مواضيع اليوم

نحن جيل الثورة وحماة الحرية

زين الدين الكعبي

2012-03-12 06:57:38

0

 

 

لازال الكثير منا يشتكي أوضاع بلاده بعد الثورات الميمونة اللتي قضت على الدكتاتوريات البغيضة اللتي كانت تحكمها، ومنهم من أعلن الحداد على بلده اللتي خربت بعد الثورة، وكأن البلدان الثائرة كانت واحات للرفاهية والحرية والديموقراطية قبلها ! .

قبل أن نعطي الحق لهؤلاء المتشائمين، أو ندينهم، علينا أن نتذكر حقيقة لا يختلف عليها أثنان، وهي أن الأنظمة القديمة كانت أنظمة أشخاص لا أنظمة مؤسسات، فالدولة هي الحاكم، والحاكم هو الدولة، وأن دولنا جميعها كانت (وبعضها لايزال) مزارع خاصة للرئيس الفلاني وعائلته، وللملك العلاني وآله، وأن مؤسسات الدولة ومقدراتها هي شركات خاصة لعشيرته، والشعب عمال وفلاحين في أملاكه هذه .

هذا الوضع قائم في دولنا منذ أن حول معاوية بن أبي سفيان الدولة الراشدة الى ملك أموي عضوض، فكان ولا يزال منهاجاً لكل من حكم بلادنا على مر التأريخ، ونتيجة لهذه القرون العديدة من الدكتاتوريات المختلفة الأشكال والأنواع، باتت مفردات الديموقراطية والمشاركة وأحترام الحقوق والقيام بالواجبات، غريبةً عن الأنسان العربي وغير العربي اللذي يقطن مابين المحيط والخليج، عصية على فهمه، حتى وأن أدعى الثقافة والعلم، بينما عشعشت في عقله الواعي واللاواعي مفردات كالعشيرة والمذهب والدين والشيخ وطويل العمر في تعامله اليومي مع أمور الناس في الدولة والمؤسسات الرسمية والمدنية .

يمكننا أن نرى نموذج هذا الأنسان الخرب في مابين المحيط والخليج اليوم، سواء في بلدان الربيع، أو بلدان شتاء الممالك والمشايخ القارص، فبالرغم من كل التحول الكبير في الظروف الأقليمية والدولية، وبالرغم من كل الثورة المعلوماتية اللتي أصبحت جزأ مهماً من ثوراتنا وتفكيرنا الجمعي، وبالرغم من كل ما كتب وقيل في كتبنا وصحفنا وتلفزيوناتنا وأذاعاتنا، ألا أننا لازلنا بعيدين جداً عن مفاهيم الحق والخير والجمال والديموقراطية والحرية، (والمصيبة أن هذه المفاهيم هي مفاهيم قرآنية أنجيلية قبل أن تكون مفاهيم عالمية بآلاف السنين)، حيث أن السياسة القمعية الممنهجة قد خربت النفوس منذ قرون .

نعم لازلنا نصوت تحت تأثير العشائرية والطائفية والعرقية والدين، ولازال البعض يصف الطواغيت بالقائد العظيم والحبيب والمفدى والضرورة. ولازال المتطرفون الدينيين والقوميين (من العرب وغيرهم) يرفعون أعلام الوطن ليضعوا أعلام تنظيماتهم وأحزابهم مكانها، ولازالت الحكومات المنتخبة حديثاً والأنتقالية تنتهك حقوق المواطن وتقمع حريته، ولازالت النفوس المهزومة تمارس جلد الذات علناً كل يوم، تدعونا لأن ننسلخ من جلدنا الى جلود غربية أو شرقية لاتليق بنا، ولازالت أوضاع الحريات مزرية جداً، ولازلنا نعاني من مصائب أجتماعية ومعيشية، ومن ممارسات قمعية كبيرة قامت وتقوم بها الحكومات الثورية، والمعارضة، والتنظيمات المسلحة على حد سواء. ألا أن كل ذلك طبيعي جداً، بل أن من غير الطبيعي أن يكون الوضع غير هذا الوضع .

لا يمكن لعاقل أن يتصور أن العراق كان سيتحول الى دولة مواطنة حقيقية، أو دولة حقوق أنسان مباشرةً بعد سقوط الطاغية الأخير في سلسلة الطواغيت اللتي حكمته منذ موقعة كربلاء والى الآن، وأن مصروتونس وليبيا واليمن ستصبح سويسرا أو اليابان بعد سنة أو سنتين من سقوط حسني والقذافي وصالح ، وأن ما يحدث في ربيعنا اليوم لابد وأن يحدث(( في جميع بلداننا العربية المتحولة أو اللتي في طريقها، الى الديموقراطية)). هذا هو قدر أجيالنا اللتي حكمت الظروف أن تكون هي من يدافع ويجاهد الظلم والطغيان والدكتاتورية نيابة عن باقي الأجيال، وأن نكون نحن وقود الثورات اللتي ستنير طريق الأجيال القادمة نحو الحياة الحرة، الكريمة، والأداة اللتي ستمكن رجال ونساء الغد من أستعادة أمتنا لدورها الحضاري بين الأمم، تماماً كما كنا في عهد رسول الله ودولة الراشدين من بعده.

وسيتذكرنا التأريخ بالفخر والشرف أذا ما استطعنا أن نحقق أهدافنا واهداف ابنائنا واحفادنا اللذين لاخيار امامنا ألا أن نهبهم الحياة، بعد أن ذقنا نحن الموت من جببارتنا وفراعيننا .

لقد بدأنا المسيرة الميمونة، وسنتحسس طريقنا الى النور في نهاية النفق بروية وصبر، وسنسير الى اليمين قليلاً وكثيراً، والى اليسار قليلاً وكثيراً، حتى نعرف أين هو وسط  الطريق. وسنسقط وننهض، ونسقط وننهض لنقاوم آلامنا وأعدائنا ومخاوفنا بل وحتى جبننا وما تأمرنا به أنفسنا من سوء، وقد نسقط بعد ذلك وننهض مرات ومرات، ألا ان التأريخ علمنا أن أبو القاسم الشابي، كان على حق حين قال قولته، وأن الحاضر يبرهن لنا أن الشعوب لابد وان تصنع قدرها في نهاية الأمر ما أمتلكت الأرادة والعزم . ونحن قد عزمنا وتوكلنا وبدأنا أولى خطواتنا في رحلة الألف ميل ولابد أن نصل أنشاء الله. فلا تهنوا ولاتضعفوا يا أبناء هذه الأرض الطاهرة، وتذكروا أن الله مع الصبرين .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات