاعتدال و الوسطية قد ولدا و جاءا کرد فعل على مايجتاح المنطقة و العالم من فکر ديني متطرف يعتمد على الارهاب کوسيلة من أجل تحقيق غاياته و أهدافه، لأن مثل هذا الفهم يجعل من الاعتدال و الوسطية يظهران على أنهما طارئتان و ليست لهما من جذور او أصول تاريخية و دينية.

التسامح و العفو و الرحمة و الرفق و غيرها من المفاهيم، مترسخة بقوة في التاريخ العربي الاسلامي و إن الآيات الکريمة و الاحاديث النبوية الشريفة و الاحداث و المواقف التاريخية التي تجسدها، کثيرة و متباينة لانرى في هذا الحيز الضيق متسعا لطرحها، بل وان السر وراء إنتشار الاسلام و تقبله من قبل الشعوب و الملل المختلفة في العالم(وکما أکد العديد من الفلاسفة و المستشرقين)، إنما کان بسبب روح التسامح و الاعتدال و الانفتاح في الاسلام و تمکنه من خلال سعة الصدر و الحلم و الاناة الذي تميز به قادة الاسلام الفاتحون من إستيعاب و إحتواء و کسب تلك الشعوب و الملل عن طيب خاطر.

وجه الخطأ الکبير الذي يقع فيه الکثيرون ممن لايحشمون أنفسهم عناء التدبر في خلفيات الامور و سبر أغوارها بحثا عن جذورها، وإن التصور بکون مفهومي الاعتدال و الوسطية طارئين، هو من الاخطاء الشنيعة التي لايمکن تبريرها، فمثلما أن التوحيد والنبوة والميعاد مثلا، من أصول الاسلام، فإن الاعتدال و الوسطية أيضا هما من اللبنات و المقومات الاساسية لهذا الدين وان إعادة طرحها إنما هو بمثابة العودة الى اللبنات و المقومات الاساسية لهذا الدين، او بمعنى آخر العودة للأصالة في الدين و إعادة إحيائها بما يخدم الامتين العربية و الاسلامية و يعينهما على مواجهة الاوضاع و الظروف الصعبة الطارئة حاليا.

إنقطاع المسلمين عن الکثير من المفاهيم و القيم الاسلامية السمحة و عدم تدبرهم في الخلفيات الدينية و التاريخية لها، جعلهم يحملون تصورات و فهما خاطئا لها، والحقيقة التي يجب أن يعلمها بل وحتى يتيقن منها کل مسلم و مسلمة هو أن التطرف و الغلو و العصبية و الانغلاق هي مفاهيم و ممارسات طارئة على الاسلام ولاتمت الى تعاليمه الاساسية و روحه السمحة بشيء، واننا نجد أن أهم واجب و مهمة لکل مسلم و مسلمة حاليا هو توضيح هذه الحقيقة و إثبات بأن التطرف و الارهاب و الغلو هو بمثابة “الزبد الذي يذهب جفاءا”، وان الاعتدال و الوسطية و التسامح هو”ماينفع الناس فيمکث في الارض”، ولاغرو من أن مثل هذا الطرح فيما لو تم الترکيز فيه و بصورة واسعة من شأنه أن يحجم و يحدد من تحرکات ونشاطات المتطرفين و الارهابيين و يجعلهم محاصرين في مساحات ضيقة و محددة بحيث يتلاشون و يضمحلون في نهاية الامر رويدا رويدا.

طوال الاعوام المنصرمة منذ حملنا لرسالة الاعتدال و الوسطية و سعينا لنشر مفاهيمها السمحة لأقصى نقطة، واجهنا شر و عداء المتطرفين و الارهابيين الذين سعوا لإخماد صوتنا و إيقاف مسيرتنا و إرعابنا، لکننا ولأننا آمنا بأننا نجسد الحق و الصواب و ندعو الى الروح السمحة و الطيبة للاسلام الحنيف، فإننا لما صمدنا و قاومنا و الحمدلله کثيرا نجد اليوم هذه الرسالة تلقى الکثير من الآذان التي تتشوق للتنصت و الاستماع لها، وعندما نقارن بين اليوم و بين البدايات فإننا نجد فرقا کبيرا شاسعا لصالح الاعتدال و الوسطية ويقينا بأننا سنجد في القادم من الزمان بعون الله هذا البون يتسع ويتسع حتى لايبقى فيه من مجال للتطرف و الارهاب، “وقل أعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المؤمنون“.

العلامة السيد محمد علي الحسيني.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات