قرات للتو فى جريدة إيلاف تصريحا لوزير الثقافة التونسى مهدى مبروك يقول فيه -إن العديد من الفنانين لن يطؤو ا خشبة مسرح قرطاج إلا على جثتى - وقد خص الوزير كلا من الفنانتين - نانسى عجرم , وأليسا - بالذكر وقد علل الوزير هذا الموقف بأن الوزارة تسعى للإرتقاء بالذائقة الفنية . ولقد أحدث هذا التصريح ردود فعل واسعة عند الكثير من مثقفى تونس وفنانيها ففى الوقت الذى هاجمه البعض على أساس أنه ليس من حق أحد أن يفرض ذائقته الفنية على الجماهير , أيده البعض الآخر على أساس أن هاتين الفنانتين صنيعة شركات تتاجر بجمال أجسادهن . مثل هذا الأمر بدأ يحدث فى مصر . إننى أنظر إلى مثل هذه التطورات على أنها نتاج ما أطلق عليه ثورات الربيع العربى التى أوصلت التيار الدينى المحافظ إلى منصة صنع القرار وهذا التيار له موقف واضح من الفن عموما ومن النساء بصفة خاصة , من ناحية أخرى فإن كلمة - على جثتى- التى وردت على لسان وزير حزب النهضة كلمة مستفزة فيها معنى الإرهاب الذى يليق بعقائدى متطرف لا بوزير ثقافة . إننى أرى أنه لا يصح أن نحدد للناس ذائقتهم الفنية , ولا أعرف إلا أن الفن يتم الحكم عليه من قبل الفنانين والجمهور المتلقى له لا من قبل السياسيين , وأتساءل لو طبقنا معايير هذا الوزير ورفاق دربه الذين يتأهبون لهجمة أشرس على الفن المصرى لما سمعنا أغنيات لأمثال شادية وسعاد حسنى جميلتا الشاشة المصرية ولحكمنا على فنانات الرقص الشرقى بالرجم , . إن الشعب المصرى ومعه الشعب العربى كله قد استمتع بفن أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم من أصحاب هذا اللون الرائع من الغناء وفى نفس الوقت استمتع بالرقص الشرقى وبأغنيات شادية وسعاد حسنى . . يجب ترك الحكم على الفن للجماهير , ولا يعيب الفنانة أنها جميلة القوام طالما أنها لم تتفوه بكلمات خادشة أو غير لا ئقة . إن سياسة الحجر والحظر هى بداية لموقف متعنت من الإبداع بصفة عامة هذا الموقف الذى يتدخل فى عواطف الناس وأذواقهم الخاصة . إن المسرح والسينما ليس قاعات للدرس ولا للوعظ ولا يذهب الناس إليها ليتلقوا دروسا فى الأخلاق , ولكنهما أدوات تعبر عن واقع البشر بمزاياهم ونقائصهم وأحلامهم وكل ما يجيش فى صدورهم من مشاعر وعواطف . ارفعوا أيديكم عن الفنون فلم تكن أبدا سببا فى انحلال الشعوب ولا تخلفها , وإنما كان السبب دائما يكمن فى الاستبداد والقهر مهما كانت الثياب التى يرتديها
التعليقات (0)