بعد غد تحل الذكرى المائة لميلاد نجيب محفوظ أعظم من عبر بالقلم وأرقى من صور حياة الانسان المصرى فى صراعه الأبدى من أجل صياغة حياة نبيلة , وأبرع من أخرج عواطف الانسان وحاجاته ومأساوية وجوده على الصفحات . نجيب محفوظ ليس أديبا رائعا فحسب , انه فنان فذ ومبدع يعرف كيف يتغلغل فى أعماق النفس البشرية ويستخرج كوامنها , ووطنى حتى النخاع عايش آلام وطنه وآماله , وغاص فى ماضيه واستشرف مستقبله , وشخص أمراضه وبين كيف يكون العلاج . ان قيمة نجيب محفوظ ليست فى كونه قد حصل على جائزة نوبل كما يطنطن أدعياء الثقافة حيث أطلق عليه البعض - نوبل مصر - , بل ان الجائزة هى التى ارتفعت قدرا وزادت مصداقية حين ارتبطت باسم نجيب محفوظ . الآن تحل الذكرى المائة لهذا المبد ع العظيم بينما المتثاقفون المصريون متشاغلون بالتواجد فى الفضائيات ومنهمكون فى المكلمة العبثية المنتشرة هذه الأيام , تحل الذكرى والثقافة المصرية مهددة بالاغتيال , ينشغل الكتاب فى مصر بأمور تافهة ويبدو أنهم لا يرون الخطر المتربص بحرية الفكر والفن والابداع والتى تمثل أهم مميزات الشخصية المصرية قبل أن يجرفها نظام العسكر بالتدريج منذ ستين عاما . الذى يحدث فى مصر الآن هو باختصار محاولة حجب الضوء عن أية نبتة ابداع تتخلق فى أرضها من جديد . الذى يحدث هو محاولة استئصال رحم مصر حتى تصبح عقيما لا تنجب نجيب محفوظ آخر ولا تلد أمثال طه حسين وأحمد شوقى وتوفيق الحكيم وأم كلثوم وعبد الوهاب . اننى ادعو المفكرين والكتاب المصريين أن يحاولوا الافاقة من غيبوبتهم , وأن يستلهموا روح الخالد نجيب محفوظ . بل أدعو هم الى انشاء تنظيم - كتائب الدفاع عن الثقافة المصرية - ويشرفنى أن أكون احد مؤسسيه , وأن أجعل الأيام الباقية من عمرى مجندة له , وأن يتحمل أصحاب الأقلام مسئوليتهم فى هذه الفترة العصيبة حتى تظل مصر مصدرا للابداع ونبعا للفكر وملهمة لحضارة الانسان
التعليقات (0)