هناك نخب سياسية وقوى وطنية وإسلامية تعتقد أن الانتخابات المزمع إجراؤها بعد عام هي أفضل السبل لإنهاء الانقسام، وأن من يفوز في تلك الانتخابات يمتلك الشرعية السياسية التي تؤهله لأن يختار شكل المسار السياسي الذي يريد.
وهذا خطأ كبير سيترتب عليه إشكاليات مستقبلية صادرة من أزمة بنيوية للنظام السياسي الفلسطيني، كون الانتخابات الفلسطينية المقبلة ستضم ثلاث مؤسسات سياسية هامة هي المجلس الوطني، الرئاسة، المجلس التشريعي، ولا يوجد ما ينظم العلاقة بين المؤسسات الثلاثة، حتى القانون الأساسي المعدل في عام 2005، لم يحسم إشكاليات النظام، وتداخل الصلاحيات التي أوصلتنا إلى الانتقال من الاشتباك السياسي إلى الاشتباك العسكري.
سيناريوهات النتائج:
أولاً: فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في انتخابات المجلس الوطني وخسارتها للرئاسة وتقاسمها مقاعد المجلس التشريعي.
أعتقد أن هذا السيناريو من أكثر السيناريوهات واقعية، فحماس منذ سنوات وهي تعمل في الساحات الخارجية، وتقدم خدمات جليلة لللاجئ الفلسطيني في كل المجالات، وتتبنى خطاً سياسياً يعبر عن نبض ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان ومصر وغيرهما، كل ذلك سيؤهلها لأن تحسم حماس العدد الأكبر من مقاعد المجلس الوطني ضمن النسبة المخصصة لفلسطينيي الشتات.
أما الفلسطينيين في أراضي السلطة الفلسطينية وحسب قانون الانتخابات(رقم 9) المادة الثانية التي تقول: " يكون أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين، أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني فور أدائهم القسم القانوني، وفقا لأحكام النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية " .
وهذا السيناريو سيعطي حركة حماس صلاحيات واسعة، ومن أبرز تلك الصلاحيات حل السلطة الفلسطينية.
ثانياً: فوز فتح أو حماس في المؤسسات الثلاث
أيضاً هذا السيناريو قد يتحقق، ولكن في غياب ثقافة الشراكة السياسية، وحجم التدخلات الدولية في قضيتنا، ومع وجود الاحتلال، لن يستطيع هذا الطرف مهما كانت قوته أن يبسط ذراعيه على جناحي الوطن ويمارس الحكم بأريحية، لأن أربع سنوات من الانقسام مكنت حركة فتح من بسط هيمنتها على الضفة الغربية وحركة حماس على قطاع غزة، فكيف سيمارس الحكم من سيفوز...
ثالثاً: فوز المستقلين أو أحزاب اليسار
هذا سيناريو بعيد عن الواقع، ولكن هذا لا يمنع أن يحصل المستقلين أو أحزاب اليسار على مقاعد تؤهلهم لأن يكونوا الفيصل في حسم الكثير من القضايا في المجلسين التشريعي والوطني، ويكون لهم دور في المرحلة القادمة، وستعمل حركة فتح وحماس على استقطابهم، وسيكون النظام السياسي الفلسطيني المأزوم على موعد مع سياسة محاور وأحلاف جديدة قد توصلنا إلى الهاوية.
ما هو الخيار البديل..؟
ما سبق لا يعني أنني ضد العملية الديمقراطية والاحتكام لإرادة الشعوب، ولكن واقع فلسطين يختلف عن باقي دول العالم، ففلسطين ما زالت محتلة، ومستهدفة من العديد من القوى العالمية، وخاضت تجربة سابقة في يناير/2006م، أقر العالم أجمع بنزاهتها ولكنه رفض التعاطي مع نتائجها كونها أفرزت حركة حماس (الإرهابية) التي تقاتل إسرائيل ولا تعترف بها، فماذا تغير في المشهد الدولي كي يقبل حماس في حال فوزها بالانتخابات المقبلة، وأين هي ثقافة الشراكة السياسية التي ستمنح الفريق الفائز من ممارسة الحكم، وهل تطرقت ورقة المصالحة لعلاج أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وهل نحن محصّنين من التدخل الخارجي.
وهنا أطرح خيارات بديلة،منها:
1- التوافق بين كل الأطراف الفلسطينية على تحديد مفهوم المشروع الوطني وآليات تحقيقه، ومقومات صموده.
2- تعزيز ثقافة الشراكة السياسية من خلال زيادة مدة الفترة الانتقالية.
3- البدء الفوري بتشخيص أمراض النظام السياسي الفلسطيني والعمل على علاجها، من خلال مراجعة القانون الأساسي.
4- ما زلنا نعيش تحت الاحتلال، فمن الممكن أن نتوافق فيما بيننا على إدارة مؤسساتنا من خلال تكليف قيادة وطنية تمثل الكل الوطني الفلسطيني لتحقيق المشروع الوطني.
5- في حال عقد الانتخابات بناء على اتفاق المصالحة، لابد الأخذ بعين الاعتبار إلزام المرشحين والقوائم الانتخابية بأربع ثوابت تكون ضمن البرامج الانتخابية وهي:
أ- عدم المساس بالثوابت الوطنية.
ب- عدم المساس بسلاح المقاومة.
ت- تحريم الاعتقالات السياسية.
ث- احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان.
التعليقات (0)