مواضيع اليوم

نحو تعاون دولى لمكافحة الطغاة

زين العابدين

2010-11-30 16:23:25

0


لا شك أن الحضارة الغربية والتى نعيش فى كنفها ونجنى بعض ثمارها كما نصاب أيضا بكثير من شرورها ، هى فى النهاية معطى إنسانى وتعد بالفعل محصلة كل التراكمات الحضارية الإنسانية والتراثية السابقة الآخرى فى شتى بقاع العالم .
ومن هنا فإن الحضارة الغربية هى بالفعل حضارة إنسانية عالمية أو كونية تخص العالم أجمع ، وليس العالم الغربى فقط ، و من ثم فهى تخص أيضا كل فرد فى هذا الكون ، و بغض الطرف عن لونه أو عرقه أو دينه ، أو أية فوارق آخرى من صنع البشر ما أنزل الله بها من سلطان .
ومن ثم فالحفاظ على ما هو إيجابى وإنسانى فى تلك الحضارة يجب تعظيمة كما يجب الحفاظ عليه ، لأن ذلك من الحفاظ على الحضارة ذاتها ، وضمانا لإستمراريتها أو ديموميتها وصيرورتها ، لأنها ـ مع كل ما هنالك من تحفظات ـ تستحق أن يتكاتف كل العقلاء فى هذا العالم للحفاظ عليها .
ومن سبل وأدوات الحفاظ عليها ، هى أولا نشر العدل والعدالة ، وكفالة تطبيقها بشتى السبل ـ حتى ولو دعا الأمر إلى التدخل العسكرى فى أى مكان بالعالم بواسطة قوات دولية متخصصة ومخصصة لهذا الغرض لتطبيقها بالقوة إذا لزم الأمر ـ فى شتى بقاع العالم ، و على مستوى الأفراد، و على مستوى الشعوب ، و على مستوى الدول ، وحتى على مساوى الأمم .
ومن أجل ذلك ـ أى الحفاظ على تلك العدالة الأممية ، والعمل على تطبيقها , ومن ثم تفعيل ذلك التطبيق ـ فإننى أقترح تدخل الأمم المتحدة ـ ولو أضطر الأمر إلى تعديل ميثاقها أو تطويره أو إضافة نصوص آخرى جديدة إليه، بحيث يتم تكييفه مع كل ما يطرأ فى العلاقات الأممية والإنسانية من جديد ، حيث إنه فى نهاية المطاف ليس نصا مقدسا ـ فى الدول ذات الأنظمة المستبدة لإنقاذ شعوبها ، والتى هى ، وكما أسلفنا جزءا لايتجزأ من مجمل الحضارة الإنسانية ، من طغيان وفساد وإستخفاف وإستبداد من فرضوا أنفسهم بطرق غير شرعية وغير ديمقراطية لرئاسة دول بعينها ومن ثم قيادة شعوبها غصبا عنهم ، وعلى رأس تلك الدول مصر بطبيعة الحال .
ولا يجب النظر هنا لهذه الدولة او تلك ، والتى ينبغى التدخل فيها ، من منظار المصلحة الخاصة للدول العظمى لأن الحضارة ـ وكما أسلفنا ـ جزء لا يتجزء ، أى أن أى خطر او إنتهاكات لها فى أى مكان من العالم سوف يؤثر بالفعل وبالتركمات المضطردة ، وعلى المدى البعيد على الحضارة ذاتها وسوف يهدد وجودها ، عندما تضرب مصداقيتها فى مقتل، حيت قد لا تجد من يتحمس لها او الدفاع عنها او المساهمة فى أستمرارية بناءها والحفاظ عليها وعلى مكتسباتها حتى من أخلص مخلصيها الأمر الذى يعجل من إنهيارها أو ما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات مآساوية يصعب ، بل يستحيل التنبأ بها على نحو دقيق .
والتدخل فى الدول ذات الأنظمة المستبدة يجب أن يمر بعدة مراحل حيث يجب أولا تحذير الأنظمة المستبدة ، وعلى نحو جدى بضرورة إتباعها لمعايير دولية لتطبيق حقوق الإنسان ، وإلا فإنه سوف يلاحق قادتها دوليا كمجرمى حرب . وإذا لم ترتضع يتم سحب الإعتراف الدولى بتلك الأنظمة، وفى ذات الوقت تمنع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة من إستقبال رؤساء تلك الدول ، كما يتم القبض عليهم فى أى مكان يصلوا إليه حارج دولهم بإعتبارهم مجرمى حرب .
