نتائج إنتخابات مجلس الشعب 2010 ..
حزب الوفد والإخوان المسلمون ..
قراءه متأنيه فيما أفرزته إنتخابات مجلس الشعب المصري من نتائج ظاهرها إكتساح الحزب الوطني لكل مقاعد المجلس والكوته أيضا الا قليلا ..
هذا "القليلا" كان من المفترض وطبقا للقراءات والتسريبات والتصريحات التي تحمل معاني أن يكون "أكثر قليلا" حتي يصل الي الثلث أو حتي الربع ولكن ما الذي ضرب بكل شيئ عرض الحائط وأنهي العمليه الإنتخابيه بتلك المجزره الديمقراطيه وتربع الحزب الحاكم علي كافه مقاعد مجلس الشعب بدون خجل أو وجل وليضرب العالم كله رؤوسه في نفس الحائط الذي ضربت فيه المعارضه رؤوسها ..
كل القراءات السابقه علي الإنتخابات كان مفادها أن الدوله "الحكومه" لديها رغبه أكيده في كبح جماح الحزب الوطني والحد من شراهته ونهمه في هذه الإنتخابات حتي "تطلع الصوره حلوه" كما تقول المقوله الدارجه في مصر ويكون هناك مجلس شعب يحوي كافه أطياف المجتمع المصري ويحوي نخبه من المثقفين والوطنيين والساسه البرلمانيين الحقيقيين والإبتعاد قدر المستطاع عن النواب سيئي السمعه كنواب الرصاص وقرارات العلاج والقمار وسميحه والمخدرات الي آخره من تلك القائمه التي لا نهايه لها خاصه ونحن علي أعتاب إنتخابات رئاسيه بعد عام واحد وأن هناك "تفاهمات” بهذا الشأن ..
ولكن ما هو السبب الذي دفع بالحكومه الي أن تطيح بكل ما كان مخططا له ومتفاهما عليه بل وتطيح بأحلام الشعب في التغيير "عن طريقها هي" أي الحكومه بل وإطلاق يد الحزب الوطني بدون قيد أو شرط بل وتسخير كافه إمكانياتها له كما كان دائما في السابق ..؟
بالرغم من أن أحدا لم يلتقي بالرئيس حسني مبارك ولم يأخذ أحد من سيادته وعدا مباشرا بالحفاظ علي نزاهه الإنتخابات الا أن الكثيرين وعلي رأسهم الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد دائما ما كانت تصريحاتهم لا تخلو من مقوله "الوعد الرئاسي" هذا وكأن شخص ما أبلغهم بذلك أو هي شماعه لمحاوله إثناء من "يُفصِّل" النتائج بالترهيب , وإتضح فيما بعد أن سياده الرئيس أدلي في السابق بحديث لمجله الشرطه تحدث فيه عن إنتحابات حره ونزيهه قادمه وكان هذا الحديث هو ما تمسكت به المعارضه علي غرار “وديعه رابين الشهيره” التي ظل الفلسطينيون يتمسكون بها حتي وفاه عرفات وربما بعد وفاته بقليل ..
وما يهمنا هنا في المقام الأول هو موقف الإخوان المسلمون وموقف حزب الوفد من هذه الإنتخابات ..
الإخوان المسلمون :-
إنضم الإخوان الي تجمع قوي المعارضه والتي شملت كل أطياف المعارضه في تجمع غير مسبوق وأعلن الدكتور البرادعي ومجموعته مقاطعه الإنتخابات البرلمانيه بهدف إحراج النظام وهو فعلا ما كان سيتسبب في حرج كبير ولكن خرجت عده أحزاب ومعهم الإخوان المسلمون عن الجمع وقرروا خوض الإنتخابات وكل منهم له حجته ومبرراته التي نحترمها ولكن ..
كانت حسابات الإخوان بها شيئ من الخطأ لأن ظروف وملابسات 2010 تختلف عن 2005 كثيرا سواء محليا أو إقليميا أو دوليا ومن المتعارف عليه أن التمدد والإنكماش السياسي للإخوان ليس محليا فقط بحكم كون التنظيم دولي ..
فإقليميا وفي عده دول عربيه منها الأردن والكويت والبحرين جائت نتائج إنتخابات برلماناتها بتراجع وإنكماش كبير جدا في عدد المقاعد التي حصل عليها الإخوان مقانه بالعام 2005 وهو ما قابله ما يشبه الترحيب الدولي فلم يترحم دوليا أحد عليهم - وهو مؤشر يجب وضعه في الحسبان السياسي - وهو ما شجع واضع الخطط السياسيه في مصر علي إتخاذ قرار إقصاء الإخوان عن البرلمان تماما بالضربه القاضيه دون أن يخشي من أيه رده فعل إقليميه أو دوليه ..
