حسم الجدل في صحة الانتخابات التونسية , بالاقرار بأنها انتخابات شفافة ونموذجية لسببين : اولهما ـ شهادة المراقبين الدوليين الايجابية , وانها انتخابات شفافة ونزيهة لم يشوبها اي حالة من التزوير او التدخل الخارجي ,سواء من الحكومة المؤقتة او من دول اجنبية .
وثانيهما ـ الاقبال الواسع من قبل الشعب التونسي على الانتخابات , ما لم تشهده تونس في العهود السابقة , حيث تجاوزت نسبة الاقبال ما بين 70 ـ 90 بالمئه من اصل 4,1 مليون ناخب .
اما فوز حزب النهضة الذي يتزعمه الشيخ راشد الغنوشي , الذي عاد الى تونس بعد هرب زين العابدين بن علي من البلاد , وحصول حزبه على الترخيص في شهر اذار الماضي . فهو فوز كان متوقعا لاكثر من سبب :
1 . ان الحزب ذو خطاب ديني معتدل .
2 . طبيعة الشعب التونسي المتدين , رغم كل المظاهر المتحررة التي وفرها النظام السابق .
3. تعاطف الشعب مع هذا الحزب لانه تعرض الى الاضطهاد والقمع من نظام بن علي , حاله حال الاحزاب اليسارية والقومية .
4. تصريحات الغنوشي وانصاره المطمئنة للشعب , بان فوز الحزب لن يغير من الطبيعة العلمانية , وخاصة في قطاعات السياحة والاستثمار والمرأة .
فاز حزب النهضة بحوالي نصف مقاعد المجلس الوطني التأسيسي الاول في تونس , وجاء بالمرتبة الثانية والثالثة : حزب التكتل من أجل العمل وهو حزب يساري . وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهو حزب يساري عروبي يرأسه منصف المرزوقي .
فوز حزب النهضة ومعه الحزبين الاخرين سيؤهلهم تشكيل المجلس الوطني التأسيسي الاول في العهد الجديد , ومن مهماته : وضع دستور جديد لتونس . وانتخاب رئيس انتقالي للبلاد , ورئيس وزراء .
بات حكما ان حزب النهضة هو الحاكم في البلاد , بالتحالف مع الحزبين الاخرين او بالتحالف مع احدهما . وهذا ما اثار حفيظة القوى اليسارية التي حاولت التشكيك في نزاهة الانتخابات , ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل لان المراقبين الدوليين اشادوا بالانتخابات وبنزاهتها وشفافيتها . كما اتهمت زعماء النهضة بأخذهم اموال من دول الخليج العربي للصرف اثناء الانتخابات , ولكن هذه التهمة بحاجة الى براهين مقنعة .
مخاوف القوى اليسارية استوعبها زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي منذ اشهر عده , فادلى بتصريحات تطمئن الشعب التونسي والقوى اليسارية , بأن فوز النهضة لن يغير من الثوابت الاساسية مثل :
1. تعهده باقامة مجتمع تعددي وعلماني .
2. احترام حقوق الانسان .
3. عدم الانتقاص من حرية المرأة .
4. ضمان تسهيل عمل المستثمرين الاجانب في تونس .
5. تحقيق الاستقرار في البلاد .
6. الالتزام بكافة التعهدات والمواثيق والاتفاقيات التي ابرمتها الدولة في السابق .
وذهب البعض الى ان حزب النهضة طمأن قطاع السياحة بانه لن يغير في واقع البلاجات الشاطئية ولن يمنع لباس البكيني عليها .
هذه التطمينات تؤشر ان العهد الجديد سيكون شبيها بالحكم في تركيا الذي يتزعمه رجب طيب اردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية .
فوز حزب النهضة التونسي فتح شهية الاحزاب الدينية في مصر وليبيا . وبات التخوف اكثر من هذه الاحتمالات , نظرا لان البلدين مصر وليبيا فيهما نخب متطرفة قد تجنح الى العنف اذا تسلمت السلطة . وهو خوف فيه قدر من الصحة ,والايام المقبلة تحمل ما قد نحذر منه .
التعليقات (0)