نامتْ... لتقولَ لهُ احبُّكْ
قصّة قصيرة لسعيف علي الظريف
نامت تتوسده. لم يكن معها لكنه يعيش في مخدتها، ويضع كل يوم زهرا، و نوارا، و نيلوفرا، ونيرولي، و قشور برتقال، ...عطور الشرق ... بخورا... سكا... .فتحت درجها، و أخرجت لفائف الرسائل التي وصلتها الأسبوع الماضي، بعد أن وضعت صورتها وعنوانها في ركن التعارف و الصداقة على جريدة اليوم.... كانت الرسائل من كل مكان .الجزائر،...مصر،...قطر،...عمان،.....يحبون التعارف. ضلَّ ساعي البريد يمر كل صباح، وهو يكاد يسقط من الدراجة. كان المنزل في أعلى الهضبة الشمالية للقرية . كانت تبعد حوالي خمسة أميال عن مركز البريد.كان شابا قويا ، حسن الملمح ،مغرما بتصفيف شعره .... كان لا يتكلم إلا لِمامًا و يده تمر على التصفيف يتعهد زواياه و يسوِّيه.... كانت تراه ينظر إلى المرآة العاكسة ليرى ماذا فعلت الريح بشعره.إعتادتْ أن تنتظِره كل صباح و تعد له بعض الحلْوى و عصير برتقال .كان يأخذه على عجل .وهويسلمها الرسائل .كان يصيح في لعب هذه الجزار ..هذه السودان ..هذه سوريا.. وبلاد أخرىكثيرة....كان يضحك ثم يمضي.انتظرت في ذلك الصباح مجيئه .لكنه لم يأت .إنتصف النهار ...همت أن تذهب إلى مركز البريد لتتفقده... لكنها لم تكن تستطيع الخروج....كان الغداء على النار و موعد رجوع أبيها من العمل قداقترب.كانت تحس بانقباض... بدا عليها التوتر وهي تنادي أختها هل شاهدت ساعي البريد يأتي بالرسائل....كانت تعرف الإجابة لكنها كانت تريد أن تتكلم مع أحد....أخذت رسائل البارحة، لكنها لم ت.... مد لها لفافة من الرسائل كانت كبيرة ...فجاءتها الكمية........عادت إلى الرسائل لترى التواريخ،... لكنهالم تكن بعيدة .....لماذا فعل هذا؟ ... .لم تفهم لكنها أرادت أن تقول لرئيس مكتب البريد أنها سامحته،... و أنها لا ترى ضيرا من أن يحتفظ بها عنده .....أرادت أن تكذب أن تقول أنها طلبت منه أن يحتفظ بها....لكنها لم تستطع.... كان رئيس المكتب زوج متها.دخلت إلى حجرتها بكت...كانت تحبه وكانت ترسل صورها إلى ركن التعارف في جريدة اليوم لكي يأتي إليها كل يوم ليشرب العصير....كانت تحبه... زادت اليوم شوقا إليه....ناملكنها لم تنسه.نامت لتقول ،أحبك. و تقلِب قلبها على الشوقْ .نامت. لم تنمْ، و رأت في نومها البحر ورأت حمرة المرجان وتمنت أن يكون مخدتها.مازالت تنتظر ساعي البريد كل صباح لتقول له صباح الخير و هي تمضي بابنتها الصغيرة إلى البستان لتقطف زهرة ثم تذروها في ريح الشمال التي كانت تهب بين الفينة و لااخرى في غير انتظام وتنادي ابنتها.
هل رأيت يا سامية كيف تطير الزهور؟
سعيف علي الظريف
التعليقات (0)