مواضيع اليوم

نخاسة المفكرين

حسن اسافن

2009-10-12 00:20:00

0

جريدة الدار الكويتية الاثنين 22 شوال 1430 , 12 اكتوبر 2009 العدد 529 السنة الأولى


علي البحراني
في كل الأزمان وكل الأقطار تبرز فئة من الناس ليتعلموا وينهلوا من ينابيع المعرفة ويبحثوا في دهاليزها وأزقتها وكهوفها ليصلوا إلى مرحلة التحليل والتطبيق، فيمتلكون الحكمة والمنطق من بنات أفكارهم المستقاة من التركيب بين جميع ما ادخروه من مفاهيم ونظريات، وبوصولهم إلى هذه المرحلة يغدون قادرين على إيجاد حلول وتفسيرات لكل إشكال أو معضلة في حدود العقل البشري، هذه المرحلة من التعقل سلاح ذو حدين تمتلكه هذه الفئة فتنقسم إلى اثنتين فئة من هؤلاء يعيشون ليسعدوا البشرية بأفكارهم المنيرة لدروب العامة من الناس بصدقهم واحترام ذواتهم وهم ليس لهم ثمن ولا يعرضون بضاعتهم للشراء أو البيع معروضة في سوق النخاسة أو حتى الاستعارة فتصبح أفكارهم مشكاة يستضاء بها وأفكارهم ونظرياتهم يتذكرها الأجيال المتعاقبة.
الفئة الأخرى على نفس القدر من المنطق والحكمة لكنها تستخدم أفكارها لسعادة ذاتها وليس لسعادة الآخرين فتعرض أفكارها للبيع أو يأتيها من يستطيع أن يطوع أفكارها لخدمة مصالحه من ذوي النفوذ بالمنصب أو بالمال فبالجاه أو العطايا والهدايا والهبات والشرهات يتم استخدام هذه الأفكار والمنطقية في الكثير من أطروحاتها لعامة الناس لتضليلهم عن الحقيقة أو لتشويهها أو لقلب الحقيقة الى باطل والباطل حقيقة من أجل مصالح ذاتية سياسية كانت أم اقتصادية أم دينية هكذا الحال كانت وتكون عبر الأزمان وفي كل مكان، شوه التاريخ ودلس علينا وقلبت الحقائق وزور الباطل من أناس يمتلكون الحكمة والمنطق الذي لا يكشفه عوام الناس قهرا تارة وعطايا تارة أخرى وما نراه الآن دليل حي على ذلك، فكثيرون هم المصفقون المهللون من أصحاب الأقلام المأجورة لقرار المسؤول أو الحاكم وأنه قرار حكيم ومن ذهنية فذة وهم أدرى الناس بخطأ ذلك القرار ثم ما إن يكتشف المسؤول او الحاكم أنه كان على خطأ في اتخاذ ذاك القرار حتى يكرروا ذلك الهتاف والتصفيق لقرار أكثر حكمة وأكثر صائبية في التراجع، وللأسف الناس تصدقهم متناسية تصفيقهم الأول، وصفحات الجرائد والبرامج الحوارية التي اصمونا بها لحكمة ذلك القرار الأول ثم نفس البرامج والمقالات للقرار الأكثر حكمة وهكذا هي نخاسة المفكرين بكل أسى، تمتد إلى المشرعين المتسولين فكل ما ينطق به المسؤول أو الحاكم شرعي بالآية الفلانية أو الحديث الفلاني فرجل الدين يستطيع بمعرفته ونبشه في متون الكتب أن يشرعن أي قرار يتفوه به الحاكم ويشرعن نقيضه إذا ما تراجع عنه متخذه فليس الكلمة والفكر بل الشرع أيضا يمكن أن يعرض في سوق النخاسة ومن يدفع أكثر يشتري وعلى عينك يا تاجر.
فمتى بشعر هؤلاء أنهم يتعاملون مع بشر وليس مع بهائم تنطلي عليهم كل ترهاتهم وخزعبلاتهم المقرفة فيحترمون ما وهبهم الله من قدرة على التحليل والتركيب والتطبيق، وتلك أعلى درجات الهرم المعرفي، مستخدمين هذه القدرات من أجل الجاه أو المال واللذين سيذهبان وتبقى وصمة عارهم ولعنات الدهر تلاحقهم مدى التاريخ ممن ضللوهم وأوهموهم بصدق كذبهم.
Al2000la@hotmail.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !