هدنة لا اعتراف
..................... "
كما أن الكرة الأرضية التي نحيا عليها تموج بمئات الملايين من البشر الذين تتنوع عقائدهم بين مسلم .. ومسيحي.. ويهودي.. وبوذي.. وسيخي .. وعابد بقر.. وعابد حجر .. وعابد شمس .. وعابد نار.. وعابد ذاته ..
ونحن إذ كنا من النوع العابد لإله واحد خالق قاهر فوق عباده .. فإن هناك غيرنا من يتقلب في هواه .. وفي عقيدته .. وليس علينا في هؤلاء جميعاً من سبيل إلا الدعوة إلى الله بالحسنى .. ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) ..
كما لا يجوز لنا أن نحمل أحداً على غير هواه واعتقاده أ و ليدخل في ديننا :
(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)) ....
لذا فليس لنا من يدٍ على من يخالفنا العقيدة .. أو من يتناول عقيدتنا - أو أي عقيدةأخرى- وصولاً إلى وجه اليقين عنده ليتثبت منها.. أو يدعها ... فنحن لا نخشى على ديننا وعقيدتنا منه حتى وإن أوغل فيها .. لسببٍ.. أن الله غالب على أمره .. ولسببٍ.. أن الله تعالى لم يدع أمر حفظ دينه متوقفاً على دفاع أحد من عباده .. بل أوكلها إلى نفسه تعالى :(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32))
فالله متم نوره ومتم دينه ولو كره الكافرون .. ولو كره المشركون .. ولو كره كل من في الأرض جميعاً ..فالله هو الغني عن العالمين .. والناس جميعاً فقراء إلى الله
((وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) لذا فنحن كمسلمين نتعامل مع غيرنا من كافة العقائد .. والأهواء.. والملل.. والنحل ونقيم علاقات سياسية أو اجتماعية أو رياضية أو غيرها تحت مبدأ وشعار " لكم دينكم ولي دين ِ" طالما لم يعتدوا علينا .. أو يقاتلوننا في ديننا .. أو يقهرونا .. فأمثال هؤلاء لم ينهانا الله عن التعامل معهم :
(( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8))) ....
أما الذين يقاتلوننا في ديننا .. ويسرقون أراضينا وبلادنا .. ويخرجون أهلنا من بيوتهم .. ويسرقون الأحلام من عيون أطفالنا.. ويستبدلونها بالموت الوبيل ..
فهؤلاء نفذ فينا قول الله بشأن التعامل معهم :
((إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9))) ...
وأبناء الصهاينة مذ خرجوا علينا في جنح ظلام الإنسانية البهيم .. واقتحموا علينا ديارنا .. وسرقوا أرضنا في فلسطين .. وهجروا غالبية أهلها تحت وطأة التقتيل .. والتعذيب.. والسحل .. والسجن.. والتفجير .. والإرهاب بأيدي عصاباتهم الإرهابية أمثال الهاجاناه وشتيرن .. وقد جعل ابناءُ الشتات من شتاتهم مصيراً للملايين من أهلنا الأبرياء الذين حرموا من تراب بلادهم .. ومن شمسها .. ومن زيتونها .. ومن أن يدفنوا فيها حتى !!..
لا يا سيدي الكريم ..
إن الذي بيننا وبين هؤلاء ليس خلافاً عقائديا .. فنحن نؤمن بالتوراة وباليهودية بأتقى وبأنقى مما يعرفه عنها أبناء الصهاينة .. ونحن أولى بموسى منهم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام .. بينما هم لا يؤمنون بنا ولا بنبينا ولا بقرآننا ..
وما كان هذا أيضاً يمثل غضاضة عندنا .. ولكن الذي بيننا وبينهم .. أرض .. وبلد.. ومقدسات .. ودماء سفكت .. ودموع سفحت ..وقهر.. واحتلال .. وظلم .. وضيم .. ونذالة .. وغدر.. وخيانة .. وخلف بالعهد.. ونقض للوعد.. واحتيال .. وقل غير ذلك ما تشاء ..
أين فلسطين اليوم يا سيدي ؟
(إنها فريسة في قبضة أبناء الصهاينة) ..
أين أبناء المسلمين والعرب الفلسطينيين الآن يا سيدي ؟
( انهم ممزقون بين شتات مرير .. وغربة حسيرة.. وأنفس كسيرة.. وممزقون تحت أنقاض منازل هدمت عليهم ..وأذلاء عند حواجز شيدت على أنفاسهم .. ومقموعون في سجون تشتكي من هولها الشياطين )..
أين المسجد الذي بارك الله حوله .. مسرى النبي .. وثالث ثلاثة لا تشد الرحال إلا لها؟
( إنه مدنس تحت وطأة الأقدام الغليظة التي تمنع المسلمين الصلاة فيه .. وتضرم فيه الحرائق بين حين وآخر .. وتحفر تحت أساساته الأنفاق تعجيلاً بهدمه وازالته من الوجود وإقامة هيكلهم على انقاضه) ..
