برزت خلال الأيام والأسابيع الماضية العديد من الظواهر الجديدة في المجتمعات العربية والتي تعد نتيجة مباشرة للزمن الإخواني الجديد ،وتلك الظواهر لا تنتمي للإسلام الذي نعرفه ونؤمن به. وكنت قد كتبت في مقال سابق أغضب البعض بأن المجتمع الأردني يتضمن من حيث الإنتماء الديني ثلاثة فئات أساسية هي المسلمين والمسيحيين والإخوان المسلمين كفئة ثالثة .ويمكن أن نضيف إلى الفئة الثالثة جماعات التأسلم السياسي المتطرفة الاخرى التي خرجت من تحت عباءة جماعة الإخوان، مع الإشارة إلى أن التقسيم السابق ينطبق على العديد من المجتمعات العربية الاخرى ومنها مصر التي سأشير اليها في الفقرات والأجزاء التالية من هذا المقال.
التقسيم السابق يقوم على أدبيات ومعتقدات جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة التي خرجت من تحت عبائتها ، وهي خليط من الديانات السماوية الثلاث بالإضافة إلى مجموعة من المعتقدات التي لاتنتمي إلى أي ديانة سماوية (وسنقدم أدلة ذلك في الفقرات والأجزاء التالية من هذا المقال )، رغم أن تلك الجماعة وعبر مسماها عزلت نفسها عن المجتمع الإسلامي عبر محاولة الإدعاء بأنها وحدها من يمثل الإسلام (ولو قبلنا إدعاءات الجماعة يتحول تقسيم المجتمع إلى إخوان ومسيحيين وكفار) فإستخدام (ال) التعريف في مسماها يفيد الإستغراق والشمول لغويا، وكان من الممكن تجاوز ذلك الإدعاء المقصود عبر إسقاط (ال) التعريف أو إستخدام حرف الجر (من) والتي تفيد التبعيض لغةً بمعنى أن الإخوان ليسوا وحدهم المسلمين.
مؤسس جماعة الإخوان (والذي كان معلما للغة العربية) حاول إقناع أتباعه وتابعيهم ، بأنه معصوم ، بما يبرر طاعته دون مسائلة وفي المنشط والمكره كما يشير قسم البيعة والذي ما زال مستخدما لدى أعضاء الجماعة في علاقتهم بالمرشد العام وسواه من القيادات.
كما تضمنت كتابات حسن البنا العديد من الحكايات التي إختلقها المؤسس لإقناع أتباعه بمنزلته الفوق- بشرية وتتضمن تلك الحكايات روايته (لرؤيا صالحة وصادقة كما يصفها!) نورد نصها كما ورد في كتابه مذكرات الدعوة والداعية :
( ذهبت إلى مقبرة البلد فرأيت قبرا ضخما يهتز ويتحرك، ثم زاد اهتزازه واضطرابه حتى انشق فخرجت منه نار عالية امتدت إلى عنان السماء وتشكلت فصارت رجلاً هائل الطول والمنظر واجتمع الناس عليه من كل مكان فصاح فيهم بصوت واضح مسموع وقال لهم: أيها الناس: إن الله قد أباح لكم ما حرم عليكم، فافعلوا ما شئتم. فانبريت له من وسط هذا الجمع وصحت في وجهه” كذبت” والتفتُّ إلى الناس وقلت لهم: “ أيها الناس هذا إبليس اللعين وقد جاء يفتنكم عن دينكم ويوسوس لكم فلا تصغوا إلى قوله ولا تستمعوا إلى كلامه” فغضب وقال: “ لا بد من أن نتسابق أمام هؤلاء الناس فإن سبقتني ورجعت إليهم ولم أقبض عليك فأنت صادق”. فقبلت شرطه وعدوت أمامه بأقصى سرعتي. وأين خطوي الصغير من خطوه الجبار، وقبل أن يدركني ظهر الشيخ - رحمه الله - من طريق معترض وتلقاني في صدره واحتجزني بيساره ورفع يمناه مشيرا بها إلى هذا الشبح صائحا في وجهه: اخسأ يا لعين، فولى الأدبار واختفي، وانطلق الشيخ بعد ذلك، فعدت إلى الناس وقلت لهم: أرأيتم كيف أن هذا اللعين يضلكم عن أوامر الله.).
تتضمن الحكاية السابقة إشارة إلى عدم وجود شخص آخر يعارض الشيطان في الأرض من الناس سوى حسن البنا. وقد حاول البنا تعزيز ذلك الإدعاء عبر إختلاق مجموعة من المعجزات والكرامات التي حباه الله بها ومنها الإدعاء بأنه أثناء دراسته كان يرى أسئلة الإمتحانات في مناماته التي تتحقق بالإضافة إلى ما يرويه حول ما حدث معه أثناء الطريق إلى الإسماعيلية في إحدى رحلاته حيث كادت السيارة تسقط في الماء قرب القناطر وهو يدعو مرافقيه إلى شرب الشاي وهو يبتسم (يعلم الغيب ويوقن بالنجاة !) ، والأغرب من ذلك أن السيارة كانت تسير دون وقود ! فكما كتب يقول " وكان عجيباً كذلك أن نصل إلى الإسماعيلية حوالي الساعة السادسة صباحاً تقريباً فنرى أن السيارة نفد كل ما فيها من زيت ولا ندري بم كانت تسير " ويختتم تلك الحادثة بقوله ” إن ربي لطيف لما يشاء” (من كتاب حسن البنا ، مذكرات الدعوة والداعية).
قبل إستكمالنا لبيان المعتقدات (الإسلامية والمسيحية واليهودية والوثنية ) المؤسسة لخطاب وممارسات جماعة الإخوان المسلمين والجماعات التي خرجت من تحت عبائتها ، والتي ستتضمنها الأجزاء التالية من هذا المقال نعود إلى ما ذكرناه في بداية المقال من حالات نسأل الله أن لا تتحول إلى ظواهر بدأ يشهدها مجتمعنا المحلي والمجتمعات العربية الاخرى ومنها جريمة قتل قائمة على فتوى بالردة في إحدى محافظات الوسط بالإضافة إلى حالة قطع يد شخص إتهمته تلك الجماعات بالسرقة في أحد مخيمات المملكة بالإضافة إلى سابقة قضائية شرعية تتمثل بتسجيل أول قضية (ردة عن الإسلام) في الأردن لدى محكمة عمان الشرعية ضد الكاتب صالح خريسات بما يعني المطالبة بإعتباره كافرا وبما يتبع ذلك من التفريق بينه وبين زوجته وإلغاء حقه بالميراث وغير ذلك من أحكام يأتي على رأسها (إهدار دمه) ، بالإضافة إلى ما نشهده حاليا من مطالبات بإلغاء مهرجان جرش بدعوى حرمته.
وقد شهدت مصر خلال الأيام الماضية حالات مشابهة كان منها قتل طالب الهندسة أحمد حسين عيد في مدينة السويس لأنه كان يسير مع خطيبته في الشارع العام دون (محرم)!. وتشير الدلائل الأولية إلى تورط شباب من الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية القريبة منها والتي كان أول أعمال الرئيس الإخواني الجديد مطالبة الولايات المتحدة بإطلاق سراح زعيمها عمر عبد الرحمن والذي يقف خلف إغتيال فرج فودة في مرحلة ما-قبل حكم الإخوان. وتشهد الساحة المصرية حاليا إنتشار جماعات ما يسمى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تسعى إلى ترويع السكان وإلغاء حرياتهم ومحاسبتهم على السلوكيات التي ترى تلك الجماعات أنها تستحق المحاسبة وبإستخدام عقوبات لا تنتمي لأي من الشرائع السماوية كما كان الحال في حادثة السويس حيث لا تنص أي من الشرائع السماوية على قتل من يسير مع خطيبته دون محرم .
ومن أفظع ما شهدناه من قبل هؤلاء المبتدعين ما جاء على إحدى القنوات الفضائية على يد الداعية (إلى الشيطان والإنحلال الأخلاقي) عبد الرؤوف عون من زواج (ملك يمين) وفيه تقول الزوجة (المملوكة):
(ملكتك نفسي) بدلا من زوجتك نفسي.
ويرد الزوج (المالك) بالقول : (وأنا قبلتك وكاتبتك على سورة الإخلاص مؤتمنا لحريتك.). فتتلو الزوجة سورة الإخلاص فتتحول إلى زوجة مستعبدة له دون الحاجة إلى مأذون أو أوراق أو وثائق وحقوق من مهر ونفقة !
الأمثلة كثيرة وكنا قد تناولنا سابقا بعضا منها كمشروع (مضاجعة الوداع) والذي حاول المتأسلمون من خلاله منح الحق القانوني للزوج بمضاجعة زوجته في الساعات التي تلي وفاتها بما يخالف الديانات السماوية الثلاث .
في الجزء التالي من هذا المقال سنتناول المعتقدات اليهودية والمسيحية التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين وبعض الجماعات التي إنبثقت عنها بالإضافة الى المزيد من المعتقدات والممارسات الوثنية والمبتدعة والتي لا تنتمي إلى أي من الديانات السماوية الثلاث والتي تبرر تقسيمنا المشار إليه في بداية هذا المقال.
التعليقات (0)