نحن والكائنات اللامرئية 000 حقائق مذهلة؟؟؟
بقلم : فوزي منصور
يعتقد المتدينون في جميع الأديان بوجود كائنات لامرئية تشاركنا الحياة على الأرض.وتنقسم تلك الكائنات الي ثلاثة أجناس هي:
أولا: الملائكة : وهي أحادية النوع لاتتزاوج أوتتناسل وتتكاثر. وهي أيضا تحيا دون حاجة الى طعام أوشراب. وتعتبر أجساما نورانية خلقت من النور الالهي واعتبرتها الديانات القديمة ذات طبيعة الهية ومكلفة من قبل الاله بوظائف ومهام يتم بها تنفيذ المشيئة الالهية مثل الحكمة
والطب والخصوبة وارسال الريح والسحب والبرق والرعد واسقاط المطر وغير ذلك .ولذانجد في تراثهم أحاديث عن آلهة الحكمة أو الجمال أوالخصوبة… .ومنهم من إعتبر النجوم والكواكب ملائكة واهتم برصد تحركاتها وكان ذلك سببا في ظهور علم الفلك وعلم التنجيم في قديم الزمن. والاعتقاد السائد حاليا في مختلف الآديان حول الملائكة هوأنهم لايتعاملون مع الانسان ، أو يتدخلون في حياته ، أو يشعرونه بوجودهم ، ولاينفعونه أو يضرونه ، وإن كان لهم مهام تتعلق به . فهم الذين يميتونه وينزعون روحه عن جسده ،وهم أيضاالذين يراقبون فعاله ويرصدون الحسن والسيئ منها ليتم حسابه على كل منهما فى عالم آخر. واحتفظ التراث الديني ببضعة أسماء آرامية للملائكة مثل جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ولعل أهمها هو جبرائيل باعتباره الملاك المكلف بنقل الرسالات الإلهية الى الأنبياء والرسل .
ثانيا: الجن : وهي ثنائيةالنوع : تتزاوج وتتناسل وتتكاثر ، وهي أيضا تأكل وتشرب ، ولهاطعامها وشرابها ، ولاتترك فضلات عن طعامها وشرابها حيث تتحول ربما الى طاقة أو غازات بسبب طبيعتها النارية حيث خلقت من النار. وبالتالي يمكن القول بأنها ذات أجسام حرارية غير مرئية. هذه الكائنات لاتتعامل مع البشر على نحو مباشر الا في ظروف خاصة وشاذة . والحالة الوحيدة المؤكدة والمشهودة هي التواصل من خلال الطقوس السحرية. وتوجد حالات يشتبه بأن لها علاقة بالجن مثل حالات الصرع ، وكما يقال بأن لكل انسان قرين أوقرينة من الجن يلازمه في حياته دون أن يشعربه . والشياطين نوع من الجن آل على نفسه أن يغوى البشر ويغريهم بالمفاسد ويدفعهم الى ارتكاب الآثام والشرور ولكن لاسلطان له عليهم في ذلك ، أي أنه لايستطيع اجبارهم على فعل الشر وانما يقتصر دوره على تزيينه لهم وتحفيزهم عليه. وبسبب ثبوت امكانية التواصل مع الجن امتلآت بذكرهم الأساطير والخرافات حتى جعلت من الممكن أن يتزاوج الانس مع الجن أويتبادلان العشق والغرام ، كماورد فيها امكانية أن تظهر الجن والشياطين في صور بشرية أوحيوانية أو صور لكائنات تجمع بين صفات الحيوانات والبشر. واعتبر أن أكثر الصور التي تتجسد فيها الشياطين بحيث يراها الانسان بعينه في صورة الأفعى. ومن الناس من يقول ، أن الجن ظهر له في صورة آدمية للحظات أو أنه لمسه أوتحسسه فعلاوهو في حالة اليقظة وأن ذلك قد تم فى الضوء أو في الظلام. ورغم صدق القائل بذلك، فانه لم يحدث بالتأكيد وانما الذي يمكن أن يكون قد حدث فعلا هو أن جنيا أو جنية استولي عليه للحظات نومه فيها وصور له مارأى علي نحو مايحدث له في الاحلام ثم أعاده الى اليقظة مرة أخرى التي كان عليها دون أن يتنبه الى حقيقة ماحدث. ومن غير المستبعد أيضا امكانية أن يستولي جني على انسان بعض الوقت فيحركه كماشاء أو ينطق بلسانه على نحو ما يحدث فعلا في التنويم المغناطيسي ويمكن أن تكون هذه الحالة أيضا خلف الألعاب السحرية التي تتم أمام جمهور المشاهدين. وفي التراث النبوي الاسلامي حديث عن ظهور جبريل للنبي وهو مع بعض أصحابه في صورة شخص معروف وسؤاله للنبي محمد عن الاسلام والايمان والاحسان .ويمكن تفسير ذلك بأن الملاك جبريل قد استولي علي هذا الشخص بالفعل، وحركه من مكانه، وتحدث بلسانه، ثم أعاده الى حيث أتى به، دون أن يدرى هذا الشخص شيئا مماحدث له.