إنهم أعداؤنا يا سيدي .. بل هم ألد أعدائنا ..
حتى يعود الحق إلى أصحابه .. وحتى يعود اللاجئون أبناء الشتات إلى بلادهم .. وحتى يتحرر المسجد الأقصى من أسره ...
نخطئ يا سيدي إذا نطقنا عبارتك تلك عن الكيان الصهيوني : ((نختلف معه في أحقية امتلاك أو احتلال ارض)).. من قال أننا نختلف معه في الأحقية ؟ ..
القول بذلك يعني أننا والمجرمون الصهينة على طرفي الميزان ..
لا يا سيدي .. لا تساوي بين الضحية واللص .. لاتساوي بين المقتول والقاتل ..
أنا مصري .. وإن المعاهدة التي عقدت معهم منذ أربعين عاماً ما خففت مقدار خردلة من كراهيتنا لهم .. وما حولت دماء عشرات الألوف من شهدائنا الأبرار إلى ماء.. وما جعلت المدن التي هدمت في سيناء والإسماعيلية والسويس ..وما جعلت عظام الأسرى التي سحقت تحت جنازير الدبابات .. والتي دفنت بعد إجبار جنودنا الأسرى على حفر قبورهم بأيديهم.. وما جعلت تحريضهم بلاد المنبع للتحكم في مياه النيل لقتل شعب مصر عطشا..
أقول ما جعلت تلك المعاهدة من شعب مصر فاقداً للذاكرة ..
ذاكرتنا حية جداً يا سيدي العزيز ..
وبلاد فلسطين ليست ملك أهلها لنقصر عليهم الحديث باسمها والدفاع عنها .. بلاد فلسطين بلاد مقدسة لدى كل مسلم .. ولدى كل عربي ..ولدى كل مصري ..
أبناء الصهاينة ومن مرر لهم جرمهم من الأنظمة لن يقدروا على غسل عقولنا ولو أغرقونا بماء المحيطات كذباً .. وزيفاً .. وتجميلاً .. ومراوغة .. وتصنعاً .. ومداهنة ..
حتى الذين تقول عنهم "كمدونة لهم تحكمل اسم مدونة "إسرائيل" " فهم ليسوا فرداً مثلنا يتحدث على سجيته .. بل مؤسسة ممنهجة على غزو العقل العربي.. وتهجينه .. وتدويره على هوى وهدف وغرض أبناء الصهاينة ... لننسى قضيتنا..ولننسى مقدساتنا.. ولننسى مشردينا ..ولننسى ثأر أسرانا .. ولننسى ثأر شهدائنا ...
نسيت أن أذكر لك أننا وأثناء مراسم دفن (الضابط) الشاب اليوم عزفت الموسيقى العسكرية على قبره سلام الشهيد.. ثم دوت طلقات تحية الشهيد في السماء .. فسرت في أجساد المشيعين جميعاً " ارتعاشة " الهيبة ..وانسالت ذكرياتنا أيام دفن شهدائنا الأبرار أيام الحرب .. عشت مثل تلك الحظات وأنا طفل صغير .. وانطبعت في ذاكرتي .. واليوم عادت الذكريات تطفو في ذات اللحظة التي كان يحوم في ذهني الرد على سؤالكم زميلنا العزيز الرويلي ...
لذا .. فإن ذاكرتنا لا تزال حية .. وهم في ذلك لن يفلحوا في اختراقنا .. حتى ولو أذاعوا أو أشاعوا أن الكثيرين منا يردون حوضهم .. فما ينال ذلك من حصار الكراهية الذي يخنقهم .. وحصار الخوف الذي يراودهم ..
ولم نخفي أبداً مواجهتنا معهم .. وخطنا معهم واضح يعرفونه أشد المعرفة يجدونه محفوراً في مقالاتنا .. ومنها مقالنا (( شعب الله .." المحتار" )) ومقالنا ((في بيتنا .. جرذان )) ومقالنا ((بنو إسرائيل تركوا الله وعبدوا البعليم والعشتاروت من دونه !)) ومقالنا (( من قاموس الأخلاق الإسرائيلي )) و مقالنا (( الفهــــلوة على الطريقة الاسرائيلية ! )) ومقالنا ((آخر أخبار ابتزاز ( شيلوك ) تاجر "الفلسطينية " !!)) و مقالنا (( رسالة إلى الإسرائيليين .. سامحونا !)) و مقالنا ((بل حلال على إسرائيل .. حرام على العرب !!)) و مقالنا ((الله أكبر .. ها قد عدنا يا إسرائيل .. )) ومقالنا (( ألم يأتكم نبأ الجنود؟ واعترافات اليهود ؟ عار عليكم !)) ومقالنا ((ليسوا بني إسرائيل - بل - ( صليبيون جدد ) ..وبالأدلة ..)) و مقالنا ((من روائع أدب" المذابح " العالمي.. رائعة ( مذبحة مدرسة بحر البقر الابتدائية ) )) ومقالنا (( من روائع أدب" المذابح " العالمي .. رائعة ( صابرا وشاتيلا) )) و مقالنا (( فلسطين ليست وطناً "تاريخياً" لليهود ..بل هم دخلاء . عابرون)).. ومقالنا (( إنه العاشر من رمضان ... يا إسرائيل))
"اضغط على أي مقال منها لتقرأه كاملاً"
تلك أمثلة لمقالات لنا لها مزيد ومزيد ومزيد إن شاء الله ...
ليس عندنا أي خشية ممن يخالفنا العقيدة ... فالدين لله ..
أما الأرض : فهي أرضنا .. وأما فلسطين : فهي بلادنا..
وأما الشهداء والأسرى : فهم مهجة أرواحنا وأبناء أكبادنا .. ولهم علينا حق لا بد وأن نؤديه ..
أبناء الصهاينة أعداؤنا مهما اتسعت أشداقهم مع الأنظمة بابتسامات صفراء عجفاء .. ومهما كانت نعومة الدبلوماسية بينهم البعض.. فإن الفاصل بيننا وبينهم (حقوقنا) السليبة المنهوبة .. إذا ردت إلينا .. فكفى الله المؤمنين شر القتال ..
وإذا ظلت حقوقنا منتهكة ومسفوكة ومسلوبة ..
فإنه صراع الوجود لا صراع الحدود هو الفاصل بيننا وبينهم ...
لذا لا سلام . . ولا كلام.. ولا معاملة .. ولا تطبيع.. ولا علاقات..
حتى نرى شقيقة الرضيعة( إيمان حجو) التي أطلق الصهاينة رصاصهم على قلبها وهي رضيعة ابنة (ثلاث شهور) .. حتى نرى شقيقتها تقيم عرسها تحت شجرة الزيتون في فلسطين ..
وحتى نرى شقيق أو ابن شقيق (محمد الدرة ) الطفل الذي غربلته رصاصات الإجرام ..حتى نراهم جنوداً حماة لحدود فلسطين ..
وحتى نرى أبناء بيت لحم يستقبلون مئات الآلاف من الحجيج المسيحيين من أنحاء العالم ..
وحتى نرى أبناء القدس يفتحون أبواب المسجد لمئات الآلاف من جند الله وأبناء الله وأبناء محمد بعد أن جاسوا خلال الديار .. وساءوا وجوه المجرمين الظالمين الغاصبين ..وليدخلوا المسجد كما دخله آباؤهم وأجدادهم أول مرة .. وليتبروا ماعلوا تتبيرا ..
إنه وعد الله .. ولن يخلف الله وعده ....
والله غالب على أمره ..
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
....................................
أما بعد فذاك الذي نرشناه عاليه من مقالنا " فصل الخطاب .. مرة أخرى" والمنشور في 2010/12/17 رداً على زميلنا سعود عايد الرويلي في تحديد علاقتنا ورأينا ونظرتنا نحو الكيان الصهيوني الإجرامي المغتصب لدولة فلسطين العربية وتشريد شعبنا الفلسطيني وتهجيره قسراً وقتل أبنائه وتعذيبهم على مدار ما يقرب من السبعين عاماً ...
نعيد نشره الآن كرد مناسب وثابت لا يتزحزح ولا يتغير على مقالة الزميل "أحمد قيقي" تحت عنوان " أنا لا أكره إسرائيل " والتي يتصور فيها بوقوفه على الحد الفاصل بين "سياسة حكومة ودولة" في علاقتها في الكيان المغتصب ..وبين عقيدة شعب يرفض هذه العلاقة بكافة مشاعره وعواطفة رغم التزامه بما أفرزته من اتفاقية لن تزيد في أي حال عن كونها (هدنة) نعم (هدنة) بين أمة ما زالت أرضها محتلة ومغتصبة وشعبها مستعمر ومهجر وبين كيان غاصب إجرامي مصنف قانوناً ودولياً وواقعاً بأنه دولة إحتلال واستطيان ...
من الطبيعي أن تنشأ علاقات دولية مشتركة حتى بين أشد الدول عداء .. فالمصالح تشابك وتتقاطع .. ولكن الشعوب بثقافاتها وآدابها ونظمها وأعرافها وعقائدها , فإن هذه الشعوب يمكن جداً أن يكون لها رأي آخر بعيداً بل ومضاداً لتلك العلاقات الدولية التي "تفرضها" سياسات وصراعات وتوازنات قوى تغلب مصالحها على كل شيء حتى على قواعد الحق والعدل والمساواة ..
نحن نكره إسرائيل .. نحن نمقت إسرائيل .. حكومة وشعباً ... طالماً الحق الفلسطيني ظل مهداً .. وطالما الشعب الفلسطيني بقي محتلاً ومستعمراً .. وطالما الأرض الفلسطينية تحت الإحتلال ..
والذي بيننا وبين إسرائيل .. هو في حقيقته (هدنة) طالت أم قصرت حتى يتم الفصل نها ئياً في الحق الفلسطيني .. إما باسترداده .. وإما بفناء مصر وشعبها ...
التعليقات (0)