مواضيع اليوم

نحن والكتاب

ayoub rafik

2012-03-05 16:43:28

0

 

قراءة الكتب متعة وهواية غايتها الحكمة والتقوى والفائدة. يقول الفيلسوف "فرايهرفون مونشاهاوزن" إن "صداقة الكتب أفضل من صداقة الناس، فهي لا تتكلم إلا عندما نريد نحن، وتسكت عندما يكون هناك ما يشغلنا. إنها تعطي دائماً ولا تطلب أبداً".
إذا تأملتَ في هذه المقولة تستخلص أن الكتاب كان دائما وأبدا ذلك المِعطاء الذي لا يكل ولا يمل في منحنك العطايا الأدبية والهدايا العلمية والمنح الفكرية، إنه إذن، الصديق الوفي والحبيب المخلص، الصامت المتكلم، الجامد حركةً والحي حركية، فحركته لا تتم في الرفوف بل تتجلى أثرها في العقول، وإذا لم تعرضه للاستفزاز فلن ينطق ولن يرد عليك، وإذا سألته أجابك وإذا لم تسأله ظل صامتا طول الدهر، وإذا حملته بين يديك حملك هو بدوره ويحوم بك بين عوالم الفكر والعلم والسياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من العلوم.
هو إذن المعلم الذي يعلمك بلا عصا ويدرسك بلا غضب، ويربيك بلا مقابل وإن دنوت منه لا تجده نائم وإن قصدته لا يختبئ منك إن أخطأت لا يوبخك وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك. وإذا اشتغلت به اشتغل هو بك وبعقلك، فكان خير من يتملك عقلك بعد أن تتملك أنت صفحاته وأوراقه، فهو الصديق في الوحشة والأنيس في الوحدة، والمعنى هنا ليس بكمية ما تملك من الكتب ولا بكم قرأت منها بل العبرة بما أخذته من علم نافع منها وعصارة ما فيها، وقديما قال أحدهم إن من يملك كتباً كثيرة، ولم يقرأ منها شيئاً، شأنه شأن البخيل والكنز الذي جمعـه، فالكتاب الواحد قد يعطيك من العطايا ما لا تعطيك عشرات الكتب التي تكتنز دون أن تتصفح واحدة منها.

القراءة والقيادة
سئل فولتير يوما عمن سيقودون الجنس البشري مستقبلا فأجاب قائلا: "الذين يعرفون كيف يقرؤون". هذه المقولة كافية لمن تمعن فيها ليعرف كيف أن بالقراءة والكتاب تصنع الحضارات وتقود العالم، فالذين يقرؤون هم الأحرار فقط في هذه الحياة، أما غيرهم فهم عبيد لشهواتهم البطنية ونزواتهم الجسدية وسهراتهم الباذخة، فأي قيادة يمكن أن تمنح لهؤلاء، ونحن ننتمي لعالم نزل عليه أعظم كتاب عرفته البشرية، ونزل أول ما نزل فيه كلمة "إقرأ"، التي تداعى لها قصر كسرى وانطفأت لها أنوار الظلام واشتعلت معها أضواء النورانية الربانية بهدي خير البشرية، وبعدها بثلاثين سنة أو تقل قادت العالم نحو الريادة والسيادة والتقدم والتطور الحضاري النقي التقي، فقط بـ"انقلاب" فكري وعقدي أحدثته كلمة "إقرأ" في عالم الضلالة الدينية والجهالة الدنيوية.
واليوم ما زالت هذه الكلمة الإلهية تحدث ما تحدث من خلخلة لموازين القوة العالمية، فمن امتلك مفاتيحها كان أهلا للقيادة والريادة.

البشير ايت سليمان
Bachir700@gmail.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات