قال جابر رضي الله عنه: "لا تجعلوا من أنفسكم أصناماً يعبدها الناس"، عبارة وقفتُ أمامها طويلاً، هل يمكن أن يُوحّد الإنسان ربه ويشهد لنبيه بالرسالة، ثم يُكشف له عن وجه من الحقيقة فيجد نفسه كان يعبد صنماً، صنعه بيديه وبأفكاره وبمعتقداته!
ومن هنا تعلّم الصالحون درساً غالياً أننا قد نصنع من أولادنا صنماً نعبده وننشغل به عن رب العزة، .
المرأة قد نصنع منها صنماً نعبده إذا بلغ العشق مداه، وبات القلب هائماً في دوائرها الجمال، فقد يحب الإنسان نفسه ويصنع من أهوائه ورغباته وغروره صنماً يعبده، بل ويطالب الناس بعبادته دون أن يدري بأن يوقروه ويعطوه المكانة التي يرى أنه يستحقها بحكم علمه أو منصبه أو ماله أو جاهه.. فإن لم يفعلوا غضب.. وكأنه يريد أن يكون وثناً وهو لا يشعر.
نترك هذه الأمور الخاصة جداً لنتحرّك في إطار العلاقات العلاقة بين كل حاكم وكل محكوم..
إن فرعون مصر قال يوماً :"أنا ربكم الأعلى".. من شدة ما تعامل معه الناس بأنه الذي يملك لهم كل شيء حتى الحياة والموت.. فكان من المُغرَقين.
وقد توارث الكثير من المسلمين فكرة التعامل مع الرؤساء والحكام باعتبارهم يملكون أرزاقهم.. ومفاتيح سعادتهم في أعمالهم، سواء أكانوا على حق أو على باطل.
ادخل المصالح الحكومية، وانظر كيف يتذلل البعض للمديرين من أجل مكافأة يعطونها أو ترقية يريدون الحصول عليها لترى كيف نصنع الأوثان..
ادخل في الشركات والمؤسسات لترى محاولات التقرّب من المسئولين بكل الأشكال ولو كان هذا القرب ثمنه الوشاية بالزملاء واختلاق الحكايات طمعاً في أن يكون الرسول الأمين والخادم المطيع الذي ينقل لحاكمه أحوال الرعية.. وما هو إلا عابد لوثن صنعه وهو لا يشعر.
لقد تفنن الكثير منا في صناعه الاوثان وتقديسها
انظر الي العاملين في مجال الصحافه والاعلام وخاصه الحكوميه تجدهم ليل نهار يسبحون بحمد الرئيس وانجازاته فرؤيته هي الصائبه واقواله حكم بل هي وحي منزل من عند الله
الرئيس في بلادنا دائما لا يخطئ فهو المنزهه عن الخطأ واليعاذ باللهّ
سواء كان رئيس او وزير او مدير في مصنع او شركه او مصلحه فنحن نصنع التماثيل منهم ومع الوقت نعبدهم ويصبح كلامهم أوامر لا نجادلهم ولا نناقشهم فيها
فهم يعلمون مالا نعلم ويرون مالا نري وكأن الوحي يأتيهم من السماء
نحن من نصنع الاصنام والطواغيت ثم نبكي علي حالنا
إن الطغيان والتجبّر من كل حاكم وكل مسئول، والخضوع والإذلال الذي يعيشه كل فرد لا سبب له سوى العبودية التي اعتدناها، والاستعباد الذي لو لم نجده لبَحَثنا عنه بأيدينا..
لا سعادة لعبد اتخذ وثناً يعبده، ولا حرية، ولا أمل في حياة كريمة لذليل؛
التعليقات (0)