جهت إسرائيل الأربعاء تحذيرا شديد اللهجة إلى لبنان بعيد اشتباكات دامية على الحدود بين البلدين، قتل فيها ضابط إسرائيلي كبير، واستشهد فيها ثلاثة لبنانيين وهم جنديان وصحفي. في هذه الأثناء أكدت قوة السلام الدولية (يونيفيل) أن الأوضاع مستقرة رغم عودة الجرافات الإسرائيلية الأربعاء إلى اقتلاع أشجار كانت شرارة اندلاع أسوأ اشتباك منذ العام 2006.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يجب أن يكون الأمر واضحا لحكومة لبنان التي نعتبرها مسؤولة على الانتهاك الصارخ ضد جنودنا.. لا تضعوا رهن الاختبار عزيمتنا على الدفاع عن مدنيي وجنود إسرائيل".
وأضاف في تصريحات وزعت على وسائل الإعلام أن "سياستنا واضحة.. إسرائيل ترد وسترد بقوة على كل هجوم ضد جنودها ومدنييها".
ويأتي هذا التصريح عقب اشتباكات هي الأخطر من نوعها التي تشهدها الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ العام 2006 والأولى من نوعها منذ عقود بين جيشي البلدين. ووقع الاشتباك عندما حاول الجيش الإسرائيلي اقتلاع شجرة بالخط الأزرق.
وأكد مسؤولون عسكريون لبنانيون أن الشجرة كانت في الجانب اللبناني من الحدود وهو ما نفاه الإسرائيليون، بينما أكد متحدث باسم اليونيفيل أن الشجرة موضع الخلاف كانت "على الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق".
اجتماع اليونيفيل
واجتمع قائد اليونيفيل الجنرال ألبرتو أسارتا كويفاس مع ضباط من الجيشين لبحث التوتر. وذكر أسارتا في بيان أن الاجتماع "كان بناء، وأكد على أهمية احترام جميع الأطراف للخط الأزرق وتجنب أي تحرك على طول الخط الأزرق قد يعتبر استفزازيا ويذكي التوتر".
وأضاف أن "الجانبين جددا التزامهما بوقف المعارك وبتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 وبالعمل مع اليونيفيل بهدف تجنب وقوع حوادث عنف في المستقبل". وقال إن "الوضع عاد إلى طبيعته والهدوء يسود منطقة عمليات اليونيفيل في الوقت الراهن".
وحددت قوات الأمم المتحدة الخط الأزرق إثر انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو/أيار 2000 بعد 22 عاما من الاحتلال، وبات بمثابة حدود مؤقتة.
وفي السياق عبر مارك رغيف الناطق باسم نتنياهو عن ارتياحه لموقف اليونيفيل الذي رأى أنه "يدعم الموقف الإسرائيلي القائل بأن جيشنا كان يقوم بأشغال روتينية جنوب الخط الأزرق في الأراضي الإسرائيلية".
وأضاف أن "الجيش اللبناني لم يكن لديه بالتالي أي مبرر لإطلاق النار على جنودنا وهجماته غير مبررة إطلاقا".
وفي واشنطن، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي أن إطلاق الجيش اللبناني النار على الجيش الإسرائيلي "لم يكن مبررا على الإطلاق".
قهوجي حمل إسرائيل مسؤولية الاشتباك (الأوروبية)
موقف لبنان
في المقابل تمسك لبنان بروايته للأحداث بأن الشجرة كانت موجودة في الأراضي اللبنانية حتى وإن كانت جنوب الخط الأزرق.
وقال وزير الإعلام اللبناني طارق متري إن إسرائيل أبلغت اليونيفيل بأنها "ستقطع شجرة، لكن الجيش اللبناني طالب القوات الدولية بضرورة التريث حتى تحضر هذه القوات إلى الموقع" المتنازع عليه.
وأضاف أن "إسرائيل تحركت من دون تنسيق مع اليونيفيل، وهو ما اعتبره الجيش اللبناني استفزازا". وشدد على أن "الشجرة تقع جنوبي الخط الأزرق، إنما فوق أرض لبنانية"، مضيفا أن "الخط الأزرق ليس مطابقا للحدود الدولية ولبنان كان متحفظا دائما عليه".
بدوره حمل قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي إسرائيل مسؤولية الاشتباك لأنها دخلت "أرضا متحفظا عليها لبنانيا، متجاهلة اعتراض الجيش واليونيفيل".
وقال الجيش اللبناني وشاهد عيان إن قوة السلام طلبت من إسرائيل الثلاثاء التوقف عن قطع الشجرة، لكن إسرائيل رفضت، وهو تفصيلٌ لم تعلق عليه اليونيفيل الأربعاء.
لكن قهوجي أضاف أن قطع الشجرة على طريق العديسة الأربعاء جاء بإشراف اليونيفيل، وطلب الضغط على إسرائيل "لوقف اعتداءاتها على لبنان" الذي رفع شكوى إلى مجلس الأمن وتلقى أيضا شكوى إسرائيلية.
وكان جنود إسرائيليون قد اقتلعوا صباح الأربعاء الشجرة بواسطة جرافة وطرحوها على الجانب الإسرائيلي من الحدود، كما اقتلعوا شجرتين أخريين.
ردود فعل
وتبع الاشتباك الثلاثاء خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله توعد فيه "بقطع يد" من يعتدي على جيش لبنان، لكنه استبعد تطور الموضوع إلى نزاع أكبر، وإن تحدث عن وجود ما يدعو إلى القلق.
وطالبت منظمة المؤتمر الإسلامي مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته و"إدانة الخروقات الإسرائيلية" لسيادة لبنان والقرار 1701، في وقت حث فيه الأمين العام الأممي بان كي مون والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا –الرئيسة الدورية لمجلس الأمن- كل الأطراف على ضبط النفس.
وعربيا أدانت سوريا وقطر والأردن ومصر "الاعتداء" على لبنان، وأدان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى "العدوان الإسرائيلي الغاشم".
وتوتر الوضع في جنوب لبنان مؤخرا حيث اشتبك أكثر من مرة جنود لليونيفيل مع قرويين اشتكوا مما اعتبروها تجاوزات من القوة الدولية، وزاد الوضع توترا الكشف المتواصل عن شبكات تجسس إسرائيلية.
التعليقات (0)