وأيضا محليا لم يكن هناك تعاطف شعبي جارف مع الإخوان كما كان في السابق فالكثير من الخدمات والتعيينات في الوظائف التي قدمها نواب الإخوان كانت لإخوان وبالتالي لم تكن الظروف مواتيه علي الإطلاق للإخوان لخوض هذه الإنتخابات ولكن كان هناك تخطيطا إخوانيا مسبقا مفاده أنهم بالرغم من كل ما حدث في السابق تمكنوا من الحصول علي 88 مقعدا وبالتالي هذه ستكون دوره الحسم ليجهزوا علي غالبيه مقاعد البرلمان ولم يتراجعوا بعد أن إستشعروا بما يدور حولهم حتي لا يتركوا الساحه خاليه للحزب الوطني أيا كانت النتائج ..
وبالتالي جائت الرياح بما لا تشتهي السفن ونفذت الحكومه ما سبق وأعلنته صراحه وبدون مواربه بأنه لا مكان للإخوان في هذا المجلس وبلهجه حاسمه ..
أما حزب الوفد :-
فتره بسيطه قبل إنتخابات مجلس الشعب كانت هناك إنتخابات داخل حزب الوفد وجائت النتائج لصالح الدكتور السيد البدوي ليترأس حزب الوفد وهذا الرجل كان لديه طموح كبير بإعاده أمجاد حزب الوفد وكانت الإنتخابات البرلمانيه هي الإختبار الأول له وقد حشد البدوي كل الحزب وكافه إمكانياته وتقدم بقائمه تربو علي المائتي مرشح لخوض معركه إنتخابيه آملا أن يتمكن الحزب من تحقيق نجاح كبير والحصول علي كم معقول من مقاعد المجلس تمكن حزب الوفد من قياده المعاضه داخل مجلس الشعب وجائت التسهيلات الحكوميه لحزب الوفد مؤشرا دالا علي ذلك وأدار الوفد حمله إعلاميه كبيره ومن هنا جائت أخطاء وخطايا حزب الوفد والتي لا غفران لها لدي الحكومه أو الحزب الحاكم وأهمها علي الإطلاق إعلان حزب الوفد عن "تشكيل حكومه الظل" .. أي ظل ..؟
ظن الوفد أننا في إنجلترا وأن حزبي العمال والمحافظون يتبادلون السلطه "بضم السين وليس فتحها" فسارع وأعلن عن تشكيل حكومه الظل وكانت هي السقطه الكبري في نظر الحكومه والتي كانت رده الفعل الفوري عليها هي أن الوفد يشكل خطوره تساوي وتعادل خطوره الإخوان وبالتالي تم تصنيف الوفد ضمن "المحظورين" ..
ولكن وتيره الأحداث لم تتوقف عند هذا الحد بل تصاعدت تصاعدا لم يكن في الحسبان فالمعتاد وكما في السابق هو بعض الإعتراضات علي النتائج تأخذ وقتها وينتهي كل شيئ ولكن هذه المره كانت الإعتراضات مختلفه سواء علي الصعيد الداخلي أو الدولي ..
رفض تام لنتائج الجوله الأولي من الإنتخابات من العالم كله الا الحزب الوطني الذي هنأ مرشحيه وإحتفل بفوزهم وحتي كتابه هذه السطور أعلن حزب الوفد والإخوان مقاطعه الجوله الثانيه والإنسحاب وإستقاله عدد كبير من أعضاء حزب التجمع إحتجاجا علي رفض الحزب الإنسحاب من الجوله الثانيه ..
وأخيرا جائت نتائج الإنتخابات تصب كلها في صالح الدكتور البرادعي ومجموعته والذين نشطوا في الأيام القليله الماضيه لإستثمار هذه الغضبه الشعبيه والدوليه إستثمارا جيدا في لم شمل المعارضه مره أخري والإستفاده من الرفض الشعبي لهذه الإنتخابات لتعود الأمور مره أخري الي المربع الأول وتصبح الدوله بكافه أجهزتها وحزبها المهيمن علي المحك وقادم الأيام هو الذي سيحدد أين ستؤول الأمور ..
مجدي المصري
التعليقات (0)