ولكن يجب إتباع عدة خطوات تمهيدية آخرى قبل التفكير فى التدخل العسكرى فى تلك الدول ، فمثلا يجب ، وإننى أدعو إلى ذلك ، تجميد أية أرصدة مالية فى أية بنوك أجنبية خارجية تخص أى حاكم فاسد ولص وسارق لثروات شعبه ، هو ، أو أية فرد من أفراد عائلته ، وأن يكون الحساب المجمد باسم الدولة التى سرقت بواسطة رئيسها أو أبناءه . كما يجب منع أى زعيم دولة نامية ، هو أو أبناءه أو أى فرد من عائلته أو حاشيته ، من العلاج خارج دولته ، ويجب أن يعالج بالنظام الذى وضعه لبلده وأرتضى أن يعالج به أبناء بلده ، فإن كان خيرا فله ، وإن كان شرا فيجب هو أيضا أن يتجرعه . فالزعماء أو الرؤساء المحترمون يقبلون ويقبلون على العلاج ببلدهم حتى ولو كان متخلفا فى الطب أو فى غيره ، وذلك لتحقيق أكثر من هدف ، أولها إعطاء الثقة فى كوادر بلده ومن ثم إحترامهم فى الداخل والخارج ، وعمل دعاية لبلده من شأنها أن تشجع السياحة العلاجية بها خاصة إذا كانت تعتمد على السياحة كأهم مصدر من مصادر الدخل القومى لها ، ثم إعطاء القدوه لأهل بلده وتوفير نفقات العلاج بالخارج أو على نفقة الدولة ، والتى صارت الآن بالملايين ، بحيث يتم تحسين الخدمات الطبية بالوفورات الناتجة عن الإحتفاظ بتلك النفقات .
ومما هو جدير بالملاحظة أن حتى العلماء الكبار ، والذين أثروا الإنسانية بإكتشافاتهم وإختراعاتهم وأدويتهم وأمصالهم التى أنقذت الملايين منا الآن ، كانوا يجربون أدويتهم على أنفسهم أولا للتأكد من نجاعتها ، و قبل أن يقدموها لأى مريض للعلاج ، وكانوا يتحملون هم فقط أية نتائج سلبية يمكن أن تنجم عن ذلك ، وكانو يرفضون حتى أن يجربوها على الحيوانات ، أما حكامنا الجهلاء الأغبياء المتخلفون ، فعندما يصاب أى متخلف منهم حتى ولوبصداع فنجده يذهب فورا إلى أفضل المستشفيات فى كل تخصص فى أى مكان من العالم وذلك للعلاج ليس عل نفقته ، ولكن على حساب أو نفقة فقراء شعبه والأيتام والمرضى والمشردين والذين لامأوى لهم من شعبه ، والذين قد يفوق العديد منهم أهمية ، وكذا أهميته بالنسبة لشعبه ومجتمعه ، ومن ثم حاجة المجتمع إليه ، أكثر من حاجة هذا المجتمع او ذاك إلى هذا الزعيم الغير شرعى من هذا البلد أو ذاك .
ولذلك فإننى أدعو كل دول العالم الغربى بعدم إستقبال أى زعيم عربى للعلاج لديها ، وأول هؤلاء مبارك رئيس مصر غير الشرعى ، وأن تعيده فورا على نفس الطائره التى ذهب بها إلى بلده مرة آخرى ، أو تقبض عليه لإحالته إلى محاكمة أو محكمة دولية بإعتباره مجرم حرب ، أو على الأقل أن تطلب منه تسديد ما عليه من ديون ، أو إعادة ما نهبه من ثروات بلاده ، لأن نظام مبارك يفعل ذلك أيضا فى مستشفياته الخاصة بمصر ، حيث يترك المرضى ينزفون حتى الموت ، أو يموتون على أبواب المستشفيات إذا لم يكن معهم مصاريف العلاج، أو أن مصاريف العلاج غير كافية ، أو إذا لم يدفعوا مقدما ثمن العلاج .

فلا أقل إذن من أن يعامل هؤلاء الرؤساء غير الشرعيين تماما بمثلما يعاملون شعوبهم .
                                                   مجدى الحداد
                                                    كاتب

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات