كيف تبدلت المفاهيم ،كيف يتم غسل ادمغتنا ، بشكل دوري ، حتى بات الانسان العربي يعيش ازدواجية ليس لها مثيل ، بعد الحرب العربية الاسرائيلية عام 1948 وما تبعها عام 1967 ، وما اعقبها من حروب واشباه حروب .. كان المواطن العربي اذا قال بان اسرائيل دولة ديمقراطية ، او اعجب بمستوى نوعية الحياة لدى اليهودي .. وكيف يجلبونهم بعمليات الهجرة المنظمة ..لوصف بأنه خائن وعميل .. اما اذا ثبت انه اجرى اتصالا من اي نوع مع اي كائن في الداخل الفلسطيني .. فسرعان ما يستدعى الى الدوائر الامنية . ويجرى معه تحقيق .. وينظم له ملف .. وربما سيكون عليه ان يثبت انه شريف عفيف نظيف ..غير خائن او عميل ..وطبعا لن يصدق ولو جاء بكل اهل الارض شهود .
كل ذلك كان يجري في الوقت الذي كانت القيادات العربية تجري اتصالاتها مع كبار قادة العدو الصهيوني على اعلى المستويات .. ولكن في الخفاء ..
فجأة انقلب الوضع في العالم عموما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، والعالم العربي خصوصا بعد ما يسمى اتفاقيات السلام ..التي لم تتقدم الى الامام خطوة واحدة .. ولم تحقق الامن للمواطن العربي فضلا عن الفلسطيني .. حي ثجرت الاقتحامات والمداهمات والاغتيالات والكثير من المجازر تحت راية هذا السلام الهش الذي لم يثبت مصداقيته ثانية واحدة الا فيما يتعلق بمحافظة الدول العربية على حماية اسرائيل وحدودها .
نعم هذا ما حصل .. انقلب الوضع .. اعلنت حالة السلام المزعوم مع اسرائيل ..اصبح القادة العرب يلعبون على المكشوف ..واصبحت السفارات الاسرائيلية امرا مألوفا ان تكون في بعض العواصم العربية كما سفاراتهم في تل ابيب ..ولكن المواطن العربي اصر على العداء كما اصر الاسرائيلي ايضا ..وبقي السلام بين قادة العدو الصهيوني وزعماء العالم العربي ... واصبح الموطن العربي الذي كان بالامس يستدعى ويحقق معه على انه اجرى اتصالا ما مع اسرائيل ..ومتهما بالخيانة ..اصبح اليوم على العكس تماما .. اذا قال انه يكره اسرائيل ويعاديها ..اصبح متهما بالارهاب ..ويستدعى ويحقق معه .. وعليه ان يثبت انه ليس عدوا لاسرائيل ..وانه مع السلام ..
يقف الانسان العربي ..ويصرخ .. ماذا تريدون منا ..هل نحن اصدقاء اسرائيل ام اعدائها ..ماذا تريدون منا . اصبحنا اليوم بلا هوية محددة .
التعليقات (0)