ثالثا : أرواح الموتي : هي أيضا كائنات لامرئية لاتأكل ولاتشرب ولاتتناسل ، وهي في أغلب المعتقدات تعيش في عالم خاص بها ربما يوجد بين السماء والأرض أطلق عليه في الدين الاسلامي اسم : عالم البرزخ ، وهي فيه في حالة انتظار ليوم تحاسب فيه على أعمالها في الحياة الدنيا. وقد ادعى بعض الناس امكانية استدعاء أرواح الموتي من ذلك العالم والتحدث معهم ثم اطلاقهم ليعودوا اليه ثانية. ورغم أنه لم يثبت على أي نحو وجود أي علاقة بين أرواح الموتي وعالم الأحياء، الاأننا نجد معتقدات لدى شعوب أفريقية وآسيوية تعطي أهمية بالغة لأرواح الاباء والأجداد وتقيم طقوسا خاصة أو تقدم قرابين لها لجلب رضاها وبركتها وتفادي سخطها . ومازالت قبائل في أفريقيا الاستوائية ، الوسطي والغربية،تدين بالديانة الأرواحية( نسبة الى الأرواح) . واذا كانت أرواح الموتي تعد في المعتقدات الدينية كائنات حية لامرئية مثل الملائكة والجن، الاأنه لايوجد تحديد لطبيعتها وجنسها وهل هي من نور مثل الملائكة أو من نار مثل الجن والشياطين أم من شيء آخر وقد سئل النبي محمدا عنها فأجاب القرآن الكريم عنه بأن :"الروح من أمر ربي". ومع ذلك يمكن القول اجتهادا باحتمال أن تكون مزيجا من النار والنور .يعتمد هذا الاجتهاد على أن الإنسان خلق – كماجاء في الكتب المقدسة للديانات التوحيدية – من طين مسنون ، أي محمي عليه بالنارمثل الفخار والخزف وأن الله نفخ فيه من روحه فد بت فيه الحياة .اذن هناك مادة الطين بعناصرها الفلزية(المعدنية) وهناك النار وهناك أيضا النور الالهي في كينونة الانسان الحي. وعندما يموت الانسان فانه يترك جسدا باردا فارقته الحرارة(النار) والحياة (النور) فتكون بذلك روح الانسان أونفسه مكونة من العنصرين المفارقين له بعد الموت وهما النور والنار.
البعث والنشأة الثانية :
كان المصريون القدماء يؤمنون بعودة الروح الي الجسد يوم البعث توطئة لمحاسبتها في العالم الآخر . وكان تحنيطهم لأجساد موتاهم عملية الغرض منها تسهيل هذه العودة دون كثير من المشقة أو الالم للروح ناتجة عن جمع مكونات رفاته المشتتة في التراب. وكانوا يخزنون طعاما في المقابر لكي يجد الميت بعد عودة الحياة اليه مايأكله ويقويه على مواجهة حسابه باعتبار أن ذلك أفضل له من أن تتم محاسبته وهو منهك من الجوع والعطش.
ولايوجد خلاف في المعتقدات الدينية التي تقر بالبعث علي أن الإنسان سيحاسب بعد بعثه عن افعاله في الحياة الدنيا . الا أنه يوجد خلاف بين هذه المعتقدات وأحيانا بداخلها حول أمرين اثنين :
أولهما: هل البعث يتم بالروح والجسد أم بالروح فقط ؟.
ثانيهما: هل النعيم والجحيم حياة مادية أم حلمية تصورية ؟.
وكثيرا مايعزي غير المؤمنين عدم قبولهم للمعتقدات الدينية أو اعترافهم بها الي أن ماورد فيها عن البعث والنشور والحساب أمور لايستسيغها العقل.
بالنسبة للسؤالين سالفي الذكر سنجد أن الذين يتمسكون بظاهر النصوص ، وهم الغالبية، ينحازون الى الاحتمال الأول في كل من السؤالين ، أما الذين لايجدون حرجا في تأويل النص الديني بما تحتمله اللغة من معان للفظ فانهم لايرفضون الاحتمال الأول ولكنهم يضعون الاحتمال الثاني أيضا في الاعتبار، وعلي قدم المساواة مع الأول ، وعلى أساس أن
الاحتمال الثاني يعد الاقرب الي تقبل العقل البشري له ، وأن الله وحده هوالأعلم بالأصوب منهما.
عقلنة اللامعقول:
ولكن هل يمكن تحويل مايعتبرونه لامعقولا الي معقول ، أو بصيغة أخرى : عقلنة اللامعقول؟.
