مواضيع اليوم

نداء أغا سلطان.. وفساد الذمم!!

nasser damaj

2009-07-12 15:29:22

0

نداء أغا سلطان.. وفساد الذمم!! 
خليل الفزيع   

    ما بين الحياة والموت زمن يتلاشى في كينونة الوجود، بعد أن يستغرق ما هو أقل من طرفة عين، قد تسبقها معاناة شديدة، وقد تحل فجأة كومضة ليس لها ما قبلها من الدلالات وإن كان لها ما بعدها من النتائج، وبين موت وموت مسافة لا تقاس.. من التأثير في النفوس، وتحريض العقل على التفكير حينا، أو من عدم المبالاة والشعور بالألم حينا آخر.. بارزون ماتوا ولم يبكهم أحد، وبسطاء ماتوا فقامت الدنيا ولم تقعد، وكل ذلك مقترن بظروف الموت وأسبابه وتداعياته، والخلود في ضمير العالم لا يقتضي جاها أو سلطانا، فقد يتحقق لمن جلبهم التاريخ إلى ساحته على بساط العفوية والتلقائية والتضحية.
    هكذا كانت وفاة نداء أغا سلطان ضحية فساد الذمم، حين اغتالتها همجية التسلط، واغتالت معها ربيعا زاهيا واعدا انطفأ ألقه فجأة دون توقع.. رصاصة غادرة تجاوزت حصن البراءة لتخترق قيما أصبحت المناداة بها دليل تحضر، وإذا بها تتحول إلى علامة تخلف على أيدي من لا يحسنون قراءة وفهم معطيات العصر، ولا ينظرون إلى قيم الحرية إلا من خلال ثقب التشدد والطغيان الضيق، والذي لا يتيح سوى النظر بعين واحدة يحجبها قذى التطرف والغلو عن وضوح الرؤية.
    نداء التي حكم عليها بالانطفاء المبكر أشعلت على امتداد الكرة الأرضية شهوة التضحية من أجل القيم والمبادئ، بعد أن تحجرت الدموع في المآقي لهول الكارثة التي اجتاحت الحرية والديمقراطية على أيدي من يزعمون أنهم حراسها، وإذا بهم يغتالونها على مذابح الرغبة العارمة في عدم التخلي حب الامتلاك، وعدم مغادرة السلطة، التي بها يصنعون كياناتهم، ويثبتون تمردهم على الديمقراطية بالغش والتزوير، وتجاهل المتغيرات التي لا تخضع سوى لحركة التطور الطبيعي للأمم والشعوب، وكأن التاريخ قد توقف عند أقدامهم، وهو القادر على سحق كل من يقف في طريقه عاجلا أو آجلا.
    نحن نؤمن بأن الأعمار بيد الله. {فإِذَا جَاء أجلهُم لاَ يَستأخِرُونَ سَاعَة ولاَ يَستقدمُون}لأن{كل نَفسٍ ذَائِقَة} لكن الأسباب هي محور الحديث، ومنها يستمد عوامل تفاعله، وبواعث التفكير فيه، ومدى انسجامه أو تقاطعه مع ما تعنيه الحقيقة المجردة. فهل هي الظروف التي تصنع البطولات، أم البطولات هي التي تصنع نفسها؟ في حالة كهذه يمكن القول أن كلا الاحتمالين وارد.. ثمة بطولة أفرزتها حادثة اغتيال نداء، لكن هذه الظروف خضعت لتداعيات لولاها لم يكن العالم سيلتفت إلى هذه الحالة التي حدثت ربما للمئات إن لم نقل الألوف من الضحايا دون أن يعلم بهم أحد، لكنه القدر الذي لعب لعبته، حين تم تصوير الحادث وتهريبه إلى خارج الحدود ليتم بثه على جميع الوسائط المتاحة وإلى كل أنحاء العالم، فتحقق لهذه البطولة أن تصنع نفسها، لأن صاحبتها كانت تتحرك بوعي كامل نحو خطر داهم مفتوح الاحتمالات على كل ما هو متوقع أو غير متوقع.. فالمشاركة في مظاهرة تجابه بالحديد والنار من البطولات التي لا يمكن غير الاعتراف بها.
    نحن أمام حدث صنعته ظروف الانتخابات في إيران، لكن هذا الحدث فرض نفسه على العالم كله، ليجلب التعاطف مع الضحية ويدين الجلاد دون تردد، لبشاعة المأساة التي ارتكبتها أيد آثمة ظنت أنها تمارس طغيانها في غفلة من التاريخ، لكن التاريخ كان لها بالمرصاد هذه المرة، ليكشف الزيف والتزوير والتلاعب بأصوات الناخبين، لتكون النتيجة دوران عجلة السياسة في مسارها غير الطبيعي وفي الاتجاه المعاكس لاختيار الأغلبية من الناخبين.. لتخرج الجماهير معلنة رفضها للتزوير، في سعيها لاستشراف مستقبل أكثر حرية وديمقراطية.
    ما حدث في إيران يحدث في بلاد كثيرة، وهو يجسد فساد الذمم، ويترجم الإصرار على الخطأ وإن بدا واضحا للعيان دون مواربة أو قدرة على الخروج من دائرة الضوء، وهو يعني بوضوح أن الحقيقة لا بد أن تظهر ساطعة جلية كالشمس في رابعة النهار، وهي حقيقة لا يجهلها أحد، لكن بعض الفئات تصر على تجاهلها لأسباب لا تخفى.. حتى إذا انجلت غيوم التشكيك، وانكشفت عورات المضللين.. لم يعد ثمة عذر يحول دون الخضوع لحكم القانون الذي أريد له أن يكون أعمى وهو بصير.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات