في الجزء السابق من هذا المقال قدمنا إشارات حول مصادر معتقدات جماعة الإخوان المسلمين ومنظومتها الفكرية ، وذكرنا في ذلك السياق أن تلك المصادر تتضمن مصادر إسلامية ومسيحية ويهودية ووثنية . في هذا الجزء من المقال نقدم مجموعة من الأفكار التي تبنتها جماعة الإخوان المسلمين من المسيحية وخصوصا ما كان منها مرتبطا بالمؤسسة الكنسية ، وهي الأفكار التي تم توظيفها عبر جماعة الإخوان المسلمين في الجانب التنظيمي للجماعة ومأسستها.
كان حسن البنا، مؤسس الجماعة ذو ثقافة واسعة ، تضمنت إطلاعه على المؤسسة الكنسية وكان معجبا بشكل خاص بمنزلة الكنيسة في العصور الوسطى ، وكان يحلم بإستنساخ تلك التجربة عبر جماعة الإخوان المسلمين . فكما قامت المسيحية في البداية على وجود السيد المسيح وتلاميذه الإثني عشر ، قامت جماعة الإخوان المسلمين على المرشد (المؤسس والبابا) وأعضاء مكتب الارشاد الذين لم يكن من الصدفة أن كان عددهم عند تأسيس الجماعة مطابقا لعدد الحواريين الإثني عشر.
ذلك التنظيم يبرره أحد أهم منظري جماعة الإخوان المسلمين ، سعيد حوى ،بشكل صريح ، وهو الذي عاش في الاردن وأثرت أفكاره على قيادات الجماعة فيه ، بعد فراره من سوريا بعد ممارسات الجماعة الإرهابية هناك مطلع الثمانينيات والتي حظيت بدعم كبير من قبل الكيان الصهيوني ردا على دعم سوريا للمقاومة في لبنان منذ دخول الجيش السوري إلى لبنان بناءا على طلب الرئيس سليمان فرنجية عام 1976 . في كتابه (جند الله تخطيطا، ص 45) نقرأ النص التالي :
" فكرة التدرج بمراتب العضوية وفكرة إنبثاق القائد الأعلى للكنيسة فكرتان جديرتان بالتأمل في أوضاعنا المعاصرة.
وإنا إن صدمنا الحس الإسلامي بمقارنتنا هذه ، فإننا نعتقد أن هذه الصورة شبيهة بالصورة التي إعتمدها عمر (يقصد عمر بن الخطاب) وهو على فراش إستشهاده!".
يعلم الإخوان إذا أن هذه الصورة ، أي إيجاد مؤسسة شبه كنسية ، يمثل فيها موقع المرشد موقعا موازيا لبابا الكنيسة ، تمثل صدمة للحس الإسلامي .
لا يكتفي سعيد حوى بذلك ، بل يقدم في الكتاب ذاته (صفحة 124)النص التالي : (على المرأة أن تلبس نفس اللباس الذي تلبسه الراهبة)! ، فمن يعتقد أن اللباس الذي يقترحه حوى للمرأة هو اللباس الإسلامي فهو واهم ، فمحاولات الجماعة للتمايز عن كل من الديانات السماوية الثلاث دفعها إلى الإنتقاء من جميع تلك الديانات بالإضافة إلى مجموعة من الإضافات الوثنية والمبتدعة .
في الجزء القادم والأخير من هذا المقال نقدم الإفكار التي تبنتها جماعة الإخوان المسلمين من اليهودية بالإضافة إلى مجموعة المؤثرات الوثنية والمبتدعة .
ولكن نعقب أخيرا ، ونضيف بأن حسن اللبنا كان في بداية حياته قد كتب رواية حول جارية ومغامراتها في العشق ، وقد قام بإتلاف أوراق ذلك النص كما يشير في كتابه مذكرات الدعوة والداعية، وكان قد حقق ديوان شعر (صريع الغواني ) للوليد بن مسلم الاموي ، مما يبين ميوله الشخصية الحقيقية،وقد أشرف بذاته على تمثيل مسرحية (مجنون بثينة) والتي أخرجها لجماعة الإخوان عام 1936 شقيقه عبد الرحمن ، ولنا أن نتخيل هنا ، لو أن هتلر بقي فنانا وحسن البنا بقي يلهث خلف روايات العشق والغرام ، رغم الفساد المتضمن في ذلك وهو في كل الأحوال أهون من إفساد الدين والسياسة، فكم سيكون عالمنا أفضل !
التعليقات (0)