من الحقائق العلمية الحديثة(والقول بأنها علمية يعني ضمنا أنها مقبولة عقليا) أنه مثلما كان بالامكان تحويل المادة الى طاقة دائما، فإنه بالامكان أيضا تحويل الطاقة الي مادة في ظروف وتحت شروط خاصة . وفي هذه الحالة فإنه بقدرة الله سبحانه وتعالي يمكن جمع رفات الانسان المادية وتحويلها الي طاقة واعادة دمج روحه وجسده في كيان جديد هي النشأة الثانية له المختلفة عن الاولي في طبيعتها الجديدة التي تشبه الى حد ما طبيعة الملائكة والجن . وطالما سبق الإقرار بوجود الملائكة والجن وأرواح الموتي ككائنات حية أوموجودة لامادية ولامرأية لنا فما الذي يمنع من اعادة خلق البشر في صورة تعد هي الاخرى من غير المرئيات. هنا يكون القول بالبعث جسدا وروحا قولا صحيحا ولكنه جسد جديد لاتراه العين البشرية الحالية لوقدر لها أن تنظر اليه، ولو أنهافرضية مستحيلة، ولكن المبعوثون سيروا بعضهم البعض، كمايرون أيضا الملائكة والجن وكل ماكان لهم في حياتهم الدنيا غير مرئي بعيونهم المادية أوالفسيولوجيةالسابقة.
هذا بالنسبة للسؤال الأول، أما بالنسبة للسؤال الثاني فإنه ممايقبله العقل تماما قياس الحياة في النعيم والجحيم بمايحدث في الحياة الدنيا ، والذي ربما كانت حكمة حدوثه في الحياة الدنيا هو تقريب ماتعد به الأديان الي عقول الناس ، وأعني بذلك ظاهرة الأحلام التي حار فى أمرها الانسان من قديم الزمن ولايدري حتى الآن كيف تحدث ولم تحدث ويتخبط في تفسيرها بتكهنات تفتقر الي المصداقيةولاتسلم من النقد والنقض مهما حاول أصحابها الباسها ثوبا علميا. في الحلم يمكن أن يرى الانسان نفسه في جنة تجري من تحتها الانهار، وفيها أشجار تتدلي منها الثمار ، وأنه يأكل فيها كل ماتشتهيه نفسه . ويمكن أيضا أن يجد نفسه يضاجع امرأة يعرفها أولم يسبق له رؤيتها ، يمتعها ويتمتع بها ولكأنها حليلته أو معشوقته ،ويبلغ معها ذروة النشوة ، بينما لاوجود لها في الواقع ، وهومع ذلك لايدري عمااذا كان مايحدث له أومعه حقيقة أم منام. بالمقابل يمكن أن يرى النائم مناما مزعجا يصحو منه وهو يرتعد فرقا ورعبا وقد جف حلقه وخارت قواه ولايكاد يصدق في الوهلة الأولي أنه كان تحت وطأة كابوس مزعج. ويمكن قياسا علي ذلك أن يرى نفسه فى الجحيم كماوصفته الأديان وأنه يتعذب فعلاعذابا لايفترق عن العذاب الحقيقي في شيء.
اذن يمكن لمن استحق عند الله حياة النعيم أن يعيش هذا النعيم في هذه الصورة الحلمية الأبدية ودون أن يعد هذا الاحتمال المقبول عقليا فيه أي انتقاص من شأن جنة النعيم التي وعدت بها الأديان الصالحين من بني الانسان. ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لمن يصالون الجحيم
هنا لايمكن التذرع بعدم عقلانية ماجاء في المعتقدات الدينية حول البعث والحساب للامتناع عن الايمان والتصديق بها.
ولكن ..ماأهمية هذا كله ؟
هل هي محاولة لتديين غير المتدينين.؟ .لاأنفي هذا الاحتمال ، ولكن ليس هذا هو كل مافي الأمر.. إن هذا النعيم المقيم الموعود به الانسان الطيب أوالخير بعد الموت ، يمكن للآنسان الخير أن يعيشه في الدنيا والآخرة معا . بل أزعم هنا بأن له كل الحق في ذلك . بل أن تمكين كل انسان علي وجه الأرض من التمتع بهذا النعيم فيها هو المعيار الوحيد لمقياس مدى خيرية سكان الأرض. أما حرمان معظم الناس منه أو محاولة احتكار أقلية له بدعوى ندرة الموارد أوأية دعاوي أخري فانه يعد دليلا علي انتشار الشر في العالم.
إن خيرية الانسان تتطلب منه أن يعيش وأن يترك غيره يعيش مثله . ولكن الذي يحدث في العالم حاليا غير ذلك. في كل مكان نجد الفقر والتشرد والظلم وانتهاك الحرمات والقتل والتدمير والفساد . إن الانسان ، وبهذه الصفة وحدها بصرف النظر عن جنسه ولونه ودينه، يحق له أن يعيش على هذه الأرض حياة كريمة آمنة ،لايخالطها ظلم أو قهر أوقمع أو ارهاب أو طغيان أوحرمان ، ميسر فيها له التمتع بما أحله الله له من طيبات . هذه هي حقوق الانسان التي يجب عليه احترامها وحمايتها والمحافظة عليها والنضال من أجلها ضد كل من يحاول اغتصابها أو انتهاكها
التعليقات (0)